واشارت القناة الاسرائيلية ان برنامج السياح تضمن زيارة منزل الشهيد الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس، وان وزير السياحة التونسي روني الطرابلسي (من الديانة اليهودية) كان في استقبال السياح الصهاينة ساعة وصولهم تونس وانه قدم خطابا ترحيبيا بالمناسبة.
ويتجدد الجدل في تونس مرة اخرى بشأن التطبيع مع الكيان الصهيوني، هذه المرة، عبر بوابة حج اليهود الى معبد الغريبة بجزيرة جربة جنوب البلاد، وتحدث تقرير تلفزيوني بثته قناة عبرية، عن سماح السلطات التونسية بزيارة وفود إسرائيلية لاراضيها بمناسبة موسم الحج.
وتثير ما تعرف بـ«زيارة الغريبة»، التي تجري في أيار/ مايو كلّ عام، جدلاً في تونس، إذ يأتي من بين مئات المشاركين إسرائيليّون، بجوازات إسرائيليّة أو أوروبيّة. هذا العام خلّفت الزيارة جدلاً أوسع من المعهود، خاصة أنّ عدد المشاركين قد ارتفع مع تزايد العدد الإجماليّ للزوار إلى أكثر من ستة آلاف، وفق تقديرات رسميّة.
ليس ذلك السبب الوحيد للجدل، فعلى عكس التكتم الشديد السائد سابقاً، حظيت زيارة هذا العام بتغطية إعلاميّة من القناة الـ12 العبرية التي رافقت وفداً زار معبد «الغريبة» في جزيرة جربة الواقعة جنوب البلاد، وتجوّل في ضاحية سيدي بوسعيد بالعاصمة، حيث توقف بقرب المنزل الذي اغتيل فيه القيادي الفلسطينيّ خليل الوزير (أبو جهاد) على يد «الموساد» مطلع التسعينيات، ورفع بعض المشاركين شعارات داخل الحافلة من قبيل: «تحيا إسرائيل، تحيا تونس».
قاتل "أبو جهاد".. سائح في مسرح الجريمة بتونس
ويظهر في التقرير، الذي أعادت وسائل إعلام بث أجزاء منه، وزير السياحة التونسي، روني الطرابلسي ، الذي رحّب بالسيّاح الصهاينة، لكنه رفض الإدلاء بتصريح للقناة الإسرائيلية، بعدما اكتشف هويتها. وتحدثت معلومات عن أن السياح "الاسرائيليين" ناهز عددهم الألفي سائح، يرتادون مواقع دينية يهودية في تونس. وفضلاً عن الجدل الالكتروني، ذهبت المعارضة التونسية الى مساءلة وزيري الداخلية والسياحة التونسيين بعد التقرير عن الزيارة، حسبما ذكرت قناة "الميادين".
التقرير الاسرائيلي حمل عنوان "العودة إلى تونس" وأعدته الصحافية رينا متسليح، وبثته القناة 12 العبرية. وكشفت الصحافيّة الإسرائيليّة في تقريرها أن الزيارة تشمل زيارة البيت حيث اغتال عملاء الموساد الإسرائيليّ، القيادي الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد)، (16.04.1988) مُشددة على أن المُرافق السياحي تكلّم بصوت خافت عن الموضوع كي لا يُثير حفيظة التونسيين.
وأثار التقرير موجة استياء عربية عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي. وتحت عنوان "قاتل ابو جهاد يزور منزل ابي جهاد"، كتب الناشط والمحلل السياسي التونسي، المعز الحاج منصور: "هل هو تشفٍّ أم افتخار؟ أخبار مؤكدة تفيد بأن الحكومة التونسية استجابت لطلب تقدم به وفد سياحي اسرائيلي، عبر روني طرابلسي، من أجل زيارة منزل الشهيد ابو جهاد. وأن الوفد قام فعلا بزيارة الفيلا في ضاحية سيدي بوسعيد. هل يدركون خطورة الفعلة؟ ألا يفسرون الدلالات والمسكوت عنه وما هو ممكن الوقوع؟".
