(١)
يا أيها التقيُّ يا طُهراً نُعِي
لكَ القلوبُ يا رفيعَ المَوضِعِ
فأنتْ في عَليَاكَ صرْحٌ شامخٌ
ولم يُضِرْ قَدْرَكَ وغدٌ أو دَعِي
فتِلكَ أَعلامُكَ دامَتْ دَوحَةً
تجودُ باليُمْنِ على المُطَّوِّعِ
على الذين يحْفَظُونَ ذِمَّةً
لطالما صانتْ ولم تُروِّعِ
وبارَ غَدرُ المارقينَ زُمرَةً
آلتْ الى الحضيضِ والمُستنقَعِ
يا أيها الجوادُ يا ذُخْرَ الرِّضا
صلَّتْ عليكَ ساخناتُ الأدمُعِ
رحَلْتَ مَسموماً بقلبٍ طاهرٍ
لأنَّكَ التّقوَى وجارُ المُفجَعِ
يا صائناً عقائداً قد شُوِّهَتْ
بفلسفاتِ ناقِمٍ ومُدَّعِ
فكنتَ للأُمَّةِ نوراً ساطعاً
وموئلاً للعابدينَ الخُشَّعِ
وأنتَ مِنْ صُلْبِ النبيِّ هادِياً
مؤيَّداً ونهضةً لم تخنَعِ
ألحاقدونَ حاربُوكَ مبْدأً
كيما تدومَ سلطةُ المنتزِعِ
ويستكينَ المؤمنونَ ذادةً
عنْ سُنَّةٍ منيرةٍ ومَهيَعِ
فكنْتَ للأخيارِ نبراسَ هُدىً
علامةً لِمنْ وَعى ومَن يَعِي
يا أيها الراقي مقاما شامخاً
خابَ المُعادِي وخبيثُ المُرضِعِ
ها انتَ أنوارٌ وحُضْنٌ آمِنٌ
والظالمونَ طعمةُ التضَيُّعِ
ما فازَ مَن ناوَءَ بَيْتَ أحمدٍ
في أيِّ أرضٍ طُهِّرَتْ بالشُفَّعِ
هناكَ في بغدادَ قَبرا مُهْجَةٍ
للمُصطفى المؤتَمَنِ المُشفَّعِ
والقُبَّتانِ في جِوارِ دجلةٍ
فخْرُ بنيِ الخيرِ الاُباةِ المُنَّعِ
هما الجَوادانِ لِمَنْ يأتيهما
والكاظمانِ بهجتا المُستنفِعِ
( ٢)
يا أيّها السبطُ الجَوادُ تحيةً
_______________
بَغدادُ تبكي و(المدينةُ) تنحَبُ
فظُلامةُ السِـبطِ التقيِّ تَـغَـرُّبُ
نزلَ المُصابُ بآلِ بيتِ محمدٍ
فَجوادُ طـه ظامئٌ ومُـعذَّبُ
من غَيلَةِ السُـمِّ الزُّعافِ وجَمرِهِ
يغلي أنيناً قلبُهُ يتلَّهبُ
فاضَتْ بــهِ رُوحُ الإمامِ وعُينُهُ
تَرنُو الى ربٍّ جلـيلٍ يرقُبُ
أنصارُ نهجِ الطاهرينَ تقاطرُوا
ولِـفَقـد قائدِ أُمّـةٍ همْ مَـنْـدَبُ
صلَّى على السبطِ الشهيدِ وَريثُـهُ
هادي الخَلِـيقةِ والامامُ الطـيِّبُ
ما كانَ ذنبُ حفيدِ أحمدَ جارِعاً
سُمَّ الضغينةِ من يَـدٍ تَسـترهِبُ؟
غَصَبتْ مَقاليدَ الخلافةِ عُنوَةً
شُلَّـتْ يدٌ للغاصبينَ تُـعَذِّبُ
جحَدَتْ بني خيرِ الأنامِ محمدٍ
وتفاخرَتْ بالإثمِ وهي تُكـذِّبُ
يومَ الشُّجونِ بجنبِ دجلةَ مأتمٌ
يَنعى الجـوادَ وعالِـماً يُستطلَبُ
هو حاملُ العِبْءِ الكبيرِ إمامةً
بابُ المُرادِ وفي المكارِمِ مَذْهَبُ
مُجليِ الغياهِبِ عنْ قلوبٍ أضمرَتْ
شرَّاً وكانتْ لا تمَلُّ تُصَعِّبُ
هو كاظمٌ للغيظِ شأنَ جُدُودهِ
من آلِ بيتٍ طاهرٍ لا يُحجَبُ
عزِفُـوا عنِ الـدّنيا الغَرُورِ مفاتناً
بل طلَّقـُوها والحقائقُ تُـعْرِبُ
تاريخُنا ضاوٍ وليسَ يُغيبُهُ
عِلْجٌ يُـناصِبُ أحمداً ومكذِّبُ
إنَّ الإمامةَ إمـرَةٌ جُعِلتُ لِـمنْ
رضِيَ العليمُ وبالإمامةِ أوجَبُ
وبُنـو محمدَ هم معادنُ حكمةٍ
ووعاءُ وَحْي اللهِ بل هُـمْ أنْـجُبُ
قدْ أرخصُوا الأرواحَ يومَ ضلالةٍ
وتنكَّبـوا الأهوالَ لـمْ يَتهرَّبُوا
تلكمْ مراقدِهُمُ علائمُ نهضةٍ
دامتْ تضيءُ برحمةٍ وتُهَـذِّبُ
يا ليت أدمعَ عَينِنـا تَطفي لظىً
للحاقدين وهم ضغائنُ تُلهِبُ
لا ليس ذا دينَ الذي عَشِـقَ الورى
ودَعَاهُـمُ للحَقِّ نوراً يُطلَبُ
هذا عليٌّ خيرُكم وإمـامُكم
وأخو نبيِّـكـُمُ ومَنْ لا يُذنِبُ
وبنُـوهُ هم بيتُ المـودّةِ عِترتي
طوبى لمـنْ سمعـوا لهم وتقرَّبُوا
هم سادةُ الدنيا وکلُّ مَرامِهِم
خيرُ العبادِ واُمّـةٌ تَتوثَّبُ
فَهُمُ كرامُ الأرضِ إنْ يُستكرَمُوا
والمُنجِحُونَ لكلِّ شأنٍ يُـطلَبُ
صَلَّى الكرِيمُ على النبيِّ وآلِهِ
فهُمُو مَلاذُ الخَلقِ بلْ نِعمَ الأبُ
يا أيّها السبطُ الجَوادُ تحيةً
لا تنتَهي وثراكَ خيرٌ أرحَبُ
في الكاظميةِ قُبَّتانِ هوَتَهُما
بالخافِقَينِ قوافِلٌ تتقرَّبُ
سمِعتْ وصيةَ أحمد بمَودَّةٍ
للاقربينَ وعِترةٍ هُمْ مَكسَبُ
فأتَتْ مَشاهِدَهمْ تشمُّ نسائماً
طفحتْ بكلِّ مُروءةٍ تُستعذَبُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي