فضيحة 'تويتر' جعلت الناشطين السعوديين في حالة من الخوف والترقب

الثلاثاء 19 نوفمبر 2019 - 08:56 بتوقيت غرينتش
فضيحة

السعودية_الكوثر: نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا حول تأثير شبكة الجواسيس السعوديين في “تويتر” على الناشطين الذين باتوا يعيشون في خوف دائم.

وجاء في التقرير أن موظفين في شركة “تويتر” حصلا على معلومات تتعلق بـ 6.000 مستخدم وأشركوا فيها المسؤولين السعوديين، ولكن من هم هؤلاء الذين تم التدخل في خصوصيتهم؟

ترفض شركة تويتر ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) التعليق. ولهذا السبب يشعر الناشطون السعوديون أن أسماءهم ربما كانت من ضمن التي حصلت عليها الحكومة السعودية من خلال عملاء داخل شركة التواصل الإجتماعي العملاقة. ونقل الموقع عن عدد منهم خوفهم من حصول الحكومة على العناوين الخاصة بهم على الإنترنت وربما استخدمت المعلومات لاستهدافهم واعتقال الناشطين الذين عادة ما يختفون. وفي بداية الشهر الحالي أعلنت الحكومة الأمريكية عن توجيه اتهامات لعاملين سابقين في شركة تويتر، وأنهما حصلا على معلومات تتعلق بـ 6.000 مستخدم قدماها إلى مسؤول سعودي على علاقة مع العائلة السعودية الحاكمة، وذلك في الفترة ما بين كانون الاول (ديسمبر) 2014 وتشرين الثاني (نوفمبر) 2015. ومن بين الذين نقلت المعلومات الخاصة بهما مجتهد الذي يوصف بأنه “النسخة السعودية لويكيليكس” والناشط عمر عبد العزيز المقيم في مونتريال بكندا.

ولكن هوية البقية الذين تم مشاركة عناوينهم لم يكشف عنها وأدت إلى صدمة داخل مجتمع الناشطين الذين لا يزالون يعانون من صدمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي. ونقل الموقع عن الناشطة النسوية السعودية المقيمة في سياتل أماني الأحمدي “طالما اعتقدنا أن الأسماء المهمة هي الهدف ولكن بعدما اكتشفنا أن هناك 6.000 حسابا” “قلنا هل يعرف أحدكم إن كان واحدا منا على القائمة”.

ويقول المعارض السعودي علي الأحمد، مدير معهد شؤون الخليج الفارسي في واشنطن، إنه متأكد من وجود اسمه على القائمة. وقال “انظر لو كان هناك 6.000 شخص تم استهدافهم فأشك ألا يكون اسمي من بينهم وأنا ناقد كبير وسأكون بالتأكيد هدفا”.

وأرسلت شركة تويتر عددا من الرسائل الإلكترونية لعشرات المستخدمين في كانون الاول (ديسمبر) 2015 أخبرهم فيها أن حساباتهم كانت هدفا من لاعبين تدعمهم دولة، وهذا ما ورد في دعوى قضائية ثانية قدمت ضد الشركة هذا العام.

وفي شباط (فبراير) 2016 تلقى عبد العزيز رسالة من الشركة أخبرته أن عنوانه ورقم هاتفه تم اختراقهما نتيجة برمجية خبيثة وأثر بالضرورة على عدد من الحسابات ولكن تم التغلب على المشكلة. ولم تتلق أحمدي أو الأحمد رسائل كهذه من تويتر. ويقولان إنهما وغيرهم تركا في حالة من التساؤل عن الخرق الذي تم على حسابات الشركة وأثره عليهم جميعا.

وطلب موقع “ميدل إيست آي” من تويتر وأف بي آي الذي يقوم بالتحقيق في عملية التجسس إن تم تحديد هوية ألاف المستخدمين وفيما إن تم تحذيرهم ولم يتلق الموقع إجابة من الشركة أو أف بي أي. ويقول الأحمد “كان عليهم ان يصدروا بيانا صحافيا وقالوا فيه: هذا ما سنقوم بعمله وبهذه الطريقة سنقوم بحماية المستخدمين وهذه خطة العمل المقبلة”. وأضاف “لم يتم إبلاغي، ولم لم يتم إبلاغي، فلماذا أخبروا شخصا في السعودية أن حسابه قد تعرض للقرصنة أو اخترق؟ وأعتقد أنهم يعتقدون أننا لسنا مهمين كثيرا”.

