نتنياهو الخارج من الهزيمة: الرهان على إفشال غانتس

الخميس 19 سبتمبر 2019 - 05:19 بتوقيت غرينتش
نتنياهو الخارج من الهزيمة: الرهان على إفشال غانتس

الكوثر: بعدما أظهرت نتائج الانتخابات عجزه عن تحقيق تفوق، سواء لحزبه «الليكود» أو للكتلة اليمينية - الحريدية المؤيدة له، يراهن بنيامين نتنياهو على مسارات بديلة يأمل أن تجنبه تجرع كأس حكومة الوحدة القومية الليبرالية، وهو ما يواجه صعوبات كثيرة، على رأسها ارتفاع مقاعد أفيغدور ليبرمان، «بيضة القبان» في المشهد السياسي.

أكدت النتائج شبه الرسمية لانتخابات الكنيست، أمس، الخسارة المركبة لرئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، مثلما دلت على ذلك النتائج الأولية، مع إغلاق صناديق الاقتراع: فشل في تحقيق أغلبية 61 مقعدا لكتلة اليمين التي أعلنت تأييدها له، وفشل في إيصال حزبه إلى المرتبة الأولى في «الكنيست». إلا أن النتائج نفسها، التي أظهرت أن حزب «أزرق أبيض» احتل المرتبة الأولى، متقدما على «الليكود» بفارق مقعد واحد، بينت كذلك أن مجموع مقاعد كتلة الوسط - اليسار إضافة إلى «القائمة العربية المشتركة» ظل دون 61 مقعدا، ما يعني أن بني غانتس، حتى لو كلف تشكيل الحكومة، لن يكون قادرا فعليا على التشكيل.

«بيضة القبان»، كما في الانتخابات الماضية، هي حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة وزير الأمن السابق، أفيغدور ليبرمان، مع نيله 9 مقاعد في «الكنيست» الحالي ارتفاعا من 5 مقاعد في «الكنيست» الماضي، ويتعذر على الكتلتين منفردتين، اليمين والوسط - اليسار، تشكيل الحكومة من دونه، إلا في حال التوجه إلى حكومة وحدة قومية ليبرالية من حزبه و«الليكود» و«أزرق أبيض»، على أن تخلو - كما تدل تسميتها - من الأحزاب الدينية «الحريدية» و«القائمة العربية المشتركة». ولعل سيناريو حكومة الوحدة، وفق ما يدعو إليه ليبرمان، هو السيناريو الأكثر ترجيحا بعد أخذ ورد قد يطولان، في ظل تعذر البدائل الأخرى. وفي حال وصول الأمور إلى ذلك، سيكون مشهد تركيب الحكومة شائكا، بالنظر إلى تعارض رغبات الأطراف في ما يتصل بتوزيع مقاعد الحكومة وتحديد هوية رئيسها ما بين نتنياهو وغانتس، ضمن قاعدة التناوب التي تفرضها حكومة الوحدة على «الليكود» و«أزرق أبيض».

