حيث تقوم تلك التنظيمات المتطرفة عادة بتحريض الشباب على ترك مجتمعاتهم والسفر إلى مناطق انتشار التنظيم، ولقد شهدت هذه الظاهرة تطور في أساليب التجنيد والاستقطاب لهؤلاء مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من القنوات الرقمية.
وقال الدكتور عمار علي حسن الباحث المصري في شؤون الجماعات الإسلامية« إن بعض من يلتحقون بالتنظيمات المتطرفة سواء من الغرب أو من بعض الدول الفقيرة قد يكون دافعهم هو المال، فالكثير ممن التحقوا بداعش في العراق وسوريا كان دافعهم الثروات النفطية والآثار التي سيطر عليها التنظيم.
إغراء الشباب
وأضاف الباحث المصري، هناك سبب آخر لانضمام بعض الفئات للتنظيم، وهذا السبب يرجع إلى نشأة التنظيم والدول التي رعته وانفقت عليه وسوقت فكرته مما ساهم في حشد المقاتلين من الدول الغربية للقتال معه في الشرق الاوسط، السبب الثالث لجذب العناصر الغربية للإنضمام له، هى نمط الدعاية التي اتبعها التنظيم، والتي حملت قدر من الإغراء للشباب الأوربي النازع إلى التطرف اليميني مع صعود النازية والفاشية مرة أخرى واليمين بشكل عام، واصبح داعش تنظيما جاذبا بالنسبة لأصحاب هذه الآراءالتي ترفض السائد وتكرة الآخر وتبحث عن الغريب وغير المألوف.
تقنيات التواصل
وتابع حسن، أن "داعش" كان لديه قدرة كبيرة على التواصل مع عدد كبير من الشباب الغربي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإعلامية التابعة له ويقوم بالنشر بأكثر من لغة، هذا بجانب أن بعض الفيديوهات والصور والتي كانت تلتقط لداعش وتنشر في وسائل الإعلام المتلفزة، كانت تقدم حالات غريبة وعجيبة لتلك المجتمعات، في الوقت الذي كان لدى الشباب الغربي شغف البحث عن حياة مختلفة وغير مادية بحسب تصورهم وتكون مفعمة بالعنف على غرار أفلام هولييود، وهؤلاء الشباب وجدوا غايتهم في التنظيم الإرهابي.
وأشار الباحث المصري، إلى أن هناك سبب آخر لإنضمام الشباب الغربي لداعش عن طريق الشباب العربي الموجود المتجنس هناك، كما أن التنظيم كان يسوق للفئات المستهدفة بأن تلك الأرض التي سيطر عليها هى أرض مفتوحة ونمط الملكية فيها مختلف وأن بوسع الانسان أن يقتني فيها عدد من الزوجات بالإضاف إلى ما يقع في أيديهم من أسرى وغير ذلك، أي تم تصوير الأمر وكأنه جنة.
سيطرة الدولة
وحول نهاية التنظيمات بموت زعمائها قال الباحث المصري، اعتقد أن التنظيمات الدينية المتطرفة قد تعولمت في وقت سابق، واصبحت تغذيها هجرات متتالية من كل مكان في المناطق التي كانت قبضة الدولة ضعيفة فيها، والأهم من كل ذلك ليس قدرة التنظيم على المراوغة والتجنيد، بل قدرة الدولة على بسط كامل نفوذها على كامل أراضيها، والقدرة على صياغة خطاب إعلامي مضاد يظهر الجانب السىء لتلك التنظيمات، وهذا الأسباب يمكنها أن تعوق انتاج الحالة الداعشية في مكان آخر.
الدوافع والأسباب
قام بعض الباحثين بدراسة الدوافع خلف انضمام الشباب الغربي إلى ساحات العنف في الشرق الأوسط وإلى مثل هذه التنظيمات الإرهابية بشكل عام، ووجدوا أن هناك دوافع عديدة وراء هذه الظاهرة أهمها الدوافع النفسية والاجتماعية، خاصة أن هناك شباب منضم إلى الحركة ولا يعاني من مشاكل كالفقر أو نقص مستوى التعليم رغم أن العوامل الاقتصادية تعتبر من بين العوامل الأساسية التي تدفع الشخص نحوالانخراط في مثل هذه التنظيمات.
إحياء العقيدة
ومن جانبه قال الدكتور حسام شعيب الباحث السوري في التنظيمات المسلحة، عمل تنظيم داعش وكل التنظيمات أو المسميات السابقة على استقطاب كل العناصر المؤيدة لهم من كل دول العالم، وكانت العقيدة في المقدمة أمام هؤلاء الذين يرغبون في الانضمام لتلك التنظيمات بدعوى إحياء العقيدة وبالتالي إحياء التراث الإسلامي والذي يحتوي بعضه على شطحات فكرية وعقائدية.
وأضاف شعيب، المستفيد هنا من عملية هجرة تلك العناصر من الغرب للقتال بجانب التنظيم في الشرق هى الدول الغربية، حيث أنها تكتشف من خلال تلك الهجرات عن الأشخاص المتطرفون والذين يعيشون على أراضيها وتتمنى التخلص منهم دون أن تتخذ ضدهم إجراءات قد لا تتفق مع الطقوس والديمقراطية الغربية.