وتقول الكاتبة إن محمد بن سلمان منذ صعوده إلى السلطة لاحق المعارضة وحاول قمعها حيث تمت الملاحقة في معظمها على الإنترنت. فيما أصدر مستشار الأمير في آب (أغسطس) 2017 قائمة سوداء أو هاشتاغ دعا فيه كل المستخدمين للإنترنت تحديد وإضافة أسماء جديدة والبحث مستخدمي التويتر مجهولي الهوية. ونشر تغريدة قال فيها “هل تحميك صفة الإسم المستعار من هاشتاغ القائمة السوداء. أولا: الدولة لديها وسائلها لمعرفة اسمك المستعار. ثانيا: يمكن معرفة العنوان على الإنترنت باستخدام عدة طرق. ثالثا: هناك سر لا يمكن أن أبوح به”.

وبعد شهر بدأت عمليات ملاحقة النقاد للنظام، أولا طالت الأكاديميين والباحثين ثم تم حجز رجال الأعمال والأمراء في فندق ريتز كارلتون وبعد ذلك جاء الدور على الناشطات المطالبات بحق المرأة بقيادة السيارة، كما ورد في تقرير نشرته منظمة “هيومان رايتس ووتش” هذا الشهر.

وعبر عدد من الناشطين أن بعض الإعتقالات ربما حدثت نتيجة عمليات تجسس لم يكشف عن حجمها بعد. وأحد الأسماء التي وردت في الأحاديث هو تركي بن عبد العزيز الجاسر، وهو صحافي سعودي، ويعتقد أنه كان يدير حسابا على تويتر “كشكول” ناقدا للحكومة السعودية. وتم اعتقال الجاسر في بيته بالرياض في آذار (مارس) 2018 ولم يعرف عنه أي شيء منذ ذلك الوقت.

ويقول آدم كوغل الباحث في منظمة “هيومان رايتس ووتش” إن مخاوف الناشطين مبررة خاصة في ظل عدم وجود معلومات من تويتر. وقال: “هناك كل الاسباب التي تثير القلق وأنه تم اعتقال أشخاص بناء على معلومات تم جمعها من خلال موظفي تويتر” و “لكننا لا نعرف هذا بالتأكيد”.

وكان حساب الجاسر، كما يقول الناشطون، شهيرا ونشاطاته معروفة لعائلته، فيما كان آخرون يرسلون تغريدات بدون معرفة أحد أو أن عائلاتهم التزمت الصمت.

وتقول الأحمدي “هناك الكثير من العائلات التزمت بالصمت عندما أخذوا أفرادا من العائلة لأنهم اعتقدوا أن الحديث سيزيد من الأمور سوءا لمن اعتقلوا من العائلة”. وتضيف “قد يكون هناك عدد كبير من الأشخاص لا نعرف أنهم تأثروا ولا يزالون في الزنازين السعودية ويعذبون”.

وهناك شخص عرضة للخطر وهو عبد الرحمن السدحان، 35 عاما الناشط في مجال حقوق الإنسان، وتم اعتقاله في مكاتب لجنة الهلال الأحمر السعودي حيث كان يعمل في آذار (مارس) 2018. ويعتقد انه كان يدير حسابا مجهول الإسم على تويتر وله 100.000 متابع. وبحسب المنظمة الحقوقية السعودية “القسط “فقد كان آخر مرة شوهد في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 وذلك في سجن الذهبان قرب جدة حيث تعرض للتعذيب هناك. وأخبرت شقيقته أريج السدحان موقع “ميدل إيست آي” قائلة “من بين 6.000 حسابا لا تعرف كم عدد المعتقلين في السجن الآن”. وبدأت بالحديث عن شقيقها علنا من أجل الحصول على معلومات عنه.

