إذن وبعد طول إنتظار.. توصلت دول مجموعة "أوبك بلاس" إلى اتفاق وصف بالتاريخي على خفض إنتاجِ النفط إلى مستوى تسعة فاصل سبعة مليون برميل يوميا أي نحوَ عشرةٍ بالمائة من العرضِ العالمي والذي مثل أكبر تخفيض من أي وقت مضى.
تساؤلات عدة طرحها اتفاق "أوبك بلاس" أهمها تأثير هذا الإتفاق على أسعار النفط في ظل التراجع الكبير الذي تواجهه في الأسواق العالمية.. فالاتفاق الذي جرى على هذا الحجم من التخفيض بحاجة -كما يرى المراقبون- إلى زيادة تعميق التخفيض أكثر خاصة وأن المؤشرات تؤكد تراجع الطلب على النفط بنسبة ثلاثين بالمئة بينما شمل تخفيض أوبك نسبة عشرة بالمئة فقط أي بفارق عشرين بالمائة وهي نسبة غير كافية لإحداث التوازن المطلوب الأمر الذي يفسر تراجع أسعار النفط أكثر.
لكن الآمال في انتعاش أسعار النفط في الأسواق ولملمة الفوضى التي افتعلتها بعض الدول تتطلب أيضاً تعاوناً دولياً.. وقد أعلنت المنظمة الإفريقية لمنتجي النفط (أبو) عن قرارها بدعم جهود "أوبك بلاس" لتحقيق الاستقرار في السوق النفطي العالمي من خلال خفض إنتاجها، وأكدت أنها ستبلغ أوبك في المستقبل القريب بتفاصيل خطة التخفيض.
مجموعة أوبك بلاس وهي أعضاءُ منظمةِ "أوبك" وروسيا وبلدان أخرى مصدرةٌ للنفط؛ جاء إتفاقها على أنقاض حرب نفطية قادتها المملكة العربية السعودية طيلة الأسابيع الماضية ضد دول بعينها وحاولت من خلالها إغراق الأسواق بالنفط الأمر الذي فاقم من الأزمة التي تعاني منها أسعار النفط بالأصل نتيجة إنخفاض الطلب العالمي وإنعكاسات تفشي وباء كورونا.
الولايات المتحدة التي كانت قد شجعت ودعمت حرب السعودية النفطية في البداية؛ سرعان ما تراجعت عن ذلك بعد أن ارتدت الأمور عليها وبعد أن أدركت تأثير هذه الحرب الشعواء على إقتصادها وصادراتها النفطية ومشاريعها الإقتصادية خاصة فيما يتعلق بمشروع النفط الصخري.. وأدركت أن حرب الأسعار تعرض عشرات من شركات النفط الأمريكية لشبح الإفلاس وتؤدي إلى تسريح الآلاف من العمال في أمريكا كما توقع ذلك الرئيس ترامب.
بالتالي فإن الوضع الكارثي الذي وصف ترامب حال الولايات المتحدة في ظل وباء كورونا قد يكون موازياً لوضع كارثي آخر ينتظره الإقتصاد الأمريكي بفعل الحرب النفطية السعودية ما دفع بنواب بمجلس الشيوخ الأمريكي إلى دق ناقوس الخطر ومخاطبة السعودية مراراً وتكرار بوضع حد لتدهور أسعار النفط بل وصل الأمر إلى مطالبتهم بإنهاء الحماية الأمريكية لنظام آل سعود من خلال إقرار تشريع لاخراج القوات الأمريكية من السعودية وسحب صواريخ باتريوت وأنظمة الدفاع ثاد منها.
ضيوف الحلقة:
سعيد دودين - مدير مؤسسة عالم واحد للبحث والاعلام
محمود الصالح - كاتب وباحث سياسي