لا خيار آخر لإردوغان: ترامب أو الأسد

الجمعة 27 سبتمبر 2019 - 17:29 بتوقيت غرينتش
لا خيار آخر لإردوغان: ترامب أو الأسد

سوريا_الكوثر: تهرّب الرئيس ترامب من لقائه مع الرئيس إردوغان، واكتفى بحديث هاتفي معه، فيما جلس مطوّلاً مع السيسي.

خلافاً لما كان متوقَّعاً، فقد تهرّب الرئيس ترامب من لقائه مع الرئيس إردوغان، واكتفى بحديث هاتفي معه، فيما جلسَ مطوَّلا مع السيسي العدو اللدود لإردوغان، فعساه يكون قد تلقى الرسالة.

كانت المنطقة الآمنة، الموضوع الرئيسي في حديث إردوغان مع ترامب، بعدما هدّد وتوعّد أميركا في هذ الموضوع، ومن دون أن يفكّر بمصالَحة الأسد كي لا يُقال عنه إنه هُزِم أمامه. وإلا ليس هناك أي مبرِّر للحديث معَ “العدوِ” ترامب حول المنطقة الآمنة/ ولا سيما أن كل احتمالاتها ليست لصالح تركيا وسوريا، ما دامت واشنطن حليفة "إسرائيل" وصديق قوات سوريا الديمقراطية بشقّيها الكردي والعربي.

فما هي الاحتمالات؟

لنقلْ إنّ الطرفين التركي والأميركي اتفقا، ففي هذه الحالة هل ستحمي المنطقة الآمنة وهي بعمق 15 كم الكرد من تركيا، أم تركيا من الكرد الموالين لحزب العمال الكردستاني التركي؟

الاتفاق سيعني اعترافا تركيا بالوجود، أي بالاحتلال الأميركي والأطلسي لشرق الفرات، كما سيعني قبولا تركيا بالكيانات الكردية والعربية الانفصالية شرق الفرات جنوب المنطقة الآمنة.

هدّد الرئيس إردوغان باجتياح شرق الفرات نهاية الشهر الحالي، إذا رفضت واشنطن شروط التنسيق والتعاون العملي مع الجيش التركي في المنطقة الآمنة، ، فهل سيفعل إردوغان ذلك بعد أيام وكيف؟

إذا دخل الجيش التركي شرق الفرات فسيجد نفسه وجها لوجه مع القوات الأميركية التي لها في تركيا 10 قواعد، وفي المنطقة أكثر من 20 كما نقل الأميركيون حتى الآن نحو70 ألف شاحنة من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى المنطقة، وفيها 10 قواعد أميركيّة.

لنفرض جدلاً أن القوات الأميركية ولأي سبب كان، انسحبت من المنطقة، إلا أنها ستستمر في دعم وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية بكافة أنواع الأسلحة لتكبّد القوات التركية أكبر الخسائر، مع احتمالات الإفادة من بقايا داعش في هذه الحرب، ما سيفتح أبواب جهنم من جديد.

موسكو وطهران اللتان لم تخفيا عدم ارتياحهما من الموقف التركي في إدلب، تراقبان التطورات عن كثب، لأن شرق الفرات هو حدود غرب العراق، والحرب في المنطقة ستسهم في تقسيم سوريا، مع الانتباه إلى حسابات واشنطن الأخيرة ضد إيران ومساعي الغرب لإقامة “إسرائيل ثانية”على حدود تركيا وسوريا والعراق، وفيها نهر الفرات حدود “إسرائيل الكبرى”.

موقف ترامب الرافض للقاء إردوغان قد يدفع ويجب أن يدفع الأخير إلى تقرير مصير العلاقة مع الأميركيين، فإما أن ينسى كل تهديداته لواشنطن ويقبل بالأمر الواقع شرق الفرات ليبقى الجيش التركي لفترة أطول غرب الفرات، أو أن يذهب ويصالح الأسد فورا، ويعالج معه كل أزماته في سوريا.

وإلا ما عليه إلا أن يقنع روسيا وإيران وسوريا باستمرار وجوده غرب الفرات من جرابلس إلى عفرين بالتنسيق والتعاون مع ما لا يقل عن 50 ألف مسلح وأكثر من 100 ألف من العناصر الآخرين الذين يعملون لحساب المؤسسات الخدمية في مدن المنطقة وقراها ومن منطلقات عقائدية أي إخوانية.

والسؤال: لماذا يرهق إردوغان نفسه بكل هذه الأمور الصعبة والمعقدة والخطرة، بعدما أثبتت السنوات الثماني الماضية فشل سياساته في سوريا والمنطقة عموما؟

ولماذا ينسى أنه دخل الى المنطقة العربية عبر البوابة السورية، وكان يتحدث عن “تصفير المشاكل مع الجيران، وهو الآن يغامر في كل مستنقعاتها” والكلام لكمال كليغدار أوغلو.

وتدفع كل هذه المعطيات الكثير من الأوساط إلى التعبيرعن دهشتها من أفعال الرئيس أردوغان، وتتساءل “يا ترى ألا يرى الرئيس إردوغان ويدرك أن كل ما فعله ويفعله الآن كان وما زال ضد المصالح الوطنية والقومية للأمة والدولة التركية”.

وإلا لماذا تعاني تركيا من الأزمة المالية الخطرة وتعادي جميع دول المنطقة باستثناء قطر حليفة واشنطن، وتوترعلاقاتها مع دول الاتحاد الأوروبي، التي لديها ما يكفيها من الأسباب لمعاداة إردوغان، ويدعوه الجميع هنا إلى التخلي عن عقده النفسية ومصالحة الرئيس الأسد فوراً.

والسؤال الحرج إذا لم يصالح إردوغان الأسد فهل سيستمر في تعاونه مع ترامب في سوريا حتى بعد أن رفض اللقاء به في نيويورك، حيث التقى مع ممثلي المنظمات اليهودية في محاولة أخيرة منه لكسب ود ترامب.

وكانت جميع هذه التناقضات بانعكاساتها على السياسة الداخلية كافية لتراجع شعبية إردوغان إلى 39٪، بعد أن تمرد عليه جميع رفاق دربه السابقين ومنهم غول وداود أوغلو، ولديهما من الأسرار ما يكفي لفضح كل ملفاته التي تريد لها واشنطن ومن معها أن تبقى مغلقة ما دامت تخدم "إسرائيل" بوجودها الفعال شرق الفرات.

والمصالحة التركية مع دمشق هي وحدها فقط ستفضح كل هذه السيناريوهات الخطرة وتثبت للجميع أن ترامب بأساليبه الرخيصة ليس “بالورقة الرابحة” كما يقول القاموس الإنكليزي!.

بقلم: حسني محلي