نشر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، الثلاثاء، نص الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، إلى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
وجاء في نص الرسالة التي نشرت اليوم، 29 تشرين الأول 2019، "طالبتني بالذهاب الى مجلس النواب والاعلان من تحت قبته لانتخابات مبكرة تحت اشراف الامم المتحدة ومفوضية جديدة. وانني اشكرك فمن حق اي قائد واي مواطن ان يطالب رئيس الوزراء بما يراه مصلحة وطنية وقد يكون المقترح المقدم احد المخارج للازمة الراهنة للاسباب الاتية:
قد تأتي نتائج الانتخابات حاسمة وبالتالي يمكن تشكيل حكومة اغلبية سياسية واضحة تتمتع بدعم برلماني واضح.
قد يساهم الحراك الشعبي نتيجة التظاهرات الاخيرة الى مشاركة واسعة من الشباب في الانتخابات القادمة وقد تقود التعديلات الدستورية والاصلاحات المطروحة لتغيير كامل المناخ السياسي في البلاد ويحدث تجديدا في القوى السياسية الحاملة لمشروع المرحلة المقبلة.
هناك خطوات استطيع انا القيام بها واخرى تتعلق باطراف اخرى، كذلك هناك تحفظات على اختيار هذا المخرج للازمة.
لا يكفي ذهاب رئيس مجلس الوزراء الى البرلمان لاعلان الانتخابات المبكرة ليتحقق الامر، بل هناك سياقات دستورية (المادة 64) يجب علي رئيس مجلس الوزراء الالتزام بها. فالانتخابات المبكرة تستدعي ان يوافق رئيس الجمهورية على طلب من رئيس مجلس الوزراء على حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة خلال 60 يوما، وهذا لن يتحقق الا بتصويت مجلس النواب على حل المجلس بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، اي باغلبية 165 صوتا، وتعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول الى حكومة تصريف اعمال يومية.
او ان يقدم بموجب (المادة 64) ثلث اعضاء مجلس النواب اي 110 صوتا طلبا لحل مجلس النواب، واذا صوت مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه فان انتخابات تشريعية جديدة يجب ان تتم خلال 60 يوما وتعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول الى حكومة تصريف اعمال يومية.
وكما كتبت في رسالة سابقة الى سماحتكم هناك بعض التحفظات.
اذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة فهناك طريق اكثر اختصارا وهو ان يتفق سماحتكم مع الاخ العامري لتشكيل حكومة جديدة، وعندها يستطيع رئيس مجلس الوزراء تقديم استقالته واستلام الحكومة الجديدة مهامها خلال ايام ان لم نقل ساعات من تحقق هذا الاتفاق. واعتقد ان الكتل السياسية ستتعاون بشكل واسع لتحقيق التصويت اللازم. اما الانتخابات المبكرة فمجهول امرها. فمتى سيتسنى اجراؤها؟ وهل سيتم الاتفاق على كامل شروطها؟ وهل ستأتي نتائجها حاسمة؟ وغيرها من امور قد تتركنا امام مجاهيل كبيرة.
ان تحول الحكومة الى حكومة تصريف اعمال يومية معناه عدم تمرير الموازنة، ومعناه التوقف عن التوقيع على المشاريع الجديدة والقوانين المطلوب تشريعها باسرع وقت والتي بها نحقق خطوات تم الاتفاق عليها للاصلاح وتوفير فرص العمل وتشجيع الاستثمارات والاعمال الجديدة، ناهيك عن امور اخرى كثيرة يجب الالتفات اليها. فكم ستستغرق عملية حل مجلس النواب؟ او تغيير المفوضية؟ فالمستثمرون يهربون بسبب المجهول والاحداث الدامية، وهناك دماء تسيل مما يتطلب اجراءات واضحة لتستطيع الدولة القيام بواجباتها، وتحفظ النظام العام وتطبق القانون على الجميع.
تطالبون بعدم مشاركة الاحزاب الحالية الا من ارتضاه الشعب. واشير الى انني ذكرت في خطابي الاخير ان الاحزاب السياسية قد تخلفت عن فهم المعادلات الجديدة للبلاد فلم تقم بواجبها كما يجب، كما تخلفت عن ذلك الدولة، فنزل الشعب الى الشوارع يعبر عن رأيه. وهذه نتيجة اجتماعية/سياسية تمر بها كل التجارب والامم. لكن من سيعرف الاحزاب التي يرتضيها الشعب ؟ فالحريات والحقوق التي يجب ان تكفل للجميع لا تقررها اجتهادات شخصية، حتى وان كانت ستبرهن عن صحتها في نهاية المطاف. فصناديق الاقتراع هي الوسيلة الافضل للتعبير عن رأي الشعب شريطة ان نقترب اكثر ما يمكن من توفير كافة الشروط ليتطابق رأي الشعب مع نتائج الانتخابات.
هكذا كان الامر تاريخيا ولدى بقية الشعوب، وهكذا هو الان وبالنسبة للشعب العراقي. فالشعوب ليست حالات هلامية او افترضية سيدعي كل منا تمثيله. لذلك رفض امير المؤمنين عليه السلام بيعة في ليل. ولذلك يجب ان تظهر ارادة الشعب واضحة جلية. فاذا كان هناك استبداد فان الثورات هي الحل. واذا كان هناك نظام ديمقراطي يوفر الوسيلة للتعرف على رأي الشعب فان صناديق الاقتراع هي الحل. اما ان يحتكر فرد او حزب السلطة ويفرض ارادته على الشعب، او يأتي ملثمون ويغلقون جامعة من الجامعات ويكتبون على الابواب مغلقة باسم الشعب، او ان يقوم مدير مدرسة باخراج المراهقين الى الشوارع باسم الشعب، فهذا انحراف واحتكار وتصرف تعاقب عليه في النهاية السنن الالهية والبشرية، كما يعاقب عليه القانون ولا يمثل رأي الشعب.
انني اتفهم تماما مشاعر شبابنا من قضايا بلدهم واهمية مشاركتهم فيها. فلقد كان لنا ايضا شبابنا وحماسنا. وقد لا تعلمون بانني فصلت من مدرستي في الصف الرابع ثانوي وعمري يومها 14-15 عاما، لانني شاركت بمظاهرات بورت سعيد والعدوان الثلاثي على مصر وضد الانتخابات التي اسميناها يوما بالمزورة عام 1956-1957. ان حماس شبابنا وحرصهم هو عامل اطمئنان ان اجيالنا الصاعدة تتمتع بحس وروح وطنية عالية. وسيتعلمون بتجربتهم الخاصة الطريق الصحيح الذي يجب ان يرسموه لبلدهم. وان واجبنا ليس قمعهم وردعهم بل احترامهم والاستماع اليهم ومساعدتهم بكل ما يمكن من وسائل. لقد قمنا بما يمليه علينا واجبنا فاصبنا واخطأنا، وهم سيستلمون المسؤوليات وادعو العلي القدير ان لا يعيدوا ارتكاب اخطائنا بل ان يتعلموا منها، وسيتفهم الشعب عندها اخطاءهم عند تحملهم المسؤولية، ان كانت مخلصة وفي طريق الاصلاح وتجديد دماء الشعب والبلاد.