( لماذا سيتم تدريس عملية حزب الله البطولية في كبرى الأكاديميات العسكرية ؟ )
الكاتب المهندس إيهاب الطاهر من فلسطين
قد يكون هذا من أصعب مقالاتي لأنه من أجل توصيل الفكرة بشكل صحيح مئة بالمئة فلا بد من إستعمال بعض المصطلحات العسكرية المتخصصة والتي قد لا يستوعبها غالبية الناس العاديين ، ولذلك سأحاول الإبتعاد قدر الإمكان عن الغوص في أعماق الشأن العسكري ......
أولا ..... هذه العملية هي من الحالات النادرة جدا في التاريخ التي تمنح فيها الجهة التي تنوي تنفيذ عملية إخبارا لعدوها بنيتها تنفيذ هجوم قبل أيام من تنفيذه ، ومع ذلك حقق حزب الله نجاحا منقطع النظير في تنفيذ العملية ...
ثانيا ..... جميع المحللين والخبراء العسكريين يعلمون أن أفضل وقت لتنفيذ مثل هذه العمليات هو الليل حيث الظلام الدامس بينما تعمد حزب الله إختيار وقت النهار لتنفيذ عمليته البطولية .....
ثالثا ..... مكان العملية الذي يبعد حوالي كيلومترين عن حدود لبنان وليس على الشريط الحدودي ، والأخطر من ذلك هو المكان الذي إنطلق منه أبطال حزب الله وهو ما يعرف بالعلم العسكري بإسم ( Dead zone ) أي منطقة ميتة ، وهذا ما لم يتخيله الصهاينة بأن يتمكن مقاتلو حزب الله من الإنطلاق من هذه المنطقة الصعبة وشبه مستحيلة ....
رابعا .... لا زال المحللون العسكريون الصهاينة يبحثون عن جواب لسؤال كيف تمكن أبطال حزب الله من تجاوز جميع أجهزة الكشف الحراري التي تستطيع كشف أي كائن حي يتحرك في المنطقة الحدودية .....
خامسا ..... وهذا البند قد لا يسهل على الكثيرين فهمه ولكن أي خبير عسكري سيدرك ما الذي أعنيه وهو أن هناك صاروخين إنطلقا من مكاني إطلاق مختلفين على هدف متحرك بمسافة المدى الأعظمي للسلاح ، ويصيب الصاروخان هدفهما بفارق أجزاء من الثانية وتكون الإصابة قاتلة ومحققة .....
أي خبير عسكري يدرك أن هذا يعني إنجازا وإحترافية كبيرة جدا في العلوم العسكرية .........
سادسا .... أثبت حزب الله من خلال هذه العملية أنه يتفوق على الكثير من أكبر الجيوش في العالم من ناحية المهنية والإحتراف والحسابات الدقيقة وحجم الإستطلاع المسبق حيث وصل الأمر بالصهاينة بأن يقفوا على إجر ونص كما أمرهم بذلك سيد المقاومة بينما ينتظرون بل وأكثر من الإنتظار كانوا يتمنون ألا يتأخر الرد حتى يعودوا للوقوف على قدمين وليس على إجر ونص ....
وهنا سيسجل التاريخ سابقة لا أظنها ستتكرر وهي أن "إسرائيل" كانت تبعث أهدافا لتغري بها حزب الله كي ينفذ عمليته ليتنفسوا بعدها الصعداء ، فتارة يضعون جنود دُمى في المدرعات ويرسلونهم إلى الحدود ، وعندما لم يفلح ذلك أرسلوا جنديا من يهود الفلاشا كطعم لحزب الله لعله يقتله ، وهنا تظهر عنصرية هذا الكيان العنصري ، ومرة أخرى لا يمنحهم حزب الله هذه الفرصة ......
سابعا ..... مقابل هذه العنصرية الإسرائيلية وإنعدام الإنسانية فإن حزب الله تصرف بأخلاق سامية وطبق قواعد إشتباك إنسانية عندما رفض إستهداف الطواقم الطبية التي كانت تنقل المصابين الصهاينة ، وهنا أتذكر مقولة البروفيسور الفلسطيني إدوارد سعيد بأن الضحية ستنتصر حتما عندنا تتفوق أخلاقيا على عدوها وجلادها ، وهذا يذكرنا بأخلاق حزب الله في قتاله ضد الإرهاب التكفيري في سوريا حيث شهد له أعداؤه بتعامله الإنساني والحضاري مع الأسرى الإرهابيين رغم تعامل الإرهابيين الوحشي مع أسراهم وقتلهم لألاف الأسرى ....
ثامنا .... تعمد حزب الله إستعمال صاروخ كورنيت لأنه فورا يُذكر الصهاينة بسوريا وببشار الأسد الذي زود حزب الله والمقاومة الفلسطينية بألاف الصواريخ من هذا الطراز ، وكأنه يقول للصهاينة : أردتم إسقاط بشار الأسد وها هي صواريخه لا تزال تصلنا وتصل إلى غزة ، أي تأكيد على فشل مشروعهم في سوريا ....
تاسعا ..... وهذا البند بالنسبة لي شخصيا من أهم إنجازات العملية البطولية وهو هذه الوحدة الفلسطينية التي لم يسبق لها مثيل في دعم حزب الله والترحيب بالعملية البطولية .
من كان يتخيل أن يخرج اللاجئون الفلسطينيون من جميع الفصائل في جميع مخيمات لبنان يوزعون الحلوى ويطلقون الألعاب النارية إبتهاجا بعملية حزب الله ، وبأن تُصدر جميع الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية وحتى رابطة علماء فلسطين مئات البيانات المرحبة بالعملية والداعمة لحزب الله في مشهد وحدوي لم نشهد مثله منذ عقود طويلة ؟
عاشراً أهم نتيجة للعملية البطولية أنها نسفت للأبد قواعد الإشتباك بين العرب وبين الكيان الصهيوني القائمة منذ سبعين عاما والتي تقضي بأن الحدود الوهمية للكيان الصهيوني هي خط أحمر داقن ممنوع أن يخترقه حتى الذباب لتؤسس هذه العملية لقواعد إشتباك جديدة ملخصها أن ما وعد به سيد المقاومة بالسيطرة على مناطق من الجليل في فلسطين المحتلة هو أمر حتمي وبديهي في أي مواجهة قادمة بين إسرائيل وبين حزب الله .....
وفي الختام أعتذر شديد الإعتذار عن الإطالة وشكرا لطيب المتابعة