فعندما تأتي وكالة "رويترز" الاخبارية البريطانية، لتنشر مؤخرًا خبراً مفاده أن التخطيط للهجوم على منشأة أرامكو النفطية وتنفيذه جرى في اجتماع سري بحضور القيادة الإيرانية وعدد قليل من قادة الحرس الثوري.
ثم تعلن يوم أمس ان قائد الثورة الاسلامية أمر المسؤولين في اجتماع خاص ومغلق وسري بفعل كل ما يلزم لإنهاء الاحتجاجات بقتل المحتجين، و مقتل نحو 1500 شخص خلال الاحتجاجات الاخيرة في ايران، نقلاً عن مصادر خبرية غير موثوقة ووهمية أصلاً.
فهذا يدل بشكل واضح عن أن هذه التخيلات الوهمية والقصص المختلقة لا تستند إلى أي دليل على الإطلاق، ومن جانب اخر اعتمدت هذه التقارير على "مصادر خبرية"، والتي من المفروض أنها يجب أن تكون موثوقة وذات مصداقية -كما هو الحال في الطريقة التقليدية للحرب النفسية- إلا ان الوكالة اعتمدت على اشخاص وهميين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم. ووفقًا لخبراء العلاقات العامة، فإن هذه الطريقة تظهر بشكل أساسي افتقار هذه الاخبار الى الحقيقة أكثر من أي شيء آخر.
حركة أنصار الله أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على منشات أرامكو النفطية بشكل مباشر، ولم يؤيد مصدر دولي موثوق به أو حتى الأمم المتحدة تورط إيران بهذا الهجوم ، لكن رويترز هي الجهة الوحيدة التي قامت باتهام ايران بالهجوم في قصتها الخيالية الى جانب بعض المسؤولين الأمريكيين.
ولكن باءت محاولتها بالفشل لعدم ترحيب الرأي العام به، فسارعت لتلجأ الى سيناريو وهمي آخر مفاده مقتل 1500 شخص في إيران وبأمر من قيادة الجمهورية الإسلامية الايرانية.
بينما جميع الجماعات المعارضة للجمهورية الاسلامية التي أصرت على سيناريو "المزيد من القتلى" خلال الاحتجاجات في إيران لم تجرؤ أبدًا على تلطيخ سمعتها الاعلامية بخمس الرقم الذي اعلنته رويترز من القتلى.
من جانب اخر تصر بعض الجماعات المعادية للجمهورية الاسلامية على إكمال مشروعها الفاشل من خلال إقامة ما يسمى بأربعينية القتلى بهدف تصعيد الاضطرابات في ايران واصدرت دعوات بهذا الغرض وليس من قبيل الصدفة أن تنشر رويترز تقريرها المزيف قبل يومين من هذا الحدث.
ولیس من المستبعد أن يكون نشر هذا التقرير يصبو إلى تحقيق هدفين، وهما صرف الرأي العام العالمي عن نتيجة محاكمة المتهمين بقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي. في هذه المحاكمة، رغم متابعة القضية من جانب الرأي العام ووسائل الإعلام الدولية والمجاميع السياسية منذ عدة أشهر تمت تبرئة ثلاثة من المتهمين الرئيسيين بارتكاب جريمة الاغتيال الشنيعة لعدم كفاية الأدلة. ولم يتم الإعلان عن أسماء باقي المتهمين واتيحت امکانية الاستئناف لباقی المتهمین، والأهم من ذلك ، لقد تم نسيان دور بن سلمان الرئیسی في هذه القضية.
في عالمنا الحالي يبدو أن "المال" صاحب الكلمة العليا. يمكن للأموال ان تنقذ السعودية من ازمة مواجهة الهزيمة امام أنصار الله، في هجوم سبتمبر على أرامكو . وفي قضية خاشقجي اثبتت الاموال منذ البداية وحتى الان فاعليتها في انقاذ الرياض. استطاع المال في قضية خاشقجي ان يجعل ترامب مؤيدا لابن سلمان، وفي النهاية أقنع رويترز بتحويل العقول عن مأساة مقتل معارض سعودي بقصص خيالية عن"مقتل 1500 شخص" في إيران، وإن توجيه كلا الاتهامين لقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل صناع السياسة البريطانية يمكن أن يزيد من مصداقية هذه الأكاذيب.
ان شراء وسائل الإعلام في عالمنا الحالي ليس صعبا ويحتاج الى مجرد دفع المال اكثر واكثر.
بقلم: خليل حاج خليل