السعودية البالستية النووية

الأحد 9 يونيو 2019 - 05:16 بتوقيت غرينتش
السعودية البالستية النووية

السعودية_الكوثر:

تمضي السعودية نحو امتلاك قدرات نووية وبالستية، وبينما تحاول الحصول على الأولى من أمريكا بالرغم من اعتراضات الكونغرس نجدها تسعى للحصول على الثانية بمساعدة الصين، وإذا بحثت عن كيفية تمكّن السعودية جمع تكنولوجيا الأمرين من بلدين يتعارضان بالمصالح وبينهما تنافس كبير، ستجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وراء ذلك، إذ يسعى الأخير إلى التحالف مع أي جهة لمواجهة إيران، الأمر الذي من شأنه أن يخلق شرخاً داخل الإدارة الأمريكية التي تعلم جيداً ماذا يعني امتلاك الرياض لهذه التقنية خاصةً بعد مقتل خاشقجي.

قال سيناتور أمريكي إن إدارة الرئيس دونالد ترامب منحت إذناً لشركتين أمريكيتين، لتبادل معلومات حساسة في مجال الطاقة النووية مع السعودية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر الماضي في خطوة تمثل هدية للرياض التي تواجه انتقادات واسعة.

ووصف السيناتور الديموقراطي كيم كين في حديثه لـ "رويترز" من ولاية فرجينيا، يوم الأربعاء، حيث كان يقيم خاشقجي، توقيت الموافقات التي اطلع عليها بأنه "صادم".

وأضاف كين الذي كان قد حثّ الإدارة على الإفصاح عن التصاريح، إنها "واحدة من الخطوات الكثيرة التي تتخذها الإدارة وتغذي تصعيداً خطيراً في التوتر بالمنطقة".

وبحسب السيناتور منحت وزارة الطاقة الترخيص الأول للسعودية في 18 أكتوبر الماضي أي بعد 16 يوماً من مقتل خاشقجي، بينما صدر الثاني في 18 من فبراير الماضي.

وبحسب "رويترز" فإن التصريحين من بين سبعة منحتها إدارة ترامب لشركات أمريكية منذ عام 2017، مع تفاوض واشنطن والرياض على اتفاق محتمل أوسع لمساعدة السعودية على بناء أول مفاعلين للطاقة النووية لديها.

ومن جانبها كشفت شبكة "سي أن أن" الأربعاء أن الاستخبارات الأمريكية حصلت على معلومات تؤكد أن السعودية تعكف على بناء برنامج للصواريخ البالستية بمساعدة الصين.

ونقلت الشبكة عن ثلاثة مصادر مطّلعة القول إن السعودية كثّفت العمل في برنامج الصواريخ البالستية بالتعاون مع الصين، ما يعقّد جهود واشنطن للحدّ من انتشار السلاح في الشرق الأوسط.

وأورد تحقيق سي أن أن - نقلاً عن مصادر من الحزب الديمقراطي- أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمّدت إخفاء المعلومات الاستخبارية حول البرنامج السعودي عن الكونغرس.

وقالت المصادر نفسها إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية قلقة من مدى التزام إدارة ترامب بعدم انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط.

فيما أشارت المعلومات الاستخباراتية الأمريكية إلى أن السعودية قامت بتوسيع بنيتها التحتية للصواريخ، بالإضافة إلى التكنولوجيا، عبر عمليات شراء حديثة من الصين، ولم تتمكن الاستخبارات الأمريكية من معرفة أهداف هذا البرنامج، إلا أن مصدراً أكد أن ذلك يعتبر خطوة جديدة تسعى من خلالها السعودية إلى الحصول على رأس نووي حربي جديد.

أهداف واشنطن من مدّ السعودية بالتكنولوجيا النووية:

يقول نواب الكونغرس "إذا كان لا يمكنك ائتمان أصحاب القوة في الرياض على منشارٍ للعظام، فلا يمكنك ائتمانهم على سلاح نووي"، ومع ذلك تندفع إدارة ترامب نحو تأمين التكنولوجيا النووية للسعودية لهدفين:

الأول: الحصول على أكبر قدر ممكن من أموال السعودية على اعتبار أننا أمام رئيس أمريكي جاء من خلفية "تجارية" بحتة ولا يهمه سوى "المال" حتى لو كان على حساب العالم بأسره ولا يهمه إذا كان سباق التسلّح الذي يشهده الشرق الأوسط سيؤدي إلى كوارث إنسانية في المستقبل، ولو كان الأمر كذلك لكنّا شاهدنا الإدارة الأمريكية قد قامت بأي شيء تجاه ما يجري في اليمن أو دول أخرى.

الحقيقة المهمة بالنسبة للرئيس الأمريكي هي تحقيق إنجاز بتوقيعه دون الاهتمام بالنتائج، ويريد أن يقول للشعب الأمريكي أني أحضر لكم المال والوظائف على طبق من ذهب.

كان من اللافت أن إدارة ترامب منحت إذناً لشركتين أمريكيتين، لتبادل معلومات حساسة في مجال الطاقة النووية مع السعودية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر الماضي في خطوة تمثّل هدية للرياض التي تواجه انتقادات واسعة.

إذن الرجل غير مهتم بالجزئيات وأرواح المواطنين في الشرق الأوسط وحقوق الإنسان، المهم هو المال والمال فقط.

الامر الثاني: واشنطن تريد ممارسة أكبر ضغط ممكن على إيران وتحرّض السعودية في هذا الاتجاه، على مبدأ "فرق تسد"، والغريب أن السعودية لم تعترض على الاتفاق النووي الذي وقّعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران عام 2015 حينها، لكن الأمر اختلف بعد وصول دونالد ترامب إلى السلطة، حيث انسحب ترامب من الاتفاق النووي وتغيّر لحن الكلام في السعودية، فعندما كان يهدد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في مارس الماضي، صرّح ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، في حوار مع برنامج "60 دقيقة" على شبكة سي بي إس الأمريكية، أن بلاده "لا تريد الحصول على الأسلحة النووية، ولكن في حال طوّرت إيران قنبلة نووية، سوف تتبعها السعودية في أسرع وقت ممكن".

فتحت تصريحات ابن سلمان المجال للنقاش في إمكانية حدوث تغيير في خطط السعودية الساعية إلى أن تكون قوّة نووية في سياق صراعها الإقليمي، السياسي - المذهبي، المتعاظم مع إيران، بعد أن كشف كل من موقع ديلي بيست ووكالة رويترز، في مارس/ آذار الماضي، عن وثائق تؤكد سعي إدارة ترامب إلى نقل تكنولوجيا نووية إلى السعودية منذ عام 2017. 

وفي أواسط فبراير/ شباط الماضي، جاء في تقرير لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب الأمريكي أن كبار مسؤولي إدارة ترامب، بمن فيهم مايكل فلين وجاريد كوشنير، طرحوا، أواخر عام 2016، مشروعاً لبيع الحكومة السعودية تكنولوجيا خاصة بتشغيل محطات الطاقة النووية، ما يمكن أن يضع السعودية على طريق تطوير الأسلحة النووية، ويزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط.

وأضاف التقرير إن مجموعة من جنرالات أمريكا ومسؤولي الأمن القومي المتقاعدين اجتمعوا حول مايكل فلين، أول مستشار للأمن القومي في عهد ترامب، لإقناعه بفكرة دعم السعودية. 

وحتّى بعد إقالة فلين في فبراير/ شباط 2017، قام مسؤولون آخرون في البيت الأبيض بإحياء المشروع على الرغم من اعتراضات محامين في الإدارة كانوا قلقين من أن هذا الاقتراح قد ينتهك القوانين الأمريكية التي تهدف إلى وقف الانتشار النووي، فالتقى ترامب في فبراير/ شباط 2019 مع رؤساء تنفيذيين لشركات في الطاقة النووية الخاصة، طالبوه بمساعدتهم في بناء محطات الطاقة في الشرق الأوسط، وكان في مقدمتها شركة ويستينغهاوس إلكتريك، أحد المستفيدين الأوفر حظاً في بيع التكنولوجيا النووية إلى السعودية في أي اتفاق وشيك، وهي مملوكة لشركة بروكفيلد أسيت مانجمنت لإدارة الأصول العقارية التي قامت بتأمين شركة كوشنير وعائلته في صفقة شراء قيمتها 1.8 مليار دولار، واتهم التقرير كوشنير بالتكيف مع نظام المحسوبية في السعودية، وبمنح الرياض دعماً لا يتزعزع، بخصوص وعود مبيعات الأسلحة والصفقات التجارية الأخرى.

المصدر: الوقت