وأعلن 9 نواب من الجبهة الشعبية التونسية تقديم استقالاتهم من الكتلة البرلمانية، اعتراضا على إعلان الجبهة ترشيحها حمة الهمامي، على حساب منجي الرحوي.
وجاء الخلاف بسبب اقتراح حزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد" اسم المنجي الرحوي، مرشحا محتملا للانتخابات الرئاسية على أن يتم تدارس ذلك داخل الجبهة، بدلا من حمة الهمامي، المتحدث الرسمي باسم الجبهة، ومرشحها في الانتخابات الماضية الذي حل فيها ثالثا بعد الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي.
ومنذ تأسيسها شهدت الجبهة الكثير من الانقسامات الداخلية بسبب تركيبها المعقد (11 حزبا ومكونا من مشارب فكرية يسارية متعددة)، بيد أن الجبهة تمكنت من تداركها والمضي قدما في الحياة السياسة.
وينذر الانقسام داخل الجبهة الشعبية هذه المرة، بعواقب وخيمة قد تؤثر على فرص مرشحها في الانتخابات البرلمانية، وكذلك على نسب المقاعد، التي قد تحصل عليها في الانتخابات البرلمانية.
صراع سياسي
قال زهير حمدي، عضو المجلس المركزي للجبهة الشعبية وأمين عام التيار الشعبي: "ما يحدث داخل الجبهة الشعبية نتيجة لإرهاصات كبيرة وخلافات عاشتها الجبهة خلال الأشهر الماضية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك": "البعض يحاول اختزال الأزمة في الانتخابات النيابية والتشريعية، لكن الحقيقة أن هناك صراعا بين موقفين سياسيين داخل الجبهة".
وتابع: "دخلنا في مشاورات داخل المجلس المركزي للجبهة، وكان هناك اتفاق على اختيار حمة الهمامي مرشحا رئاسيا للجبهة الشعبية"، مؤكدا أن "المجلس المركزي هو الإطار الشرعي والأعلى داخل الجبهة والمؤهل للبت في مثل هذه القضايا".
واستطرد: "فوجئنا أن هناك أطراف أخرى قاموا بطرح اسم مرشح آخر، دون الرجوع إلى المجلس، ودون النقاش مع باقي المكونات، متبعين سياسة فرض الأمر الواقع".
وأشار أمين عام الجبهة إلى أن "8 مكونات داخل الجبهة قرروا ترشيح اسم حمة الهمامي، فيما أعلن مكون واحد ترشيح منجي الرحوي للرئاسة".
ووصف زهير حمدي، استقالات النواب الـ 9 بأنها "نوع من الضغط من قبل الأقلية على الأغلبية، وابتزاز واضح للضغط على المكونات، التي حسمت أمرها بشأن المرشح الرئاسي، مشيرا إلى أن هؤلاء النواب يضغطون للعودة بالنقاشات إلى مربع الصفر، والضغط لفرض إرادتهم.
وأوضح: "الكتلة البرلمانية ليست هيكلا سياسيا أو مؤسسة مستقلة بذاتها عن الجبهة الشعبية، وهي تعمل في إطار برلماني لتمثيل الجبهة".
وحول انعكاس تلك الاستقالات على وضع الجبهة، قال زهير حمدي: "لم يعد هناك معنى لاستقالة الكتلة، لأن الحياة البرلمانية شارفت على الانتهاء، فالاستقالات غير مجدية على أرض الواقع".
بداية الأزمة
وأعلن أحمد الصديق، رئيس الكتلة البرلمانية للجبهة الشعبية، تقديم استقالته مع ثمانية نواب آخرين، بينهم منجي الرحوي، وزياد لخضر، ونزار عمامي، وفتحي الشامخي وآخرون، بسبب عدم إيجاد حل للأزمة التي تعصف بالجبهة الشعبية.
فيما أكد النائب زياد لخضر أن الاستقالات تعود إلى جملة من الأسباب، أبرزها، الأزمة التي تعيشها الجبهة الشعبية.
وظهرت الأزمة بعد خروج النائب المنجي الرحوي بعدة تصريحات صحفية قال فيها: "في حال بقاء الجبهة على حالها فإنها قد لا تحصل على عدد النواب، الذي أحرزته في انتخابات 2014، خصوصا إذا تغيّر القانون الانتخابي"، مجددا الدعوة إلى "حسم المسألة التنظيمية وتطوير هيكلة الجبهة، وطرح مبدأ تغيير الزعامة وإصلاح الجبهة، خصوصا بعد النتائج المتواضعة التي حققتها في الانتخابات البلدية".
وكان الأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد"، القيادي في "الجبهة الشعبية"، زياد لخضر، قد اعتبر أن "هناك أطراف في الجبهة الشعبية لا تقبل النقد الذاتي وتريد مواصلة مسار هذا المشروع على الخط نفسه"، مضيفا: "نحن لسنا مع هذا، وفي الحقيقة لا نعتبر أن الخلاف حسم، خصوصا أن بعض الأطراف ذهبت إلى تشكيل قائمة انتخابية في بلدية باردو، من دون مشاورتنا، مصرّة بذلك على إقصائنا، وهذا وجه من أوجه التوتر، التي تعيشها الجبهة في الفترة الراهنة".
وأضاف أن "حزبه رشح المنجي الرحوي كمقترح للجبهة حتى يمثلها في الانتخابات الرئاسية، بينما الأطراف الأخرى لم توافق على ذلك، مضيفا: "نحن اقترحنا توسيع آلية الاستشارة داخل الجبهة، غير أن بعض الأحزاب اختارت أن تحسم الأمر بطريقة ضيقة جدا، ولذلك فنحن غير موافقين ولم نوقّع على هذا القرار".
وتعود الخلافات إلى ما بعد انتخابات 2014، حين تمكّنت الجبهة من تحقيق نتيجة إيجابية تمثّلت في الحصول على 16 مقعدا نيابيا، ورأت بعض قيادات "الوطنيين الموحد" أنه ينبغي دعم السبسي ضد المرزوقي، ولكن بقية المكوّنات رفضت ذلك والتزمت الحياد في معركة لا تعنيها".
وتابع: "مع تشكيل حكومة الحبيب الصيد، اقترح على "الوطنيين الموحد" الانضمام إليها، لكن بقية المكونات رفضت ذلك أيضا، ما خلق خلافا كبيرا بين الأعضاء".