بعد أن وافقت الولايات المتحدة على استقبال الشاه المخلوع بهلوي للعلاج، غضب طلبة الجامعات الإيرانية، وهاجموا سفارة أمريكا في 4نوفمبر 1979، واحتجزوا 52 موظفًا في السفارة الأمريكية في إيران ، ودعوا إلى إعادة الشاه إلى إيران، بعدها قطعت أمريكا علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في 7إبريل 1980، بمبادرة من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وأفرجت إيران عن الرهائن الـ52 يوم تنصيب الرئيس الأمريكي رونالد ريجان رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير 1981.
ومنذ ذلك اليوم قامت امريكا بفرض حظر شمل كل من القطاعات الاقتصادية والتجارية والعلمية والعسكرية ضد إيران الذي فرضه المكتب الأمريكي لمراقبة الأصول الأجنبية تحت الضغط الأمريكي من خلال مجلس الأمن الدولي، كان في أعقاب اقتحام الايرانيين الغاضبين السفارة الأمريكية في طهران أو مايسمى بـ "وكر التجسس" واخذ العاملين فيها كرهائن في تاريخ 04/11/1979.
إذ قام الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر" بفرض أول حظر على إيران وتجميد نحو 12 مليار دولار من الأصول الإيرانية في أمريكا.
أما في عهد الرئيس الأمريكي السابق "رونالد ريغان" وتحديداً في عام 1984 ميلادي، قام بفرض حظرعلى مبيعات الأسلحة، وأيضاً شمل تحريم جميع المساعدات الأمريكية التي كانت تُرسل لإيران.
واستمرت أمريكا في سياساتها العنجهية رغم كل هذه السنوات وصولاً أيضاً لعهد الرئيس بيل كلينتون، حيث قام في عام 1995 م، بحظر تجارة النفط وأي تجارة أخرى للولايات المتحدة مع ايران، تبعه في العام الذي تلاه، إقرار الكونغرس قانون حظر على إيران (ILSA)وفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تستثمر في قطاع الطاقة الايراني .
وفي عهد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن وأسوةً بأبيه في إكمال حلمه في إرضاخ إيران لترزح تحت وطأة الحصار، وغضباً من سياسة إيران المناهضة للاستكبار الأمريكي، قام " الابن" بإدراج الجمهورية الاسلامية ضمن ما اسمته أمريكا "محور الشر" مع العراق وكوريا الشمالية عام 2002 م، وتبعه بعد عامين، حظر آخر لنشر المخطوطات العلمية من إيران وتعامل العلماء الأمريكيين مع نظرائهم الإيرانيين.
وكان البرنامج النووي الايراني يشكل كابوساً حقيقياً عند الأمريكان، سرعان ماقاموا بتجميد أصول كل الأفراد المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني في العام 2006 م.
واستمرت الجمهورية الاسلامية في التقدم والتطور رغم كل هذه الاجراءات القاسية المتبعة ضدها من قبل أمريكا، حيث ارتأت الأخيرة بأن تزيد من عقوباتها عاماً تلو العام، ففي عام 2007 م، قامت بفرض حظر على عدد من البنوك الإيرانية وبعض الشركات البترولية والبتروكيميائية بهدف إضعاف الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد بنسبة معينة على العائدات النفطية، أيضاً حظرمالي على مسؤولين إيرانيين وشركات إيرانية.
وتعنتت امريكا برأيها، واستمرت في مسلسل الحظر، وإنتاج حلقات جديدة له ليقوم بتمثيلها كل من يجلس على كرسي الرئاسة فيها، ففي عهد الرئيس باراك أوباما، قام بإقرار القانون الشامل للحظر على إيران ومنع الاستثمار فيها والاستيراد منها عام 2010 م، وكان اول من وضع حظراً على حرس الثورة الإسلامية وقوات التعبئة "الباسيج."
وضيق أوباما الخناق أكثر، لتشمل عقوباته الشركات والمؤسسات الأجنبية التي تستثمر في القطاع النفطي الإيراني والتي تتعامل مع بنكها المركزي، بهدف استهداف العملة الإيرانية وقطاع السيارات وفرض عقوبات على كيانات أجنبية تتعامل بالريال.
وكما يقال "يذهب السيء ليأتي الأسوء"، فبعد رحيل أوباما، بدء عهد الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب"، ليبدء في إجراء سياساته العبثية التي هي بالأصل وليدة رحم أسلافه، وليتفنن في الحظر والعقوبات ليس فقط على ايران، بل على كل مخلوق على هذه الأرض يخالف أوامره وسياساته، فإما عليك الولاء والطاعة ودفع الاتاوة له، كما تفعله دول الخليج الفارسي، أو أن يفرض عليك العقوبات.
فقد أصبح حظر ترامب مصدراً لرزقه عن طريق الأموال الخليجية التي يأخذها منهم ليقوم بفرض عقوات على ايران، ليقوم سريعاً بنقض الاتفاق النووي والانسحاب منه، وإعادة تفعيل كل أشكال الحظر التي تم فرضها قبل الاتفاق مع إجراءات حظر جديدة.
ولم يسلم لا حجرٌ ولا بشر من عقوباته التي طالت كل من الصادرات النفطية والشحن والمصارف الايرانية و البتروكيماويات والمعادن والصناعات الأساسية، ووضع حرس الثورة الإسلامية وبعض المؤسسات الايرانية على اللائحة الأمريكية السوداء.
واليوم وبعد أربعين عاماً، نرى أن الحلم الأمريكي قد تحطم تحت اقدام الشعب الإيراني، وكما يقول المثل الشعبي " الضربة التي لا تقسم الظهر تقويه"، فقد شهدت الجمهورية الايرانية تقدماً كبيراً في جميع المجالات، وأصبحت قوة إقليمية تخاف منها أمريكا وتحسب لها ألف حساب.
وهذا هو الشعب الايراني اليوم يحتفل عبر مسيرات حاشدة باليوم الوطني لمقارعة الإستكبار العالمي الذي يتزامن مع ذكرى اقتحام وكر التجسس الامريكي في طهران في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1979 وانتصاره على جميع أشكال الحظر الأمريكي.
بقلم: خليل حاج خليل