ويقول المحلل في مجال مواقع التواصل الإجتماعي بجامعة خليفة في قطر، مارك أوين إن مخاوف أريج وغيرها “مبررة بالتأكيد” و “نعرف من مناطق مثل البحرين أن الكشف عن حساب المستخدم على الإنترنت قد تؤدي إلى الإعتقال والتعذيب. وهناك إمكانية للكشف عن مكانه لو تم اختراق حسابه”. وسأل موقع “ميدل إيست أي” أف بي أي وتويتر إن كان اسم السدحان والجاسر من بين المستخدمين الذي تم اختراق حساباتهم وتمت مشاركة المسؤولين السعوديين بها، ولكنه لم يتلق ردا. وتم وقف حساب أحمد المطيري الذي وصف في الدعوى القضائية الأمريكية والذي تعامل مع موظفي تويتر السابقين إلا أن بعض الناشطين السعوديين قلقين وغاضبين من تويتر وغيرها من شركات التكنولوجيا الأمريكية التي لديها استثمارات سعودية والتي تستخدم لتسهيل القمع السعودي عبر التصريحات العامة.

وأحدث مدير شركة” أوبر” دارا خسروشاهي عاصفة من الغضب عندما أخبر موقع “أكسيوس” أن مقتل خاشقجي كان “خطأ” قبل أن يتراجع عن تصريحاته. وتقول الأحمدي إن الكثير من الشركات المرتبطة بالسعودية أصبحت “ملوثة بالتورط في الجريمة” لأنها لا تتحدث عن افعال الدولة السعودية. و “هي لا تتحدث شيئا عنها، وهي توافق في معظم الحال وهي في نفس الموقف، ولم يصدر عن تويتر أي تعليق ولا شيء”. و “هي تلوث الشركات الامريكية وتكشف لها عن قيمنا الإنسانية وأنها يمكن أن تتغير بمبلغ من المال، وهذا مقزز ويقدم سابقة للتجارة وأن هذا جائز مع أنه ليس كذلك”. وهناك شعور بالذنب بين بعض الناشطين حول الخيارات بالنسبة للمتابعين الذين اختاروا التواصل معهم. وقال الأحمد “أنا غبي” و “كان علي ألا أستخدم تويتر لأنك لا تستطيع الثقة بشركة أمريكية. وأقول أن هذه حماقة من جانبي لأن هناك عددا كبيرا من الأشخاص ربما تضرروا، وهذا ما لا أعرفه”.

وهم ليسوا وحدهم فقد طالب العضو الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السناتور بوب ميننديز وزير الخارجية مايك بومبيو والسفير الأمريكي في السعودية جون أبي زيد طرح موضوع التجسس على تويتر مع المسؤولين السعوديين. وبالطبع قد تناقش أي شركة أمريكية مثلما فعل خسروشاهي أن السعوديين هم كأي مستثمر آخر. ولكن هل السعودية هي مثل أي مساهم كما تساءلت ناشطة رفضت الكشف عن اسمها “لديهم الكثير من الإستثمارات وهذا يعني أن لديهم مستوى من التحكم وهذا أمر خطير، خاصة عندما تتعامل مع دولة تشبه المافيا”.

وتقول إن اللوم يجب ألا يقع على هذه الشركات ولكن السعودية والولايات المتحدة “لأن هذه الحكومة تحاول التجسس على حكومة أخرى لإسكات الآخرين”. وأضافت “ما يثير قرفي هو سبب رضا الحكومة الأمريكية ولماذا لم يقل مايك بومبيو ولا كلمة ” و “من المفترض أنك تحمي الولايات المتحدة، ومن المفترض أن تقوم بعمل الأفضل للولايات المتحدة فلماذا الصمت”. ولكن الشركات ذات الاستثمارات السعودية لديها الفرصة لتصحيح المسار. وقالت “مهما كان حجم المال الذي تلوح به السعودية أمامك فلا يستحق شيئا عند فضيحة مثل هذه” و “يجب على هذه الشركات أن تتعلم الدرس وتتوقف عن التعامل مع السعودية، وهناك أمر يمكنها عمله وهو وقف هذا الجنون”.