وحول هذا السياق، أكد رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي" في هذه الحزمة الجديدة على أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لتلبية المطالب الشعبية، وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن العديد من الأحزاب والتيارات السياسية العراقية رحّبت بهذه الحزمة من الإصلاحات الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة العراقية مؤخراً، وفي هذا الصدد، أعلن تحالف "الفتح"، الفصيل البرلماني العراقي الثاني، أنه سيدعم الحكومة والإصلاحات الدستورية وقال "أحمد الأسدي" المتحدث باسم تحالف "الفتح:" "الفتح ستدعم اعتماد قانون جديد يتعلق بالتأمين الاجتماعي وتوزيع الأراضي بين المواطنين"، وفي الوقت نفسه، أعلن "الأسدي" عن دعم تحالف "الفتح" للجهاز القضائي العراقي للمضي قُدماً في محاكمة جميع الأشخاص الفاسدين منذ عام 2003 وحتى الآن.
وفي غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي" في القمة الاقتصادية التي عُقدت مؤخراً، أن الحكومة تبذل الكثير من الجهود لحل المشكلات الاقتصادية للشعب العراقي وخلال ذلك الاجتماع الاقتصادي المذكور، أكد "عادل عبد المهدي" أيضاً على أهمية الموازنة في حياة الناس واقتصاد البلاد، وأضاف قائلاً: "نحن نعمل على تطوير ميزانية قادرة على إدارة البلاد بشكل علمي وصحيح وزيادة الموارد غير النفطية، وكذلك إجراء إصلاحات وحلول جادة لجميع المشكلات المالية".
كما أشار رئيس الحكومة العراقية إلى أن استقالة الحكومة في الوقت الحالي قد تتسبب في فراغ ربما يأخذ العراق إلى المجهول، وأضاف أن الجميع يُقرّ بسلمية المظاهرات، لكن البعض يتخذها درعاً بشرياً للتخريب، مشيراً إلى أن القوات العراقية إلى الآن في وضع دفاعي وليس هجومياً، وهي لا تستخدم الرصاص، وأعرب رئيس الوزراء العراقي عن تمييزه بين من يخرج في مظاهرات سلمية مشروعة وبين من يسعون للتخريب، قائلاً إن إحراق بيوت ومؤسسات ومقرات لا يمكن أن يدخل في نطاق المظاهرات السلمية.
كما أفاد "عبد المهدي" بأن البطء في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة عبر الأطر الدستورية أفضل كثيراً من الفراغ المحتمل حدوثه، ملمّحاً إلى وجود حاجة لإجراء تعديلات دستورية، لكن ينبغي أن تنطلق من الدستور نفسه وليس بإلغائه أو إعادته لنقطة الصفر، وأضاف: إن الدستور العراقي أصبح هو المظلة التي يستظل بها الجميع، وهناك حاجة لتعديلات دستورية، وأوضح أن البدء من الآليات الدستورية هو الطريق الأوضح لإجراء التعديلات بما فيها تغيير النظام السياسي، مبيناً أن فجوة حصلت بين القوى السياسية والجمهور بسبب قانون الأحزاب وقانون الانتخابات.
وفي هذه الاثناء، استغلت العديد من وسائل الإعلام العربية والغربية هذه الأزمة التي تعيش فيها العديد من المدن العراقية، حيث قامت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية، بما في ذلك قنوات "العربية" و"الحدث" و"سكاي نيوز عربي" و ... بفبركة العديد من الأخبار والصور وقالت بأنها تتعلق بالاحتجاجات العراقية، كما بذلت تلك القنوات الخبيثة الكثير من الجهود لتشويه صورة حزمة الإصلاحات التي أطلقتها الحكومة العراقية مؤخراً، والقول بأنها لن تحل جميع مطالب المحتجين والحكم عليها بالفشل قبل أن ترى النور.
