فجأة.. ومن غير سابق إنذار بدأت الولايات المتحدة الإنسحاب من مقرات وقواعد عسكرية في العراق وقد سلمت مقرها في محافظة نينوى في الشمال الى وزارة الدفاع العراقية وذلك بعد فترة من تسليم قاعتي "كي وان" و"القيَّارة" أيضاً.
مصادر عراقية أشارت إلى أن القوات الاميركية بصدد الانسحاب من قواعد التاجي قرب بغداد وبسماية والقصور الرئاسية بالموصل لكن هذا التسليم لا يعتبر في الواقع انسحابا كاملا ما لم تنسحب من قواعد رئيسية؛ مثل قاعدة عين الأسد في غرب البلاد.
ومن هنا فإن قيادات الحشد الشعبي الذي خلّص العراق من تنظيم داعش الإرهابي حذرت من ان الانسحاب الاميركي من بعض قواعده في العراق، ليس الا تكتیكيا عسكريا وأشارت إلى أن تعدد هذه القواعد وتعرضها للضرب المستمر من قبل الفصائل والشعب العراقي، يوسع من حجم الخسائر في الصفوف الاميركية وإن القواعد التي انسحبت الولايات المتحدة منها هي قواعد غيرمؤمنة بالكامل وإن واشنطن تهدف إلى معالجة تموضعها في العراق، وبالتالي ان هذا الإنسحاب لا يبشر بخير ولا يمكن اعتباره تنفيذا لقرار البرلمان العراقي أو استجابة لقرار الحكومة العراقية بخروج القوات الأميركية من العراق.
إذن.. الولايات المتحدة أقدمت على إخلاء قواعدها لأسباب مُحددة. فهي من ناحية تريد التقليل من الهجمات على قواعدها التي تحدث بين الحين والآخر، وأن توهم الشعب العراقي أنها تحمل نوايا طيبة وأنها بدأت بتنفيذ مطالبه بالإنسحاب من العراق وكذلك تريد إبعاد جنودها من إحتمال الإصابة بوباء الـ"كورونا".
ومن هنا فقد حذر مسؤولون عراقيون من أنه قد تكون هناك نوايا مبيتة وراء هذه الانسحابات وهو يهدف لتصيعد أكبر داخل العراق وخاصة ضد الحشد الشعبي. وأن الانسحابات تهدف إلى إبعاد القوات الأميركية إلى قواعد صعبة الاستهداف من نيران التيارات العراقية المعارضة للتواجد الاميركي.
ما يؤكد هذه الفرضيات تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" بأن التصدي لمجموعات المقاومة العراقية أضحى مدرجا وبشكل جاد على جدول أعمال الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لكن يبقى ما هو أهم وهو حق الشعب العراقي ان يقاوم اميركا ومخططاتها واهدافها المشؤومة فالولايات المتحدة تشكل عائقاً حقيقياً أمام تقدم العراق وإزدهار وتحقيق الوحدة الوطنية والتوافق بين أبناءه للخروج من الأزمات التي يعاني منها والتحديات التي يواجهها، وتشكيل الحكومة هي أهم هذه التحديات التي لازال العراق يحاول حلها بعيداً عن الضغوط والعراقيل التي تضعها الولايات المتحدة.
ضيوف الحلقة:
زيد العيسى - باحث ومحلل سياسي
كريم بدر - كاتب ومحلل سياسي