ونقل الحاج منصور عن مصادر، لم يكشف هويتها، تأكيدها أن "الوفد السياحي الإسرائيلي كان من ضمنه بعض أفراد من الكوماندوز الذين شاركوا سابقاً في اغتيال ابو جهاد.. وقد أصروا على زيارة المكان الذي نُفذت فيه واحدة من أشهر عمليات الموساد في التصفية السياسية في تاريخ القضية الفلسطينية، من أجل الفخر والتشفي والانتقام بتذكر بطولات الجيش الذي لا يقهر".
ودوّنت صفحة "جمعية النساء المسلمات بتونس": "حكومة يوسف سمحت للمجرم الصهيوني "ناحوم" قاتل المناضل الفلسطيني ابو جهاد، بزيارة منزله الذي استشهد فيه بضاحية سيدي بوسعيد (مكان رمزي انتهكت فيه السيادة الوطنية) استجابة لطلب تقدم به وفد سياحي صهيوني عبر الوزير روني الطرابلسي".
ويبدو أنّ ارتفاع عدد المشاركين كان بعلم من السلطات التونسيّة، فقد قال وزير السياحة، روني الطرابلسي، نهاية الشهر الماضي إنّه سُجِّلَت «عودة مئات الزوار الذين رحلوا خلال الأعوام الصعبة في سبعينيات القرن الماضي». ويشير حديثه إلى التونسيّين اليهود الذين تركوا البلاد بعد «النكسة» واتجهوا إلى فلسطين المحتلة.
ويعرف الطرابلسي هؤلاء جيداً، فهو نجل رئيس الطائفة اليهوديّة بتونس، وكان يشرف على تنظيم رحلات لهم لزيارة «الغريبة» بصفته صاحب وكالة سفر. ويبدو أنّ لتعيين الطرابلسي وزيراً للسياحة دوراً أيضاً في إنعاش هذه الزيارة السنويّة التي ترى فيها السلطات المتعاقبة فرصة لتسويق صورة «التسامح»، وكذلك بوابة لحشد دعم جماعات الضغط الصهيونيّة في الغرب.
ومنذ تعيين الرجل العام الماضي، صارت تصدر تصريحات إيجابية حول تونس من وسائل إعلام وساسة في تل أبيب، كما أوقفت الأخيرة تحذيراتها السابقة لمواطنيها من زيارة تونس.
هذا اكد الباحث بالشؤون الاسرائيلية عادل سمارة ان التطبيع العربي مع الاحتلال الاسرائيلي يعد بمثابة ضرب معنوي ونفسي للشعب الفلسطيني لفك ارتباطه بمحور المقاومة والتخلي عن سلاحه وارضه.
ولفت سمارة الى التطبيع يشكل توسع اقتصادي وثقافي وعسكري يعمد على دمج الكيان الصهيوني بشكل مهيمن بالوطن العربي، مشددا على ان التطبيع مع الاحتلال يعد بمنتهى الخطورة.
واوضح الباحث بالشؤون الاسرائيلية ان من يقوم بالتطبيع ليسوا مجرد افراد وليس صدفة كما قيل عن الضابط الاستخبارات السعودي السابق انور عشقي غداة زيارته للاحتلال الاسرائيلي، مؤكدا انه لا يمكن لشخص في السعودية ان يتحرك إلا بإذن من السلطة الحاكمة.
وحول زيارة الوفد الاسرائيلي لتونس قال سمارة ان ما حصل في تونس يشير الى ان الثورة التونسية التي حصلت لم تكن بشكل حقيقي وفعلي، مشددا على ان ما يحصل من تطبيع هو محاولة لقتل الشارع العربي.
ولفت سمارة الى ان مقاومة التطبيع لم ترتقي الى المستوى المناسب، موضحا انه "لم يتم الاجماع على تعريف محدد للتطبيع او رفض التطبيع بمختلف المجالات حيث ان البعض يرفض التطبيع الاكاديمي والبعض يرفض التطبيع العسكري والاخر يرفض التطبيع النفسي والسياسي".
واكد الباحث بالشؤون الاسرائيلية ضرورة وجود موقف موحد وقوة مشتركة خاصة من محور المقاومة ضد التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي.