استوقفني بوست كتبه أحد العراقيين ضمن إحدى مجموعات الواتس يقول ما نصه: (المرجعية الدينية العليا تنتصر اليوم للشعب ضد العصابة الحاكمة وميليشياتها)!!.
ولأن الدماء التي سالت في سوريا واليمن تحت هذا العنوان الخبيث لم تجف بعد ليس فقط بسبب وصف المجاهدين دفاعا عن أوطانهم بأنهم مجرد ميليشيا!، فما بالك وقد اعتبرها الأخ المحترم بأنها تابعة (للعصابة الحاكمة)!!.
يعني لا دولة ولا انتخابات جرت ولا من يحزنون فقد أهدر هذا الثوري (؟!) كل هذه الأشياء واعتبرها كأن لم تكن!!.
طبعا كلام الأخ الثورجي هذا صورة طبق الأصل من التوصيف السعودي الأمريكي للوضع في العراق وسنكتفي ببعض النماذج:
بتاريخ 12-29-2019: سكاي نيوز عربية (المالكي يرفض الحد من نفوذ ميليشيات الحشد الشعبي بالعراق)!!.
بتاريخ 23 أبريل 2015 يكتب كيرك سويل دراسة مطولة ينشرها معهد كارنيجي بعنوان (صعود الدولة الميليشياوية في العراق)!!.
أما جون كيري وزير الخارجية الأمريكي فيصرح عشية رحيله من الإدارة بأن (ميليشيات نوري المالكي "الطائفية" سبب سقوط الموصل أمام داعش) الثلاثاء 17 يناير 2017.
ليس فقط الحشد الشعبي في العراق من استحق وصفه بالميليشيا فالعصابة الإجرامية في واشنطن تعتبر كل قوى المقاومة الإسلامية مجرد ميليشيا خارجة عن القانون ناهيك أنهم يرون حزب الله منظمة إرهابية إجرامية إلى آخر تلك المنظومة من البذاءات والتي تهدف أولا للحط من قدر الخصم وثاني تسهيل ملاحقته باعتباره خارجا عن قانون الذل والتبعية للهيمنة الأمريكية.
الأسوأ من الملاحقة القانونية وكأننا نعيش في عالم يحكمه القانون هو منح الحق القانوني لأعداء الميليشا لمواجهتها، فما بالك إن كانت هذه الميليشيا تابعة لعصابة إجرامية كما زعم الأخ الثورجي!!.
إنها ميليشات ضد ميليشيات: فليبارك الله لكم أيها العراقيون في حربكم الأهلية القادمة إذا بقي هؤلاء الحمقى على هذا المنوال!!.
وكأننا نسينا أن مشروع تدمير سوريا وتسليح الجماعات الإرهابية تم تحت شعار التصدي لميليشيا الأسد وليس الجيش السوري!!.
كما أن تنظيم أنصار الله (السلطة الحاكمة في اليمن الآن) والتي دافعت عن بلدها ومنعت السعودية والإمارات من التهامه هي في نظر هؤلاء مجرد ميليشيا إرهابية إجرامية انقلابية!!.
أما العصابات الصهيونية الإرهابية مثل الهجاناة التي أبادت الفلسطينيين وطردتهم من بلادهم فهي حركة تحرر وطني مشروع لتحرير فلسطين من أهلها!!.
ولا يفوتنك أن الإرهابي السفاح جعجع هو قائد ثورة الأرز المجيدة ورمز حرية لبنان!!.
كنا ولا زلنا نتمنى على المنتفضين في العراق ضبط مصطلحاتهم والدعوة لملاحقة الجناة والقتلة أيا كان انتماؤهم ولو كانوا من رجال الأمن وليس الوقوع في هوة التحريض على إهدار شرعية سلطة منتخبة سترحل حتما عن المشهد سواء عبر الاستقالة أو في الانتخابات القادمة.
بقلم: دكتور أحمد راسم النفيس
07/11/2019