واعتبر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الخطوة "انتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، بينما قالت الخارجية الباكستانية في بيان إن إسلام آباد ستمارس كل الخيارات الممكنة لمواجهة الخطوات غير القانونية، "بما أنها طرف في هذا النزاع الدولي".
وفي وقت حذرت صحيفة التايمز البريطانية، فيه أن الهند وباكستان، القوتين النوويتين الجارتين، تقرعان طبول الحرب، وأن على قادة العالم الإسراع بالفصل بين الدولتين في "النزاع المتهور" بشأن كشمير، قال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي إن مواطني الشطر الخاضع لسيطرة الهند في إقليم كشمير المتنازع عليه، مهددون بالإبادة الجماعية.
وأضاف أنه سيطلب من الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والدول الصديقة ومنظمات حقوق الإنسان، عدم الصمت إزاء القرار الهندي.
هذا وألقت السلطات الهندية في مدينة سرينغار -عاصمة الشق الهندي من الإقليم- القبض على رئيسي وزراء سابقين للإقليم. وذكرت قناة "أن.دي" الهندية أنه تم احتجاز رئيسي الوزراء عمر عبد الله ومحبوبة مفتي ووضعهما قيد الإقامة الجبرية.
جاء ذلك بعد إعلان مفتي وعبد الله استنكارهما قرار الحكومة الهندية إلغاء الوضع الدستوري الخاص الذي يمنح إقليم كشمير حكما ذاتيا.
حقوقيا، انتقدت منظمة العفو الدولية القرار الهندي، وقالت إن نيودلهي الأحادي الجانب بإلغاء المادة 370 من الدستور دون استشارة سكان الولاية، سيشعل على الأرجح التوترات السائدة.
وحذرت من أن القرار يعزل السكان المحليين ويزيد من مخاطر وقوع المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، وسط حملة قمع كاملة للحريات المدنية وقطع الاتصالات.
وفي وقت سابق الاثنين، نشرت وزارة العدل الهندية نسخة من نص المرسوم الرئاسي القاضي بإلغاء المادة 370 من الدستور، مشيرة إلى أن القرار دخل حيز التنفيذ فورا.
والمادة المذكورة كانت تمنح سكان جامو وكشمير منذ العام 1974، الحق في دستور خاص يكفل لهم عملية صنع القرار بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.
فيسياق متصل، شهدت عدة مناطق في باكستان احتجاجات، ففي مظفر آباد عاصمة الشطر الذي تديره باكستان من كشمير على بعد نحو 45 كلم من الحدود المتنازع عليها بين البلدين، رفع عشرات المحتجين أعلاما سوداء وأحرقوا إطارات السيارات وهم يهتفون "تسقط الهند". كما خرجت احتجاجات في كل من العاصمة السياسية إسلام آباد والعاصمة التجارية كراتشي.
كما تظاهر عشرات الكشميريين أمام وزارة الخارجية الباكستانية في إسلام آباد، منددين بقرار الهند إلغاء الحكم الذاتي في كشمير. وندد المتظاهرون بما وصفوها بانتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها الهند ضد الكشميريين.
في المقابل، عمت مشاهد احتفالية في أجزاء من الهند بعد قرار إلغاء الوضع الخاص لكشمير بهدف دمج المنطقة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة مع بقية البلاد. ورقص سكان في مدينة جامو التي يغلب عليها الهندوس في الولاية، وقرعوا الطبول ووزّعوا الحلوى تعبيرا عن سعادتهم بهذا القرار.
يذكر أن معظم سكان الإقليم في كشمير لا يحبذون العيش تحت إدارة الهند، بل يفضلون الاستقلال أو الاتحاد مع باكستان. وتطارد باكستان مخاوف من احتمال تدفق كبير للهندوس على كشمير الهندية، حيث أن تغير ديمغرافية المنطقة سيؤدي إلى ترجيح الكفة الجيوسياسية هناك لصالح الهند.
ويشكل المسلمون في ولايتي جامو وكشمير الخاضعتين للإدارة الهندية أكثر من 60 في المئة من نسبة السكان، مما يجعلها الولاية الوحيدة داخل الهند ذات الغالبية المسلمة.
وتسمح المادة 35 أيه للسلطة التشريعية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية بتحديد "المقيمين الدائمين" في الولاية وما الذي يميزهم. وقد طبق على جميع منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية وبضمنها جامو ولداخ.
وأصدرت لكل السكان المعروفين في المنطقة شهادة إقامة دائمة، تعطيهم بعض الامتيازات في الوظائف والتعليم وامتيازات أخرى، بيد أن الفائدة الكبرى التي يجنيها المقيمون الدائمون منها هي حق التملك وشراء العقارات في الولاية.
كل من كان يعيش في الولاية في 14 مايو/أيار 1954، لحظة تطبيق التشريع، ويعد كل من عاش في الولاية لمدة عشرة أعوام منذ ذلك التاريخ من السكان الدائمين.
ويمكن للهيئة التشريعية في الولاية أن تغير تعريف المقيم الدائم أو أي جوانب أخرى تتعلق بذلك بإصدار تشريع ينال غالبية ثلثي الهيئة.
كيف شرعت هذه المادة ؟
كان مهراجا كشمير، هاري سنغ، أول من وضع تشريع في عام 1927 لوقف تدفق الناس من ولاية البنجاب الشمالية على كشمير.
وتقول تقارير إنه فعل ذلك بناء على طلب الجالية الهندوسية القوية في كشمير. وما زال هذا التشريع ساريا في الأجزاء الخاضعة للإدارة الباكستانية في كشمير.
وفي الهند، أضيفت المادة 35 أيه الى الدستور الهندي بقرار رئاسي في عام 1954، إلى المادة 370 من الدستور التي تكفل لكشمير وضعا خاصا داخل الهند.
وعندما اعتمد دستور ولاية جامو وكشمير في عام 1956، أقر قانون الإقامة الدائمة الذي كان قد مضت على تشريعه سنتان.
ولأن الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير يمثل الولاية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة في الهند، يشك الكثير من الكشميريين في أن جماعات الوطنيين الهندوس تشجع الهندوس على الهجرة الى الولاية. وهذا لا يرضي الكشميريين، لاسيما أنهم يعيشون في علاقات مضطربة مع الهند، وتغرق منطقتهم في تمرد مسلح ضد الحكم الهندي منذ عام 1989.
وتلقي الهند باللائمة على باكستان في تغذية القلاقل في الولاية، الأمر الذي تنفيه باكستان باستمرار.
ويدعي كلا البلدين بسيادته الكاملة على مجمل كشمير وليس على الأجزاء الخاضعة لإدارة كل واحد منهما. ومنذ تقسيم الهند وإعلان دولة باكستان في عام 1947، خاض جيشا البلدين، المسلحين نوويا، حربين ونزاعا حدوديا محدودا بشأن المنطقة.
يقول المدافعون إن إلغاء التشريع سيمثل انتهاكا وعدم وفاء لوعد الحكومة الهندية بحماية الوضع الخاص لكشمير.
ويخشون أيضا من أنه سيفتح أبواب الولاية أمام استقرار القادمين من خارجها ما سيؤدي إلى تغيير الوضع الديموغرافي فيها.