وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء حول "الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.. تحديات السلم والأمن في الشرق الأوسط" : إن احترام مبادئ المساواة في السيادة بين الدول التي تأسست عليها الأمم المتحدة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وكذلك عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها يستوجب أمورا من ضمنها إلزام الولايات المتحدة وحلفائها بمن فيهم قوات الاحتلال التركي بإنهاء وجودهم العسكري اللاشرعي على أراضي سوريا ووقف ممارساتهم العدوانية الداعمة للإرهاب وجرائمهم بحق السوريين والمنشآت المدنية والبنى التحتية.
حالة التواطؤ وصلت بالبعض إلى تسمية أولئك الإرهابيين الأجانب بـ "المعارضة السورية المسلحة المعتدلة"
وفي هذا الشأن لفت الجعفري إلى قيام "نظام أردوغان" خلال اليومين الماضيين بإدخال مرتزقة وإرهابيين من الأوزبك والطاجيك والقوقازيين والإيغور وأتراك وغيرهم من أوروبيين وعرب عبر الحدود التركية مع سوريا إلى إدلب وذلك دعما لتنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي المدرج على لائحة الإرهاب الدولية والكيانات الإرهابية الأخرى المرتبطة به بالإضافة إلى آليات محملة بالأسلحة والذخائر لدعمهم مشيرا إلى أن حالة التواطؤ وصلت بالبعض إلى تسمية أولئك الإرهابيين الأجانب بـ "المعارضة السورية المسلحة المعتدلة".
وأضاف الجعفري: "اطلع وفد سوريا على الورقة المفاهيمية التي تم تعميمها على الدول الأعضاء في المجلس تمهيدا لهذه الجلسة وكالعادة وعلى غرار ما شهدناه في جلسات كثيرة سابقة فإن بعض الدول الأعضاء في هذا المجلس قد تعمدت حرف النقاش عن هدفه المرتجى وهو تشخيص ومعالجة الأسباب الجذرية للتحديات التي تعترض تحقيق السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط.. أي عرقلة استقراء تلك الأسباب الناجمة عن الاحتلال وأعمال العدوان والتدخلات الخارجية الهدامة في شؤون دول المنطقة بكل أشكالها بما فيها تلك الرامية لقلب أنظمة الحكم بالقوة والاستثمار في الإرهاب وافتعال الأزمات وإطالة أمدها وجر المنطقة إلى حروب دموية مصطنعة تبدد ثرواتها وتقوض رفاهية وأمن شعوبها".
وبين الجعفري أن منطقة الشرق الأوسط شهدت منذ بدايات القرن العشرين وحتى الآن أهوالا ومآسي جراء تغليب بعض الدول الاستعمارية مصالحها الضيقة وأطماعها على حساب قيم القانون والعدالة والأخلاق والسلام معتبرا أن النجاح في التعامل مع التحديات التي تعيشها المنطقة يستلزم إعلاء مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق والتي تمثل القاسم المشترك بين الدول الأعضاء والكف عن محاولات تشويه الميثاق والتلاعب بأحكامه.
وأكد الجعفري أن معالجة تلك التحديات بشكل جدي ووفقا للقانون لا تمثل مصلحة إقليمية فحسب بل تصب في مصلحة العالم بأسره مشددا على أن أي نظرة موضوعية لأسباب التوترات في الشرق الأوسط يجب أن تنبع من الإقرار بأن السبب الرئيس لهذه النزاعات ولتعذر تحقيق السلام والاستقرار كان ولا يزال هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية بما فيها الجولان السوري المحتل وليس أي عوامل "عرقية" أو "دينية" أو "مذهبية" مصطنعة يروج لها البعض بهدف تفتيت دول المنطقة وإعادة رسم حدودها وإضعاف مناعة شعوبنا أمام التسلط الإسرائيلي.
