فجّرت الطائرة الإماراتية التي حطت للمرة الأولى، مساء الثلاثاء الماضي، في فلسطين المحتلة، عاصفة من الخلاف الفلسطيني ــــ الفلسطيني، بجانب انتقادات من حركة «فتح» للإمارات. الطائرة التي جاءت تحت عنوان «المساعدات الإماراتية لفلسطين، لمكافحة فيروس كورونا»، هي تابعة لشركة «الاتحاد للطيران» المملوكة بدورها لحكومة أبو ظبي، وهبطت في مطار اللد المحتل شرقي تل أبيب، وتحمل شحنة من الإمدادات والمساعدات الطبية التي قيل إنها مخصصة للفلسطينيين.
وفقاً لمصادر في الشركة، لم يكن هناك ركاب على متن هذه الطائرة التي تعدّ أول رحلة رسمية إماراتية إلى الاراضي المحتلة، دون إجابة حول السبب في عدم إرسالها إلى عمّان أو القاهرة، ومن ثم الضفة أو غزة.
وكان توني دوغلاس، وهو الرئيس التنفيذي للشركة، قد أكد إجراء الرحلة، قائلاً: «من يدري، العالم يتغير». كما تأتي هذه الرحلة بعدما كشف الإعلام العبري عن نقل طائرة إماراتية فاخرة، يملكها أحد رجال الأعمال، إسرائيليين عالقين في المغرب إلى تل أبيب. والإمارات هي الدولة الخليجية الثانية بعد قطر التي تنحو إلى بناء علاقات متكاملة مع كيان الاحتلال، والثالثة من بعد المغرب في التطبيع في مجالي السياحة والتجارة، ضمن الدول التي لا تقول إنها تقيم علاقات رسمية مثل مصر والأردن.
في تفاصيل الحمولة، أقلت الطائرة 14 طناً من المعدات الطبية المفترض أنها مخصصة للسلطة الفلسطينية، وتشمل الملابس الواقية وأجهزة التنفس ومعدات طبية أخرى من المخطط أن توزع على الجهاز الصحي في الضفة المحتلة وقطاع غزة. تقول مصادر مطلعة إن هذه المساعدات هي الثانية بعد أخرى قدمت إلى برامج الأمم المتحدة الإنمائية والإغاثية لمواجهة «كورونا»، وقد تواصلنا مع مصدر في الأمم المتحدة في غزة قال إن الأخيرة تعمل على إرسال المنحة الطبية الإماراتية إلى حيث تشتد الحاجة إليها، وإن من المرجح أن يذهب جزء كبير إلى القطاع.
لكن هذه الدفعة أثارت حفيظة رام الله التي تقول إنها لم تكن على علم مسبق بها، وإنها ترفض تسلّمها أو التعامل معها. يقول وزير التنمية الاجتماعية في الحكومة الفلسطينية، أحمد مجدلاني، إن موقف السلطة من هذه المساعدات «نهائي»، لأن الأمر لم يتم بالتنسيق معها. ويضيف في حديث إلى «الأخبار»: «سمعنا عن الرحلة في الأخبار. حتى سفيرنا في الإمارات لا علم له عما حدث. الواضح أن الأمر جسر للتطبيع المباشر على حسابنا»، مستدركاً: «التوقيت هو للتغطية على نقل طائرة إماراتية خاصة عدداً من اليهود المحتجزين في المغرب عبر مطار اللد المحتل».
كذلك، يقول القيادي في حركة «فتح» عبد الله عبد الله، لـ«الأخبار»، «يؤسفنا أن يتم هذا الحدث حتى دون إعلام السلطة. نحن نجلّ الإمارات حكومة وشعباً ولها مكانة مميزة لدينا». ويضيف: «بهذه الطريقة، تبدو المساعدات كأنها تأتينا من كيان الاحتلال، وربما يستفيد منها أعداء العرب من مشجعي التطبيع. نرجو ألا يتكرر الأمر، فأبوابنا مفتوحة كسلطة لاستقبال أي مساعدة من أي دولة عربية». وبشأن اعتبار الحادثة تطبيعاً علنياً، يجيب عبد الله: «الأمر يعتمد على كيف تنظر القيادة السياسية للإمارات إلى هذا الأمر، أو دوافعها، لكننا بصراحة لا نراها خطوة إيجابية».
في المقابل، وصف الإعلام العبري الحدث بـ«الاستثنائي والتاريخي»، مروجاً في سبيل المكايدة السياسية أن هذه المساعدات ستذهب إلى غزة جراء رفض السلطة تسلمها. كما قال حساب «إسرائيل في الخليج» التابع للخارجية الإسرائيلية: «نأمل أن تكون الرحلة فاتحة خير ومبشّرة بتدشين رحلات تحمل سياحاً إلى إسرائيل». ويتزامن هبوط هذه الطائرة مع إحياء الشعب الفلسطيني ذكرى النكبة الـ 72 وهو ما أثار غضباً كبيراً في الداخل.
الوحيد الذي رحّب بهذه المساعدات هو تيار دحلان
أما «التيار الإصلاحي» في «فتح»، بقيادة القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، فتقدم بالشكر للإمارات عبر بيان قال فيه إن المهمة أتت ثمار «التنسيق الكامل مع هيئة الأمم المتحدة ومبعوثها نيكولاي ملادينوف»، مستنكراً رفض السلطة للمساعدات. تواصلنا مع مصادر في التيار، فقالت إن الأمر ليس له علاقة بهم وإنه مرهون بالأمم المتحدة حصراً، لكن لديهم علم بأن «المساعدات ستصل غزة بعد رفض السلطة تسلمها... الموضوع للإمارات إنساني بالدرجة الأولى وهذه المساعدات جزء من حملة في أفريقيا وآسيا وأوروبا».
وبالنسبة إلى موقف وزارة الصحة في غزة، نقلت مواقع محلية عن مسؤولين فيها أنه لا علم لهم بأي شحنة مساعدات لغزة من أبو ظبي. ويفيد عضو المجلس التشريعي في غزة عن «حماس» يحيى موسى، بأنه «لا علم لنا بهذه المساعدات ولم تتحدث إلينا أي جهة حولها»، قائلاً لـ«الأخبار» بشأن قبولها: «هذا أمر سابق لأوانه، كما أننا لا نجيب عن أمور افتراضية».
الاخبار_ريم رشيد