إن ما يميز التقنية النووية في إيران عدة أمور، ومن أهمها إعتمادها على الخبرات الداخلية لذلك لم يفلح الحظر الأميركي المشدد طيلة كل السنوات المديدة من التأثير عليه أو تحجيمه، وقد وضعت أميركا وحلفاؤها المزيد من العراقيل بوجه إيران لئلا تطور هذا القطاع، لذلك فإن أيا من الإنجازات التي تحققت وتتحقق في هذا المجال لها قيمة كبرى من حيث اعتبارها تشكل خطوة نحو مزيد من الاكتفاء الذاتي والاستقلالية لإيران الإسلامية.
والأمر الهام الآخر الذي امتازت به التقنية النووية الإيرانية، هو سلميتها، وليس هذا الامر فقط مجرد إدعاء، بل إن الموضوع النووي الإيراني حاز على حصة الأسد من عمليات التفتيش الدولية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي أيدت مرارا وتكرار عدم إنحراف البرنامج النووي عن الأغراض السلمية.
وتحل هذا العام مناسبة اليوم الوطني للتقنية النووية في ايران، مع بعض التطورات، إذ أن إيران وبعد أن صبرت عاما كاملا ومنحت الفرصة الدبلوماسية لأوروبا لكي تلبي التزاماتها بالإتفاق النووي، لكن اكتفت الدول الاوروبية بالتصريحات المماطلة، وذلك إما لضعفها وعجزها في مواجهة السياسة الاميركية، أو لأننا بالأساس لا ترغب بذلك. وسواء هذا أم ذاك، فقد انتهت الفرصة ولم تتخذ اوروبا أي خطوة عملية تلبي المطالب الإيرانية، المتمثلة بفتح السوق أمامها للتعويض عن الحظر والاستفادة من ميزات الاتفاق النووي. وكانت بعض الآليات قد طرحت من قبيل آلية التبادل المالي، لكنها لم تكن كافية. لذلك اتخذت إيران خطوات خمس متتوالية للحد من إلتزامتها بالاتفاق النووي لإعادة التوازن الى الاتفاق وحددت مهلة شهرين بين الخطوة والأخرى.
وبهذه الخطوات تحللت إيران من عدة قيود فرضها عليها الاتفاق النووي، بما فيها تحديد النسبة المئوية لتخصيب اليورانيوم وتحديد سقف لحجم مخزون اليورانيوم وكذلك عدد أجهزة الطرد المركزي. لذلك تحرر الباحثون النوويون الايرانيون من الكثير من القيود للقيام بأبحاثهم وتطويرهم للقطاع النووي.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية، علي اكبر صالحي، في بيان أصدره عشية اليوم الوطني للتقنية النووية، أن المنظمة حققت 122 إنجازا جديدا في العام الماضي، واعتبرها بداية واعدة لفصل جديد في التطوير الشامل لأنشطة منظمة الطاقة الذرية.
وأوضح صالحي أن هذه الإنجازات جاءت نتيجة للجهود الدؤوبة التي بذلها عدد كبير من باحثي ومحققي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والتي تبشر ببدء مرحلة جديدة للتنمية الشاملة لانشطة منظمة الطاقة الذرية الايرانية.
وأضاف صالحي في بيانه انه يعرض في هذه الأثناء وبشكل مجمل التوسع في المنتجات والخدمات المتعلقة بقطاع الطب النووي وسد احتياجات البلاد للادوية والمراكز الطبية والصحية بالبلاد وعلى نطاق واسع وشامل وبسرعة مقبولة و من الواضح أنه في ظل الوضع الحالي الخطير الذي تأثرت فيه إيران الإسلامية بالحظر الظالم للاستكبار العالمي، فإن تلبية احتياجات الوسط الطبي في البلاد يعتبر واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا وله أهمية خاصة بالنسبة لنا.
وجاء في البيان إن تحقيق الاهداف العامة المرسومة في مجال دورة الوقود النووي - بما في ذلك توسيع أنشطة التنقيب واستخراج خامات الصناعة النووية، وتسريع أنشطة البحث والتطوير وتخصيب اليورانيوم وكذلك تعزيز برنامج بناء الوحدات 2 و 3 من محطة بوشهر النووية وتطوير تكنولوجيات نووية جديدة تجري بجدية وجهود مضاعفة.
والتطور الآخر الذي تزامن مع اليوم الوطني للتقنية النووية، هو إنتشار فايروس كورونا في البلاد الامر الذي أثر على الكثير من الفعاليات الاجتماعية، بما فيها هذه المناسبة، وفي هذا السياق قال رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية حسن روحاني، خلال اجتماع مجلس الوزراء: خلال هذه السنة كنا قد خططنا أكثر من العام الماضي، ولقد حققنا المزيد من التقدم العلمي النووي خلال هذه الفترة، وخاصة منذ شهر ايار/مايو من السنة الماضية، حيث تمكن باحثونا من مواصلة نشاطاتهم بدون أي عقبات وحققوا إنجازات كبيرة.
وأضاف روحاني: لقد أرجأنا عرض هذه الانجازات إلى يوم آخر، مبينا أن هذه الإنجازات لها استخدامات في المجال الطبي والصحي والعلاجي، فالتقنية النووية يمكنها اليوم ان تساعدنا في الكثير من المجالات.
ولفت إلى أننا شاهدنا من خلال التواصل مع إحدى المحافظات عبر الفيديو كونفرانس، أن مركزا لأشعة غاما يساعد في إنتاج الكمامات ويمكنه ان يكون مؤثرا في مختلف القطاعات الزراعية وغير الزراعية.
إن الجمهورية الاسلامية الايرانية ماضية قدما في تحقيق التقدم والتطوير رغم كل الصعوبات سواء الحظر الأميركي الجائر او انتشار كورونا، وهذا الامر يمنح إنجازاتها المزيد من القيمة والاهمية، ولن تعيقها العراقيل وسترينا قادم الايام المزيد من الإنجازات والتقدم.