وكشفت بيانات المندوبية السامية للتخطيط في المغرب حول نسب الفقر في البلاد أن الحكومة تحتاج إلى رؤية إصلاحية أعمق لتطويق هذه المشكلة.
ويظهر مسح حديث أجرته المندوبية أن نحو 43.9 بالمئة من الأسر عانت من تدهور المعيشة خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، فيما يبدو الوضع مستقرا لقرابة 32.5 بالمئة، أما الشريحة التي تمثل 23.6 بالمئة فترى أنه تحسن.
ويقترب معدل من يعانون من الفقر الشديد في المغرب من النسبة التي ساقها مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في يوليو الماضي والتي تقدر بحوالي 45.7 بالمئة.
ويأتي إعلان المندوبية المغربية لهذه الأرقام متزامنا مع اليوم العالمي للفقر الذي يصادف يوم 17 أكتوبر من كل عام.
ويرى خبراء أن اتساع شريحة الفقراء بالبلاد رغم كل المبادرات المعلنة خلال العامين الأخيرين لتحسين مستوى معيشة المواطنين سيدفع الحكومة في نهاية المطاف إلى مراجعة خططها الإصلاحية لتجنب تفاقم المشكلة.
وتحاول الرباط مد شبكة إصلاحاتها لتطول كافة القطاعات الحيوية بغية توفير المزيد من فرص العمل للشباب، وبالتالي الحد من معدلات البطالة البالغة وفق الإحصائيات الرسمية نحو 12.4 بالمئة.
وأكدت المندوبية في مذكرة نشرتها الأربعاء الماضي، أن ثلث الأسر المغربية لا تزال تلجأ حتى اليوم إلى الاقتراض لمواجهة موجة النفقات المتزايدة.
ورغم أن مسألة الاقتراض تشجع على رفع مستويات الاستهلاك التي تساعد في تنمية الدورة الاقتصادية، لكنها تعتبر عاملا إضافيا للسلطات للنظر أبعد من ذلك لمكافحة الفقر وفق قواعد مستدامة.
ويتركز الفقر بشكل كبير داخل الأوساط الريفية نتيجة ضعف سياسات الدولة الموجهة لتلك المناطق، غير أن الحكومة تقول إنها تعمل على تحقيق أهداف أجندتها المتعلقة بالتنمية الاقتصادية المستدامة.
7 بالمئة من الأسر المغربية تعاني تدهور مستوى المعيشة، بحسب المندوبية السامية للتخطيط 7 بالمئة من الأسر المغربية تعاني تدهور مستوى المعيشة، بحسب المندوبية السامية للتخطيط.
ويسود اعتقاد داخل الأوساط الاقتصادية أن الحكومة في ثوبها الجديد المتكون من 24 حقيبة وزارية فقط، ستصطدم بالمزيد من التحديات خلال العام المقبل خاصة في مسألة الدعم مع المضي قدما في إعداد موازنة 2020.
وتبلغ قيمة الدعم التقديرية المخصصة لصندوق المقاصة في الموازنة الحالية حوالي 2.23 مليار دولار بزيادة تصل إلى 25 بالمئة عن مستويات الموازنة السابقة، وقد تضطر الحكومة إلى زيادتها في الموازنة الجديدة.
ويتولى الصندوق مسؤولية دعم القدرة الشرائية للمواطنين والمرتبطة أساسا بالسلع الأساسية مثل الوقود وأسطوانات الغاز ذات الاستعمال المنزلي والسكر والدقيق.
وكانت الحكومة قد أعلنت مطلع العام الماضي عن برنامج لإيصال الدعم نقدا لمستحقيه بشكل مباشر بهدف إخراج الملايين من خط الفقر، وذلك بدلا من نظام الدعم المعتمد في السابق.
وقال وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، حينها إن الحكومة “تعتزم دعم كل أسرة فقيرة بنحو ألف درهم (109 دولارات) شهريا”. وأوضح أن هدف الخطوة هو القضاء على الفقر بحلول 2021.
وتفيد إحصاءات رسمية بأن 1.6 مليون مغربي يعيشون في وضعية فقر مدقع، فيما يعيش 4.2 مليون في وضعية هشة، من أصل حوالي 35.2 مليون نسمة.
وسيطول النظام الجديد الشريحة الفقيرة بما فيها الأمهات اللاتي أنجبن أطفالا خارج إطار الزواج، لكن الوزير لم يحدد تاريخا لبدء إحلال الدعم النقدي بدلا عن دعم المواد الأساسية.
وبدأت الرباط في عام 2017 بالتعاون مع البنك الدولي في بناء قاعدة بيانات تجمع الفئات الفقيرة، التي ستستفيد من البرامج الاجتماعية تحت اسم “السجل الاجتماعي الموحد”.
وتقول الحكومة إنها تخطط لرفع الدعم تدريجيا عن بعض المواد الأساسية، بعدما رفعت الحكومة السابقة بصفة نهائية الدعم عن الوقود، نهاية عام 2015.
وأكد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني مرارا مواصلة نسق الإصلاحات. وقال إن “إصلاح نظام الدعم يعد إجراء لا مناص منه بعد أن أثبتت الدراسات والتحليلات وجود اختلالات عديدة”.
وتتمثل الاختلالات في عدم استقرار القيمة المالية المخصصة للدعم، بسبب ارتفاع الأسعار الدولية للمواد المدعمة، وتزايد الطلب الداخلي على هذه المواد.
ويعتمد نمو الاقتصاد المغربي بشكل أساسي على الزراعة، التي تأثرت خلال السنوات الأخيرة بالتقلبات المناخية مع اعتماد غالبية القطاع على نظام بمياه الأمطار.
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير حول آفاق الاقتصاد العالمي تسارع نمو الاقتصاد المغربي بنهاية العام القادم، وأن يستمر في تسارعه خلال السنوات الأربع التالية ليصل إلى 4.5 بالمئة بحلول 2024.
وأوضح أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمغرب ارتفع بنهاية العام الماضي بنسبة 3 بالمئة، على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يتباطأ إلى نمو نسبته 2.7 بالمئة في نهاية العام الجاري.
وأشارت توقعات الصندوق كذلك إلى ارتفاع معدل التضخم في المغرب من 0.6 بالمئة متوقعة بنهاية هذا العام، إلى 1.6 بالمئة بحلول 2021.