ومن ناحية أخرى، قامت وسائل الإعلام الأمريكية مثل "رويترز" و"سي إن إن" و"الحرة" بالركوب على موجة الاحتجاجات الشعبية العراقية من خلال تغطية الأخبار والتطورات الميدانية الخاصة بالاحتجاجات العراقية، في محاولة لقلب الحقائق وتحريفها، حيث قامت تلك الوسائل الإعلامية بنقل أخبار وصور ومقاطع فيديو مفبركة للشارع العراقي وذلك من أجل خلق بلبلة داخل الشارع العراقي، ولهذا فلقد ركّزت تلك الوسائل الإعلامية على نشر العديد من السيناريوهات المشؤومة المتمثلة في "القتل" و"انعدام الأمن في مناطق مختلفة من العراق" و"الفشل سيكون من نصيب حزمة الإصلاحات" و"تسليط الضوء على إرشادات المرجعيات الدينية" و"خلق فجوة بين قوات الأمن والناس".
وفي هذا السياق، قال الشيخ "عبد المهدي الكربلائي" ممثل "آية الله على السيستاني" في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء المقدسة، "إن الأمر متروك لقوات الأمن للتأكد من أن الاحتجاجات لا تنحدر إلى مزيد من العنف، وحثّ الحكومة على الاستجابة لمطالب المتظاهرين في أقرب وقت ممكن، مشدداً على أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق قوات الأمن"، كما لفت أن هناك أطرافاً وجهات داخلية وخارجية كان لها في العقود الماضية دور بارز فيما أصاب العراق من أذى بالغ وتعرّض للعراقيين بالقمع والتنكيل، وهي قد تسعى اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية الجارية لتحقيق بعض أهدافها، فينبغي للمشاركين في الاحتجاجات وغيرهم أن يكونوا على حذر كبير من استغلال هذه الأطراف والجهات لأيّ ثغرة يمكن من خلالها اختراق جمعهم وتغيير مسار الحركة الإصلاحية.
ومن جهته أعرب "محمد البلداوي" النائب عن تحالف "الفتح"، أن رأي المرجعية وتوجيهاتها يمثل مفتاح الحل لإعادة ثقة الشعب بالحكومة وقال "البلداوي"، "إن الدعوات لإقالة الحكومة تقودنا إلى أن هناك عدم وجود نضج سياسي واضح المعالم لقراءة الوضع، إضافة إلى أن الدعوات أصبحت عبارة عن تصريحات إعلامية".
وأضاف "البلداوي" قائلاً: "هناك العديد من التيارات السياسية في داخل العراقي تعمل على تأجيج الأزمة وذلك عن طريق تقديم بعض المطالب التي لا يمكن في الوقت الحالي تحقيقها".
الجدير بالذكر هنا، أن ركوب بعض الأطراف الخارجية والداخلية على أمواج هذه الاحتجاجات، جاءت في الوقت الذي تؤكد فيها العديد من الأحزاب والتيارات السياسية في العراق على ضرورة بقاء الاحتجاجات في وضعها السلمي، وحول هذا السياق، شدد "قيس الخزعلي"، الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" العراقية، على: "إنه من الضروري أن تستمر الاحتجاجات بشكلها السلمي". كما صرح السيد عمار الحكيم، زعيم حركة الحكمة الوطنية، قائلاً: "إننا ندعو الحكومة وأجهزة الأمن إلى التعامل مع مثيري الشغب والجماعات الخبيثة بقوة وجدية واتخاذ إجراءات لحماية سيادة القانون وحماية الأمة".
مما لا شك فيه أن هذا الموقف الثابت لحكومة بغداد المدعومة من قبل الكثير من الأحزاب والتيارات السياسية وكذلك المرجعيات الدينية العراقية، سوف يتمكن من إفشال خطط بعض الجهات الأجنبية والداخلية التي تسعى لنشر الفوضى في البلاد، كما أن الحكومة العراقية لن تسمح لوسائل الإعلام الغربية والعربية من تحقيق أهدافها الخبيثة في العراق.
المصدر: الوقت