في غضون ذلك، وفي تطور مهم حدث بالأمس، أصدر النائب العام النيجيري "دايو أباتا" بياناً أكد فيه أن محكمة أبوجا الفيدرالية قد وافقت على طلب الحكومة اعتبار الحركة الإسلامية في نيجيريا منظمة إرهابية، وفرض قيود على أعضائها.
تأسست الحركة الإسلامية النيجيرية في أوائل الثمانينيات بهدف القيام بأنشطة ثقافية واجتماعية، وكان إبراهيم الزكزاكي وقبل تأسيس الحركة، احد المطالبين بتطبيق أحكام الشريعة في الدستور النيجيري.
وعلى الرغم من اتهامات الجيش النيجيري للحركة الإسلامية باغتيال قادة الجيش، إلا أن الحركة سعت إلى أنشطة اجتماعية وإصلاحية .
صحيفة "ديلي بوست" النيجيرية نقلت عن إبراهيم موسى رئيس المؤتمر الإعلامي للحركة الإسلامية النيجيرية، قوله إن الشيخ الزكزكي لم يكن أبداً مؤيداً لأعمال العنف، وأن منزله كان دائماً ملاذاً للمسيحيين والأقليات في أوقات الأزمات.
لقد أنشأت الحركة الإسلامية حوالي 300 مدرسة ابتدائية وثانوية في جميع أنحاء نيجيريا، كما يوجد أيضاً مركز إسلامي في مدينة زاريا يُطلق عليه "فودية" باسم رجل الدين الإصلاحي في القرن الثامن عشر الشيخ عثمان بن فودي، وأسست مؤسسة الشهداء لرعاية شؤون أطفال الشهداء والأيتام في عام 2001 .
وفي عام 2001 أنشأت مؤسسة الصحة لتقديم الرعاية الصحية المجانية للشهداء.
ومن بين أنشطة الصحة العامة، تعقيم الأحياء والإسعافات الأولية في أوقات الأزمات، وأسست أيضاً مؤسسة الزهراء الخيرية للشؤون المدنية.
كان الشيخ الزكزاكي الذي درس الاقتصاد، ينتقد دائماً الفساد المتفشي في الحكومة والبنية التحتية السيئة وحالة الرفاهية الاجتماعية.
توجد في نيجيريا اكثر من 250 مجموعة عرقية ، وقد سعت الحركة الإسلامية الى تحقيق الوحدة والسلام مع المجموعات العرقية والجماعات الدينية الأخرى، فقد احتضن الشيخ الزكزاكي في أعقاب أزمة الانتخابات عام 2011، مسيحيي منطقة "غيلسو" وبعض الطلاب المسيحيين في أزمة الجامعة.
إن الخلفية الصوفية في إفريقيا والمعنويات الخاصة لشعوب هذه القارة، والمعرفة السابقة بالأئمة الأطهار بين بعض الجماعات مثل "الخوجة"، جعلت بعض المذاهب مثل التشيع الذي له جذور لطيفة وروحية، تنمو وتتوسع بشكل أسرع، بحيث أن عدد السكان الشيعة الذي كان أقل من 5000 قبل عام 1994، قد تجاوز أكثر من 7 ملايين شخص على مدى السنوات الـ 15 الماضية.
فيما يعتقد بعض الأشخاص مثل العلامة الشيخ "نجاح الطائي" الذي كان مقرباً في السابق من الشيخ الزكزاكي، يعتقدون أن عدد السكان الشيعة النيجيريين بلغ 20 مليون نسمة.
الأمر المؤكد هو أن المحاضرات والدوائر الثقافية والعلمية للحركة الإسلامية النيجيرية خلال سنوات نشاطها جعلت من نيجيريا ثالث أكبر دولة شيعية، وأصبح هذا سبباً رئيساً لخوف الحكومة النيجيرية والحكومات العربية والكيان الإسرائيلي، فبدأوا بوضع الأسس لتقييد وقمع الشيعة النيجيريين.
لقد تزايدت هذه الضغوط منذ مجيء "محمد بوهاري"، وهو شخصية مقربة من السعودية، حيث أعاد الضغط على الحركة الإسلامية الشيعية بعد إعادة فوزه في الانتخابات في مارس الماضي تحت شعار الحملة ضد بوكو حرام.
وعلى الرغم من مجزرة مدينة زاريا وسجن الزعيم الروحي للشيعة والعديد من الموالين له في نيجيريا، إلا أن مخاوف هذه الحكومات لم تنته بعد، وبإعلان الحركة الشيعية حركة إرهابية، فإنها تسعى للقضاء على جميع الشيعة النيجيريين.
ورغم أن القضاء النيجيري قد أصدر في ديسمبر/كانون الأول 2016 أمرا بالإفراج الفوري عن الشيخ الزكزاكي، لكن الحكومة النيجيرية رفضت إطلاق سراحه وهي تحاول في الأيام الأخيرة تسميم هذا الزعيم الروحي للشيعة النيجيريين.
وفي هذا الصدد قال "إبراهيم سليمان" عضو الحركة الإسلامية في نيجيريا: " إن رفض الحكومة النيجيرية الامتثال لأمر المحكمة القاضي بإطلاق سراح الشيخ ومنع فحصه من قبل أطباء موثوقين، يشير إلى وجود إرادة لاغتيال الشيخ الزكزاكي أو قتله تدريجياً ".
الحكومة النيجيرية وبعد أن تعاملت بعنف مع مسيرات الشيعة السلمية احتجاجاً على اعتقال الشيخ الزكزاكي، طالبت بإعلان الحركة إرهابية.
ووفقا للحكم الصادر عن المحكمة النيجيرية، سيتم حظر الحركة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، ولن يُسمح للمجموعات الأخرى ومواطني نيجيريا بالمشاركة في الأنشطة المتعلقة بهذه الحركة.
مع ذلك، يمكن القول إن هناك ثلاث قضايا ستزيد من شعبية وتأثير هذه الحركة بعد صدور هذا الحكم.
1- يتعارض حكم المحكمة مع المادة 4 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية (1976)، التي تنص على أن حرية المذهب حق لا يمكن إنكارها.
وتؤكد المادتان 18 و 27 من الاتفاقية على جوانب أخرى من حرية المذهب، وبالتالي فإن إجراء الحكومة النيجيرية يتعارض مع المعايير الدولية، وهذا سيؤدي إلى أن تعكس الحركة ضغوط الحكومة النيجيرية عليها من خلال مؤسسات حقوق الإنسان.
2- لا تمتلك هذه الحركة سلاحاً ومعظم أنشطتها تربوية، فيما فرضت الحكومة النيجيرية جميع القيود على الحركة خارج نطاق القانون منذ مجزرة زاريا عام 2015.
هذا الحكم ليس له أي مبرر جديد للقمع، ومن الطبيعي أن تعزز الحركة الإسلامية أنشطتها التعليمية والافتراضية.
3- إن عنف الجماعات الإرهابية الحقيقية مثل بوكو حرام، واسترضاء الحكومة لها، سيدفع الرأي العام العالمي نحو الجماعات السلمية مثل الحركة الإسلامية كبديل مناسب دينياً.
وفي هذا الصدد، استغربت أسبوعية "دير شبيغل" في أواخر يوليو في تقرير لها، قمع الحكومة النيجيرية للحركة الإسلامية على الرغم من وجود جماعة عنيفة مثل بوكو حرام، واصفة الحركة الإسلامية بأنها ضحية.