تشوية الصورة
وتابع شعيب "الغرب يساعد تلك الفئات المتطرفة تخوفا من انتشار الإسلام الحقيقي في الغرب، وبالتالي هناك من يسعى لتشوية صورة الإسلام عن طريق الدفع بهؤلاء إلى الشرق ومنحهم الكثير من التسهيلات في السفر وكذا بالنسبة لتدفق الأموال، ونجد أنه من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية والعواصم الغربية أن تتعاون مع بعض دول المنطقة من أجل هجرة هؤلاء والتحاقهم بالمنظمات الإرهابية".
وأوضح شعيب، الغريب في هذا الموضوع أن غالبية الدول الأوربية ومن بينها أميركا وبريطانيا يعلنون صراحة خشيتهم من الإسلام ومن المسلمين المتواجدين على أراضيهم، ولا ننسى ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية في حشد الأفراد والمنظمات ضد "الإتحاد السوفيتي السابق" في أفغانستان وباكستان بدعوى محاربة "الشيوعية"، وتأسس حينها تنظيم القاعدة وطالبان، والغريب في الأمر أن أمريكا التي ساهمت في تأسيس طالبان وامتدحت عناصره ووصفتهم بالأبطال هى نفسها من عادت ونعتتهم بالإرهابيون، أمريكا والغرب يستخدمون الدين لتنفيذ مخططاتهم في المنطقة.
المركز الأوروبي
وقال المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في تقرير نشره على موقعه على شبكة الإنترنت، إن ظاهرة “المقاتلين الاجانب” ظاهرة حديثة نسبيًا برزت مع السنوات العشر الأولى للاجتياح السوفيتي سابقًا لافغانستان، حيث ظهر مقاتلون من دول عدة كالولايات المتحدة ودول اوروبا ، بعد أن قام “عبد الله عزام ” بنشر افكاره ومؤلفاته حول ضرورة السفر إلى أفغانستان للدفاع عن المسلمين هناك ضد الغزاة السوفييت، إذ أعلن أنه “يتعين على كل مسلم اليوم، وقادرعلى حمل سلاح، الجهاد لمساعدة إخوانهم المسلمين في أفغانستان، وقد وصل عدد المقاتلين هناك نتيجة لهذه الدعوة إلى ما بين 10000 و35000 شخص من شتى الجنسيات العربية والغربية.
وأدى الانسحاب السوفيتي من أفغانستان في فبراير/شباط 1989 إلى وجود أزمة في التعامل مع المقاتلين الاجانب البعض منهم عاد إلى بلاده والبعض الآخر انضم إلى الصراعات المحلية بينما فضل أخرون الانخراط في تنظيمات أخرى لتأسيس ما يعرف بـ"دولة الخلافة الاسلامية"، ومع الأحداث التى شهدتها البوسنة في حقبة التسعينيات جاء إلى هناك وفقا لتقارير ما يقارب من 1500 شخص للقتال، وانضم عدد كبير منهم إلى تنظيم القاعدة.
وعقب الغزو الأميركي لافغانستان عام 2001 والعراق عام2003، مثلت هذه الأحداث خطوة هامة في سبيل انضمام الكثير من العناصر المسلحة إلى الجماعات التى كانت تقاتل الولايات المتحدة في كل من الدولتين، فالغزو الأميركي للعراق أدى إلى جذب أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب والذين اندمجوا تحت جماعة "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" ثم "داعش في العراق"، إذ قدرت أعدادهم في ذلك الوقت ما يقارب من خمسة ألاف مقاتل.
وارتبط مفهوم المقاتلين الأجانب بما سمي بـ ” الجهاد العالمي”، وتتبع “ديفيد ماليت” هذه الظاهرة في كتابة “الجهاد والموت” ووجد أنها منتشرة في 331 حرب أهلية وقعت على مر التاريخ في الفترة من 1816 وحتى 2005، ووجد أن المقاتلين الأجانب شاركوا في 67 حربًا منها أي ما نسبته 20%.
مصطلح المقاتلين
يشير مصطلح ”المقاتلين الاجانب” إلى الأفراد الذين يغادرون بلدهم الأصلي للانضمام إلى تمرد مسلح في الخارج. على الرغم من أن مصطلح “المقاتل” ينقل فكرة أن هؤلاء هم أفراد ينضمون إلى الجماعات المسلحة ويشاركون بنشاط في القتال، فإن الاستخدام الحالي للمصطلح يغطي أشكالًا مختلفة من المساعدة للجماعات المسلحة أو الإرهابية أو دعمها أو الارتباط بها، أو أي شخص يندرج في حرب أهلية في غير دولته بناء على أسس إيديولوجية أو دينية، وهو يختلف عن المرتزقة وفقا لعدد من الدراسات التى تبنت ذلك الموقف.
المصدر: سبوتنيك
Fars،News،Agency