البعثيون الدواعش المجندون من قبل امريكا وربيبتها "اسرائيل"، لم يشف غليلهم احراق النار في القنصلية الايرانية في النجف الأشرف للمرة الأولى منذ حوالي أسبوع، ليعودوا ثانية ويقوموا بإحراقها كخير دليل على فشلهم الذريع في تحقيق مآربهم الرامية الى زرع الفتنة والتفرقة بين الشعبين الايراني والعراقي الشقيقين، متناسين سر العلاقة المتينة التي تجمع ابناء البلدين واواصر العلاقات الوثيقة التاريخية والثقافية والدينية والقواسم المشتركة التي تربطهم منذ اقدم العصور.
وفي كل مرة يخرج ابناء العراق وايران لمناصرة الحق وتحطيم سطوة الأعداء بتوجيه صفعة قوية الى الاعداء الذين يحاولون إحداث شرخ في هذه العلاقات المتجذرة.
ولكن في هذه المرة كانت الصفعة من نوع آخر حيث استفاق العدو على مبادرة ابدعها الشعب الايراني عندما قام بتعليق الورود على مبنى السفارة العراقية في طهران واهدائها لموظفي السفارة، رداً على حرق قنصلية بلادهم في العراق، معلنين وقوفهم مع أخوتهم في العراق.
ومكمن الحماس لهذه المبادرة هو إيصال رسالة لأصحاب الفتن، ومفادها أن الشعب الايراني يستطيع التفرقة بين المخربين المندسين والشعب العراقي الأصيل الذي تربطه معه علاقة متينة وقوية.
وأما عن الشعب العراقي فهو لا يحتاج لشرح ما يدور في بلاده، نظراً للتجارب والحروب التي مر بها وخاصةً الغزو الأمريكي وما رافقه من دمار وقتل وتنكيل وسجون تعذيب مثل سجن أبو غريب، مروراً بالمفخخات السعودية التي أنهكته، ختاماً بجماعة "داعش" الوهابية التي تعد من أكبر وأخطر الهدايا التي قدمتها تلك الدول للعراق.
فأًصبح يدرك من هو العدو ومن هو الصديق، ويدرك أيضاً من قام بتقديم الروح والدم في سبيل أمن العراق وتحريره، ومن قام بتقديم المفخخات في سبيل إسقاطه وتخريبه.
فلم يلبس الشعب العراقي من أن يرتاح بعد أكثر من خمس سنوات عجاف من حربه مع "داعش"، لتقوم أمريكا وعملائها من جديد باستغلال الظروف الصعبة التي يمر بها العراقيون الذين خرجوا ليتظاهروا طلباً لتحسين ظروفهم المعيشية، وقيام مثلث الشر "امريكا واسرائيل والسعودية" بالتحالف وركوب موجة التظاهرات، فكما يقال، "التاريخ يعيد نفسه"، وهذه الدول المذكورة في الأعلى تمتلك تاريخاً حافلاً في الإجرام والدموية وتصدير الإرهاب، وتعيد الكرة نفسها من خلال ايجاد تنظيمات وجماعات وقوانين وأفكار متطرفة في العراق، ناهيك عن الدول الاسلامية والعربية الأخرى.
وسرعان ما قامت بتجنيد عملاء لها من البعثيين والدواعش والبعض المغرر بهم للانخراط في المظاهرات المطلبية، ورفع ذات الشعارات البعثية الداعشية العنصرية والطائفية المقززة، والقيام بسلوكيات اجرامية، تجاوزت كل الخطوط الحمراء للشعب العراقي، مثل الاساءة الى الاسلام والشعائر الحسينية والى مراجع الدين والاعتداء على المتظاهرين وقتل ابطال الحشد الشعبي واضرام النار في الاضرحة والقنصليات الايرانية.
ولكن ابت الأمة العراقية ان تنكسر او تخضع لهذه المخططات، فسرعان ما كشف العراقي الأصيل الغطاء البعثي عن المندسين ذوي السحنات المختلفة، و الذين كانوا مختبئين في صفوف السلميين، في أولى التظاهرات عندما قاموا برفع شعارات ضد ايران للايحاء بأنه شعار "عراقي"، و قاموا بحرق مبنى القنصلية الايرانية في كربلاء واليوم في النجف، فلم تثمر هذه الأعمال كما كان متوقعاً؛ وأكبر شاهد على هذا الفشل هو في هذا العام وفي كل عام، فما أن يطرق شهر محرم المحرام الابواب، لترى الشعب العراقي يستقبل ملايين الزوار الذين بلغ عدد الايرانيين منهم نحو خمسة ملايين زائر، ليناموا في بيوتهم ويأكلوا من طعامهم.
وأيضاً للتوضيح، فميزان الاخوة والمحبة لم يتجسد فقط بهذه المناسبة، وإنما وضحت معالمه أكثر في الحرب المقدسة التي خاضها الطرفان، تجاه اقسى تنظيم إرهابي على وجه الارض" داعش" المدعوم من امريكا واسرائيل وساندهم الخونة البعثيون، عندما اختلطت دماء الطرفين الايراني والعراقي مع بعضمها البعض و روت تراب العراق، وما كان من فتحٍ المخازن على مصراعيها ومد العراق بالمال والعتاد، إلا دليلا واضحا على التقدير للعراق شعباً وحكومة.
وتأكيداً على أن الذي بين العراق وايران ما هو الا تجسيد للأخوة العظيمة التي كانت بين الامام الحسين واخيه العباس (عليهما السلام)، مع الاعتذار من التشبيه لكن هذا ما يُرى عند اغلب المؤيدين لهذا المبدأ، فلكل من نعق بكلمات أعطت ما أعطت، سيبقى الشعب الايراني والعراقي يدا واحدة تضرب بسيفها البتار وستعصف بجميع المحاولات البائسة التي تسعى لتخريبها، ومهما حصل من نفاق وفتنة، فلن ولن ينكسر مبدأ الاخوة الذي دعا به الرسول محمد صلى الله عليه وآله وثبت اساسه الحسين عليه السلام.
* بقلم الاعلامي: "خليل حاج خليل"