هل هناك سلاح أكثر فتكا من هذا السلاح، فقد تعرض الاقتصاد الصيني لشلل كامل في غضون أيام دون اطلاق رصاصة واحدة، ودون اتخاذ المزيد من الاجراءات، ودون اللجوء الى لغة التهديد والوعيد، ومع أن أصابع الاتهام كلها متجهة نحو واشنطن، ولكن بدأت الأخيرة بشن حملة واسعة ضد الصين لأنها تعافت بسرعة من الفايروس، وبدأت تستعيد الخسائر التي تعرض لها اقتصادها، فما كان من الادارة الأميركية الا أن تتبنى خطابا جديدا ضد الصين، حيث بدأت تثير الشكوك حول تعرضها للفايروس وتلمح الى أن بكين هي المصدر الاساسي له وهي وراء انتشاره في الصين والعالم.
الصين التي طالما رفضت الاصطدام مع الولايات المتحدة ليس في قضية الكورونا وحسب وانما في سائر القضايا التجارية والسياسية، انتهجت ذات سياسة عدم الاصطدام مع واشنطن في قضية كورونا وطلبت عدم تشويه صورتها في العالم، مؤكدة انها وقعت أيضا ضحية الفايروس وتكبدت خسائر فادحة جراء تعرض مواطنيها له.
موسكو ألمحت الى أن المخابرات الأميركية وراء تفشي المرض، داعية المنظمات الدولية الى دخول المختبرات التي أقامتها الولايات المتحدة في الدول والمناطق القريبة منها ومن الصين، وفي خضم بازار الاتهامات والرد على الاتهامات، فان كل طرف يورد الأدلة على اتهامه، أو الأدلة على رد الاتهام.
السبب الرئيس وراء اتهام واشنطن بأنها تقف وراء تفشي الفايروس هو انه اصاب في الوهلة الأولى العدويين اللدودين للولايات المتحدة وهما الصين وايران، ومع أن واشنطن نفت أن تكون وراءه، الا ان ذلك لا يبعد الشكوك والشبهات عنها، بل حتى ان انتقال الفايروس للولايات المتحدة واصابة بعض المسؤولين به، لا يقلل من قوة الشكوك والشبهات التي تحوم حولها.
من هنا فاذا ارادت واشنطن أن تثبت للعالم بأنها بريئة من هذه التهمة، فان أقوى دليل يمكنها أن تقدمه في هذا الاطار هو أن تلغي كافة اجراءات الحظر عن ايران، وليست طهران وحدها هي التي تؤكد أن اجراءات الحظر لعبت دورا رئيسيا في تفشي الفايروس، وانما سائر دول العالم أقرت بذلك والى جانب المنظمات العالمية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية فان العديد من دول العالم عبرت عن تضامنها وتعاطفها مع ايران في محنة الفايروس.
فهذه منظمة هيومن رايتس ووتش أصدرت مؤخرا تقريرا أكدت فيه أن الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية ضد ايران لعب الدور الأساسي في انتقال وتفشي فايروس كورونا في ايران، ودعت واشنطن الى الغاء الحظر عن ايران لتتمكن من التصدي ومواجهة الفايروس عبر التواصل مع المؤسسات العلمية المتخصصة في الطب، وكذلك شراء الأدوية والعقاقير والمستلزمات التي تحتاجها من الشركات العالمية.
بهذه الخطوة ستبرهن واشنطن للعالم برمته انها ليست وراء نقل وتفشي الفايروس في ايران والصين، اما بيانات وتصريحات المسؤولين الاميركيين فانها لا تجدي نفعا، فمثل هذه الجريمة اذا وقعت لايقدم عليها "مسؤول عادي، وانما المخابرات الاميركية التي تحيط مخططاتها ومؤامراتها بسرية بالغة لايعلم بها الا عدد ضئيل من المسؤولين هي التي تنفذ مثل هكذا جرائم، واحيانا لا يعلم حتى رئيس الدولة بمؤامرات المخابرات، ليس في الولايات المتحدة وحسب وانما في كثير من بلدان العالم دون استثناء.
نعم اذا اصيب جون راتكليف رئيس الاستخبارات الاميركية بفايروس كورونا، عندها يمكن القول أيضا ان الولايات المتحدة ليست متورطة بهذه الجريمة، لأن رئيس الاستخبارات يعلم بكل ما تقوم به الاجهزة التابعة، وهو الذي يتخذ القرار بشأن شن الهجوم البيولوجي، وبالتالي فانه يستخدم كامل وسائل الوقاية والتحصين من الاصابة بالفايروس، فاذا هو اصيب به فهذا يدل على انه لم يكن مشاركا في هذه الجريمة.