انهمك رجل القرآن الكريم في تلك البقاع الفاتنة في تدريسه حتى آخر رمق من حياته التي كان يصفها بأنها قصيرة من قلّة العبادة.
ولا ترى أحداً حافظاً لكتاب الله هناك إلا كانت لهذا الرجل النحيل المتواضع ذي اللحية الخفيفة يدٌ في تحفيظه في مدرسته التي أقامها في داره آخر حياته، أو عن طريق أحد تلامذته الكثر.
المغفور له الشيخ القوني كان يكتب القرآن الكريم بخط مغربي قديم، بألوان مصنوعة على طريقة القدماء بمنحوت الأحجار الملونة والصمغ وسكن القدور والماء، يزيّن الصحائف بزخارف هندسية ملونة، وقد كتب هذا المصاحف بيده أكثر ، ويقال إنه كتب أكثر من 100 مصحف من حفظه، وأهداها إلى الوجهاء والعلماء المعتنين بتعليم القرآن، وأكثر كتابته برواية ورش عن نافع المدني.
ورتبة "القوني" التي كان يحملها الشيخ من المراتب العالية في مجال القرآن الكريم في الامصار الإسلامية وسط إفريقيا كانت معروفة في وسط إفريقيا وغربها مثل غانة ومالي وكانم البرنو والخلافة الصُّكْتيّة وصولاً إلى التنجر والفور… وهي تعادل الشهادة العليا الماجستير أو الدكتوراه في علوم القرآن الكريم.