ونشر الوزير الأسبق أحمد طالب الابراهيمي، والناشط الحقوقي علي يحيى عبد النور والجنرال السابق في الجيش رشيد بن يلس، اليوم السبت، رسالة سياسية حملت عنوان "نداء من أجل حل توافقي"، دعوا فيها "بإلحاح القيادة العسكرية إلى فتح حوار صريح ونزيه مع ممثلي الحراك الشعبي والأحزاب السياسية المساندة لهذا الحراك، وكذلك القوى الاجتماعية المؤيدة له، من أجل إيجاد حل سياسي توافقي في أقرب الآجال يستجيب للطموحات الشعبية المشروعة المطروحة يوميا منذ ثلاثة أشهر تقريبا".
واعتبرت الرسالة أن الوضع العام في البلاد لا يسمح بإنجاز انتخابات رئاسية في موعدها المقرر في الرابع من تموز/يوليو المقبل، وأوضحت أن "حالة الانسداد التي نشهدها اليوم تحمل أخطارا جسيمة تضاف إلى حالة التوتر القائم في محيطنا الإقليمي، وهذه الحالة الناجمة عن التمسك بتاريخ الرابع من تموز/ يوليو القادم، لن تؤدي إلا إلى تأجيل ساعة الميلاد الحتمي للجمهورية الجديدة".
وأكدت الشخصيات الثلاث أنه "لا يمكن أن نتصور إجراء انتخابات حرة ونزيهة ترفضها من الآن الأغلبية الساحقة من الشعب، لأنها من تنظيم مؤسسات مازالت تديرها قوى غير مؤهلة معادية للتغيير والبناء".
وكان الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح قد دعا، في التاسع من نيسان/أبريل الماضي إلى تنظيم انتخابات رئاسية في الرابع من تموز/يوليو المقبل وفقاً لما ينص عليه الدستور الذي يفرض تنظيم انتخابات رئاسية في غضون90 يوما من الإعلان عن شغور منصب رئيس الجمهورية، بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من نيسان/أبريل الماضي.
ويدعم الجيش الجزائري تنظيم الانتخابات، لكن الحراك الشعبي وقوى المعارضة السياسية ترفض إجرائها في موعدها أو المشاركة فيها، وتطالب برحيل رموز النظام السابق، وهم بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي ورئيس البرلمان معاذ بوشارب.
وطالبت الشخصيات السياسية الثلاث ببدء مرحلة انتقالية محدودة، استجابة لمطالب "المتظاهرين الذين بلغ عددهم رقما قياسيا تاريخيا، ويطالبون اليوم، بعدما أرغموا الرئيس المترشح المحتضر على الاستقالة، ببناء دولة القانون في ظلَ ديمقراطية حقة تكون مسبوقة بمرحلة انتقالية قصيرة المدّة، يقودها رجال ونساء ممن لم تكن لهم صلة بالنظام الفاسد في العشرين سنة الأخيرة. إن هذه المرحلة ضرورية حتى يتسنى وضع الاليات واتخاذ التدابير التي تسمح للشعب صاحب السيادة بالتعبير الحر الدمقراطي عن خياره بواسطة صناديق الاقتراع. إنها عملية تنسجم تماما مع مسار التاريخ الذي لا أحد، ولا شيء بقادر على اعتراضه".
واعتبرت الرسالة أن "الملايين من الجزائريين من كل الفئات الاجتماعية، وكل الأعمار التي خرجت منذ 22 شباط/فبراير في مظاهرات سلمية اكتسحت شوارع كبريات مدن البلاد، كانت تعبيرا عن غضبهم ورفض إذلالهم من طرف سلطة متكبرة وواثقة بنفسها لم تبال بترشيح شخص لعهدة خامسة كان واضحا أنه في حالة احتضار منذ خمس سنوات".
وأَضافت أن "المظاهرات العارمة التي شهدتها البلاد طيلة الأسابيع الثلاثة عشرة الماضية انتزعت إعجاب العالم كله بما تميزت به من طابع سلمي ومشاركة عددية واسعة، وأعادت لنا كرامة لطالما أُهينت، فضلا عما أحيته في نفوسنا من شعور الفخر والاعتزاز بالانتماء إلى أمة كبيرة بعظمة الجزائر، كما أنها ساهمت بقوة في تعزيز الوحدة الوطنية وإرادة العيش المشترك، بقطع النظر عن خلافاتنا السياسية وحساسياتنا الثقافية أو العقائدية".