وخلافا للعادة، تلقى عدد كبير من أعضاء مجلس الوزراء الأردني دعوات الحج الخاصة.
لكن الدعوات كانت خالية من “ترتيبات ضيافة” معتادة، والتأشيرات تأخرت، مما أثار انزعاج الوزراء المدعوين قبل محاولة السفارة السعودية “إرضاءهم” لاحقا.
سبعة وزراء على الأقل في الحكومة الأردنية والعديد من أعضاء البرلمان كانوا في طريقهم إلى أداء مناسك الحج اعتذروا بصورة تنطوي على “احتجاج صامت” وغير علني قبل محاولات الاستدراك.
رئيس الوزراء، عمر الرزاز، قرر قبل ذلك -لسبب غامض- التراجع عن فكرة أداء فريضة الحج بعد تلقيه دعوة شخصية مباشرة من فئة النجوم الخمس.
بعض الوزراء الذين سبق أن وصلتهم الدعوة فعلا “حردوا قليلا”، لأن السفارة السعودية في العاصمة عمان ماطلت وتأخرت في إصدار تأشيرات الحج لهم، وجرى إبلاغ نواب من وزراء بأن أعضاء المجلس الوزاري قرروا “مقاطعة” دعوات الحج السعودية.
ثمة بطل في الجدل المتعلق بتأشيرات الحج الخاصة بالنخبة وطبقة الكريما في الأردن، نجمه على الأرجح شخص سعودي واحد ومحدد، ويحب إثارة الجدل في الأردن تحديدا بين الحين والآخر، هو السفير السعودي في المملكة الأردنية الأمير خالد بن فيصل.
بالتالي هو في وضع سياسي متمكن ومستحكم يدفع باتجاه مساحة يكون فيها الرجل صاحب قرار تنفيذي، ويحاور ويناور في كل القضايا العالقة وغير العالقة، وكلمته عندما تصدر قد لا تمثل بلاده فقط بقدر ما تمثل القصر الملكي السعودي والعائلة أيضا.
آخر ظهور علني بنكهة سياسية للسفير الأمير في عمان بعد إفطاره الشهير في بداية شهر رمضان، تردد أنه وسط نخبة كبيرة من أعضاء مجلس النواب في مزرعة خاصة يملكها النائب أحمد الصفدي.
تواجد الأمير كضيف شرف عند الصفدي له دلالة خاصة تنطوي على مصالحة محتملة بين الطرفين؛ فالصفدي أغضب السعودية قبل نحو عامين في موقف مشهود تم تصويره بالفيديو ونشره.
المهم، لم يرشح ما هو مفيد في عشاء الصفدي إلا تلك الإشارات المتعلقة بأن السفير الأمير حريص على العلاقات الثنائية، ويدعم الدور الأردني في القدس.
قبل ثلاثة أيام فقط، تسلطت الأضواء مجددا على السفير الأمير أردنيا، خصوصا بعدما استعد بعض الوزراء والشخصيات الكبيرة لتلبية دعوة خاصة لأداء فريضة الحج لهذا الموسم، بالتوازي مع تأخير التأشيرات والاستياء من التفاصيل.
تلهف بعض الساسة الأردنيين لمعرفة الرسالة من وراء تأخير التأشيرات، قبل -طبعا- تفاعل السفارة السعودية ومحاولتها احتواء الإشكال.
الواضح حتى اللحظة في السياق أن الملك عبد الله الثاني شخصيا ليس بصدد أداء مناسك الحج.
تلك في ضوء تعقيدات الإقليم والإيمانيات التي تتوسع الآن قد لا تكون رسالة سياسية.
لكن ما يثير شهية التساؤل والاستفسار هو توسع السفارة السعودية هذه المرة في توزيع بطاقات الدعوة الخاصة، بعيدا عن حصة وزارة الأوقاف للمواطنين العاديين.
وبحسب “القدس العربي” ووفقا لمصادر مقربة من وزير الأوقاف الأردني، عبد الناصر أبو البصل، توسع السفير السعودي الأمير خلافا لكل موسم في قائمة حجاج الشخصيات الهامة، وبطاقات الدعوة الخاصة، التي تتضمن تدابير سفر وضيافة على نفقة المملكة السعودية وحجا من فئة النجوم الخمس.
لافت جدا أن غالبية الوزراء وصلتهم دعوة خاصة دون ضيافة وتأشيرات، بالإضافة إلى عدد كبير من الأعيان والنواب.
الجديد تماما في تلك الدعوات هو تخصيص البعض منها لطبقة رجال الأعمال ولصناعيين وتجار كبار، والأهم طبقة رموز وقادة العشائر الأردنية التي زادت حصتها على نحو واضح، حسب خبراء.
أما الأكثر أهمية فتلك المتعلقة بالدعوات الخاصة برموز وقادة عشائر من جنوب الأردن.
توزيع مثل هذه الدعوات على نطاق محدود كان في العادة من الأمور المألوفة.
لكن توسع السفارة والسفير أفقيا في الموسم الحالي الوشيك يدفع باتجاه علامة استفهام سياسية بكل حال، لكنها علامة ينبغي أن لا تفترض سوء النية، فقد يكون الهدف التقارب ومعالجة أزمة الثقة بين نخب البلدين، مع أن الكرم المفاجئ في التأشيرات شمل حتى نوابا في المعارضة.