يلتزم الديوان الملكي الأردني الصمت الشديد حول قضية الأميرة هيا بنت الحسين، وهي الأخت غير الشقيقة للملك الأردني عبدالله الثاني بن الحسين، منذ هروبها من زوجها الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات، ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قبل نحو شهرين، ورفعها قضية في المحاكم البريطانية، حيث أصبحت حديث الصحافة والإعلام هنا وهناك، الامر الذي أثار العديد من التساؤلات حول ما يجري.
اعتبارات سياسية واقتصادية
الأردن دولة تتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة بالدول الخليجية بشكل عام، وبالإمارات بشكل خاص، وبالتالي فإن تناول قضية شائكة وحساسة مثل قضية الأميرة هيا وزوجها إعلاميا، بأي صورة من الصور، لن يؤدي إلا لأزمات لا أحد يعلم مداها.
ودعونا في هذا السياق نذكر مثالا، على الأرجح هو الوحيد المتاح، حيث غردت شخصية إماراتية، ربما يكون هو الوحيد الذي يمكن رصده.
أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله كتب على تويتر: «الأميرة العاقلة والمحترمة بنت الأصل والأصول لا تهرب، ولا تخطف، ولا تختفي، ولا تنكر الجميل، وحتما لا تكسر خاطر من أكرمها وأعزها وأحبها وأمنها وأْتمنها على أبنائه، ورفع قدرها، ونصبها أميرة الأميرات».
ورد عليه الأردني قصي زريقات أيضا على تويتر: «هي ابنة ملك، وحفيدة ملك، وأخت ملك قبل أن تكون هناك دولة اسمها الإمارات».
يمكن من خلال هذا المثال أن نستشف ما قد يحدث حال تناولت وسائل الإعلام الرسمية في الأردن أو الإمارات تلك القضية، وقيام الإعلاميين في كل دولة بتبني وجهة نظر شيخهم، أو دعم أخت ملكهم، وانعكاسات ذلك على العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين. حسب تقرير نشرته هافنتغون بوست عربي.
حساسية الأمر في عالمنا العربي
لدينا في المنطقة العربية أعراف وتقاليد تجعل مسائل الزواج والطلاق بين الأفراد العاديين أمورا شائكة، لا يحب أغلبنا الخوض فيها على الملأ لاعتبارات كثيرة، وتزداد حدة تلك الاعتبارات وقداستها في حالات العائلات الكبيرة، فما بالنا بهذه الحالة والزوجة الهاربة أميرة، بنت ملك راحل، وأخت ملك حالي، وزوجها شيخ وحاكم، له وضعه في المنطقة كرجل دولة.
صمت رسمي وإعلامي
يمكن في هذا الإطار تفهم غياب أي موقف رسمي أردني في المعركة القانونية بين الأميرة هيا وزوجها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لكن المؤكد أن الملك عبدالله يسعى لاحتواء أي تداعيات لتلك القضية، التي تشمل أخته غير الشقيقة وزوجها، الذي يعتبر حليفا خليجيا مهما له وللأردن.
وبالطبع لم تأت وسائل الإعلام الأردنية على ذكر الجلسة التي عقدتها محكمة في لندن، وتقدمت فيها الأميرة هيا بطلب «الحماية من الزواج القسري» يتعلق بأحد ولديها.
كما قدمت الأميرة هيا (45 عاما)، إلى المحكمة العليا لإنجلترا، الثلاثاء، طلبا بـ «عدم التعرض»، الذي يحمي من المضايقة أو التهديدات، ولم يتضح بمن يتعلق الأمر، بحسب رويترز.
تضامن أسري واجتماعي
لكن الاعتبارات الاقتصادية والسياسية لم تمنع شقيق الملك من زيارة أختهما في لندن، وإظهار تضامنه معها، حيث نشر الأمير علي بن الحسين صورة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، تجمعه مع شقيقته، وكتب تعليقا أرفقه بالصورة، التي نشرها الأربعاء 31 يوليو/تموز 2019، قائلا: «اليوم مع أختي وقرة عيني هيا بنت الحسين».
التفاعل الكبير مع الصورة بين رواد موقع «تويتر»، والثناء على موقف الأمير علي مع أخته يعكس مدى حساسية صدور أي رد رسمي أردني حول القضية.
أحد الأسباب الأخرى للصمت الرسمي الأردني يتعلق بطبيعة القضية المنظورة أمام المحكمة العليا بلندن، وقواعدها التي تفرض السرية على جلسات القضية، وتحظر نشر أي تفاصيل عنها.