ظهر فرز أكثر من 95 بالمئة من صناديق الاقتراع فوز حزب «أزرق أبيض» بـ32 مقعدا

لكن هذا السيناريو لا يلغي خسارة نتنياهو، وربما أيضا لا يلطف منها، خاصة أن محل قياس الفشل من الفوز لدى الرجل في هذه المرحلة ليس موقعه في الحكومة ومكاسبه فيها، بل حصانته من الملاحقة القضائية، التي كان يأمل تجنبها مع حكومة يمينية خالصة، باتت - كما يبدو من النتائج - خارج متناول اليد حاليا. واحد من اعتبارات نتنياهو في الانتخابات الماضية، التي فرضت عليه عدم التخلي عن الأحزاب الدينية «الحريدية»، أن الأخيرة مؤيدة من دون تحفظ لإجراءات قانونية تؤمن حصانته، وهو ما سيخسره في حال الرضوخ لمطالب ليبرمان وشروطه في منع «الحريديم» من الاشتراك في حكومة الوحدة التي يطالب بها، فضلا عن أن حكومة الوحدة نفسها لا تؤمن له الحصانة المطلوبة. على هذه الخلفية، يأتي استباق نتنياهو، أمس، مشاورات الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، واحتمال تكليفه بني غانتس تشكيل الحكومة، بوصفه ذلك بأنه الإجراء الطبيعي، لكون غانتس رئيس الحزب الأكبر في «الكنيست». إذ اتفق نتنياهو مع اليمين المؤيد له على التفاوض ككتلة واحدة في المفاوضات الحكومية، وهو ما من شأنه تصعيب مهمة غانتس وتاليا إفشالها، ما يعني العودة لاحقا إلى تكليف نتنياهو، بوصفه رئيس الحزب ذي المرتبة الثانية في «الكنيست». توجه كان واضحا في حديث رئيس الحكومة، حيث قال إن هناك خيارين: حكومة برئاستي، أو حكومة تعتمد على الأحزاب العربية المعادية للصهيونية، ما يعني أنه يعارض حكومة وحدة، ويأمل في مسارات قد تمكنه من تشكيل الحكومة برئاسته.

يراهن نتنياهو على عامل الزمن، وعلى مستجدات قد تمكنه هو من تشكيل الائتلاف، سواء عبر شق أحزاب وتكتلات في المعسكر المقابل، أو نتيجة ظرف داهم سياسي أو ميداني يؤدي إلى تليين المواقف والحد من شروط التكليف بين أحزاب اليمين. ويدرك نتنياهو، من الآن، أن الفشل في تولي رئاسة الحكومة منفردا، وتولي غانتس أولا رئاسة حكومة وحدة على فرض الذهاب إليها، يعد سيناريو كارثيا لا يمنع عنه المسار القضائي والمحاكمة، ومن ثم السجن. الثابت إلى الآن، أن نتنياهو خسر الانتخابات، ويبدو أنه أيضا فقد السيطرة على الوضع وعلى تحديد المسارات، وإن كان يصر على تظهير نفسه بصورة المقتدر، على رغم أنه يراهن على متغيرات غير ملموسة، خاصة أن خصمه بني غانتس ليس هو الفائز في الانتخابات عمليا؛ إذ إن الاثنين يعدان أسيرين لدى أفيغدور ليبرمان.

وأظهر فرز أكثر من 95 بالمئة من صناديق الاقتراع، أمس، فوز حزب «أزرق أبيض» بـ32 مقعدا، مقابل 31 مقعدا لحزب «الليكود» الذي حل ثانيا. وفيما نالت الكتلة اليمينية - «الحريدية» المؤيدة لنتنياهو 55 مقعدا، تقدمت عليها كتلة الوسط - اليسار و«القائمة العربية المشتركة» بـ56 مقعدا. أما حزب «إسرائيل بيتنا»، برئاسة أفيغدور ليبرمان، فنال تسعة مقاعد. ونتيجة ارتفاع نسبة التصويت بين فلسطينيي عام 1948، حلت «القائمة العربية المشتركة» في المرتبة الثالثة بـ13 مقعدا. وفاز حزب «شاس» «الحريدي» لليهود الشرقيين بـ9 مقاعد، وحزب «يهدوت هتوراه» «الحريدي» لليهود الأشكناز بـ8 مقاعد، فيما نال حزب «اليمين الجديد» برئاسة إيليت شاكيد 7 مقاعد، وتكتل «العمل - غيشر» ستة مقاعد، وأخيرا «المعسكر الديمقراطي» المكون من حزب «ميرتس» اليساري وحزب إيهود باراك الجديد «إسرائيل الديمقراطية» 5 مقاعد، علما أن باراك نفسه لم يفز بمقعد في «الكنيست».

* يحيى دبوق .. جريدة الأخبار