واستنتج عطوان ان هذا الامر يؤكد أن إيران نجحت في إقامة “شرق أوسط” جديد، ولكن بزعامتها، وليس بزعامة الولايات المتحدة، مثلما خططت كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة.
واستعرض الكاتب تفاصيل الاتصال الذي اشار اليه موضحا ان ايران وافقت عليه بداية بعد ان تجاوبت الادارة الأمريكية مع معظم الشروط الإيرانية، وأهمها رفع فوري للحظر الا ان اوامر جاءت من طهران حالت دون ذلك ، إمعانا في إذلال ترامب وإهانته لانسحابه من الاتفاق النووي وفرض الحظر على إيران.
وراى عطوان ان القيادة الإيرانية ترى نفسها في موقف قوي يؤهلها لفرض شروطها وإرادتها على الآخرين، وعلى رأسهم الأمريكي و”أتباعه” في المنطقة لعدة أسباب ذكر منها:
فشل الحظر الاقتصادي الأمريكي في “تركيع” إيران، واستمرار تدفق صادرات النفط الإيرانية ويقين القيادة الايرانية بأن امريكا “أجبن” من أن تشن هجوما عسكريا ضد إيران، سواء للانتقام ، أو دفاعا عن حلفائها والسعوديين، منهم خاصة. هذا فضلا عن ان جميع خصومها يواجهون أزمات متفاقمة، فالهزائم تتوالى على السعودية من قبل اليمنيين ، حيث خسرت آلاف الأسرى ومئات القتلى، والعربات المدرعة الحديثة في محور نجران .
وزاد عطوان على ذلك ان الطرف الإسرائيلي الذي كان من أبرز المحرضين لأمريكا للهجوم على إيران يعيش حالة من الفوضى السياسية حاليا، وبنيامين نتنياهو فشل للمرة الثانية في تشكيل الوزارة، وبدأت اليوم التحقيقات الرسمية من قبل المدعي العام في التهم الموجهة إليه بالفساد، والاختفاء من المشهد السياسي والإقامة في زنزانة لعدة سنوات باتا مؤكدين.
اما عن الرئيس ترامب فقد قال عطوان ان ترامب نفسه يواجه تحقيقات قد تؤدي إلى عزله، وباتت فرص فوزه بولاية ثانية تتراجع لأسباب عديدة، منها التراجع الاقتصادي، وسوء استخدام السلطة، واللجوء إلى طرق نظرائه العرب “المتخلفة” و”غير الديمقراطية” في تشويه صورة خصومه، وكثرة استقبال “الحلفاء” العرب.
وراى ان الدليل الاخر يتمثل في تحقيق محور المقاومة إنجازا استراتيجيا على درجة كبيرة من الأهمية بفتح معبر القائم البوكمال على الحدود السورية العراقية قبل يومين، وهو ما يعني ربط محور المقاومة من ايران وحتى شواطئ البحر المتوسط دون أي عقبات، وبما يكسر الحصار المفروض على سورية وإنهاء عزلتها .
ولم يستغرب رئيس تحرير صحيفة راي اليوم من هذا الانقلاب في المشهد الشرق أوسطي حيث تتقدم فيه إيران، ويتراجع خصومها في المقابل، ويتذلل فيه الرئيس ترامب لها، ويتحمل الإهانات سعيا للحوار معها على أمل الخروج من أزماته تطبيقا للمثل الإنجليزي الشهير “إن لم تستطع هزيمتهم انضم إليهم”.
اما القيادة السعودية التي هددت بنقل الحرب إلى الداخل الإيراني عبر الجماعات المسلحة، وعلى الطريقة الليبية والسورية فقد قال عطوان انها ، باتت ترسل الوسطاء إلى طهران طلبا للحوار والتهدئة، وهو انقلاب وتراجع كبيران في مواقفها يمكن فهمها بالنظر إلى تطورات الحرب اليمنية الأخيرة.
وذكر في جانب اخر من مقاله بانه قالها سابقا ويكررها بان العالم لا يحترم إلا الطرف القوي الذي يحافظ على كرامة شعبه وعزة بلده، ويرفض الخضوع للابتزاز، ويعتمد على نفسه وقوته الذاتية في الدفاع عن سيادته، والقيادة الإيرانية تتبنى هذه المبادئ والقيم البديهية، المدعومة بخطط البناء والتنمية والتصنيع الحربي، والنفس الطويل، وإقامة دولة المؤسسات والابتعاد عن المزاجية الفردية.
واعتبر عطوان ان أمريكا خدعت العرب والخليجيين، منهم بالذات، وأذلتهم، وابتزتهم، ونهبت أموالهم، وباعتهم أسلحة “خردة” منزوعة القوة والدقة والدسم، وثبت ذلك بوضوح في فشل صواريخ “الباتريوت” والرادارات “الحديثة” التي كلفت عشرات المليارات من الدولارات في رصد، أو منع، هجمات حركة “أنصار الله”، وحماية المنشآت النفطية، والمطارات السعودية.
وختم رئيس تحرير صحيفة راي اليوم مقاله بالقول ، نحن مع الحوار العربي مع إيران والتهدئة معها، لأن إدارة ترامب تستجدي ذلك، ولن نفاجأ إذا ما رضخت للشروط الإيرانية كلها، ورفعت العقوبات عنها بالكامل، واعترفت بقيادتها لمنطقة الشرق الأوسط، فعندما تعلن الصين نيتها القيام باستثمارات ضخمة في إيران، وتركيا أنها ستستمر في استيراد النفط الإيراني، ولن تعترف بالحظر الأمريكي، وتتنسق روسيا سياساتها في سورية والمنطقة مع طهران، فهذا يعني قيام شرق أوسط جديد لا مكان ولا دور فيه للعرب، وإن وجد هذا المكان وهذا الدور، فإنه دور التابع الذليل.. والأيام بيننا.