وتابع مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة "إن غياب الآليات اللازمة لفرض تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي أدى إلى استمرار الاحتلال وتمكينه من مواصلة جرائمه بحق أهلنا في الأراضي العربية المحتلة وشجع الإدارة الأمريكية على محاولة التنصل من التزاماتها بموجب تلك القرارات وهو ما تجلى بقيام الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل" وبما سماه "السيادة الإسرائيلية" على الجولان السوري المحتل ومحاولة تمرير صفقة مشبوهة هي بمثابة جريمة العصر".
وبين الجعفري أن غياب تلك الآليات شجع أيضا المنسق الخاص للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف على الإخلال بواجبات ولايته كما أوضحنا مرارا مؤكدا أن كل من يشكك بوجود ترابط عضوي بين ما جرى ويجري في المنطقة وبين السعي لتكريس واستدامة احتلال "إسرائيل" للأراضي العربية وللجولان السوري واهم أو مضلل أو ساذج.
ولفت الجعفري إلى أن احترام مبادئ الميثاق يستوجب أيضا الرفع الفوري واللامشروط للتدابير القسرية أحادية الجانب التي أكدت الأمم المتحدة مرارا عدم شرعيتها والتي تلحق آثارا كارثية بشعوب المنطقة وبالمنجزات التنموية لدولها وتدفع بأبنائها لمغادرة أوطانهم إلى دول أخرى.
التدابير القسرية تشكل "إرهابا اقتصاديا" مكملا لإرهاب التنظيمات الإرهابية
واعتبر الجعفري تلك التدابير القسرية أنها تشكل "إرهابا اقتصاديا" مكملا لإرهاب التنظيمات الإرهابية وتعبيرا عن النفاق القائم على تجويع الناس وحرمانهم من أبسط احتياجاتهم المعيشية الأساسية وادعاء الحرص على مصلحة الشعب السوري وعلى تحقيق الأهداف الإنمائية لعام 2030 وعدم تخلف أي أحد عن الركب.
وأكد الجعفري ضرورة التصدي بشكل حازم للتهديد الذي تمثله ترسانة كيان الاحتلال الإسرائيلي من أسلحة الدمار الشامل على أمن وسلامة شعوب المنطقة وإلزامه بالانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار وإخضاع جميع منشآته وأنشطته ذات الصلة لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقا للقرار الأممي رقم 487 لعام 1981.
وفي هذا السياق جدد الجعفري المطالبة باعتماد المبادرة السورية الرامية لإنشاء منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الأسلحة النووية في الشرق الأوسط والتي لا يزال مشروع القرار الخاص بها والذي تقدمت به سوريا خلال عضويتها في مجلس الأمن عام 2003 حبيسا في أدراج مجلس الأمن.
وفي سياق اخر قال الجعفري إن سوريا تدين السياسات الرامية لافتعال الأزمات وإشعال حروب جديدة لإشغال أبناء المنطقة عن قضيتهم الأساسية المتمثلة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لمحاولات الهيمنة ونهب مقدرات المنطقة وثرواتها.
وأضاف الجعفري إن الإخفاق في الحيلولة دون تحقيق ذلك من خلال افتعال حروب جديدة يجعل منطقتنا وقودا لها ولن تقتصر آثارها الكارثية على منطقة الشرق الأوسط.
وختم الجعفري بالقول: "لقد آن الأوان لشعوب منطقتنا لتعيش كباقي شعوب العالم بأمان ورفاهية واستقرار وأن تستعيد دورها في إثراء الحضارة الإنسانية التي كان مهدها في الشرق الأوسط وإرساء قيم السلام والتآلف بين الشعوب والثقافات الأمر الذي يستلزم انتهاج مجلسكم مقاربة جدية وفعالة لمعالجة مسببات عدم الاستقرار التي أشرت إليها في بياني بعيدا عن الانتقائية والازدواجية الصارخة في المعايير التي طغت على تعامل مجلس الأمن مع قضايا منطقة الشرق الأوسط".