إيران وأربعون عاما من الثورة: متى يقرر العرب إعادة النظر؟

السبت 16 فبراير 2019 - 08:42 بتوقيت غرينتش
إيران وأربعون عاما من الثورة: متى يقرر العرب إعادة النظر؟

مقالات – الكوثر: قبل عدة أعوام وأثناء زيارتي لطهران التقيت ببعض الطووايس حيث عرض علي أحدهم أن يأخذني إلى حيث تباع حشيشة الكيف أما الآخر فعرفني أنه من أرسل إلي (الإنجليزية) ***!!!.

 

(الإنجليزية) عرفت نفسها كباحثة في الإسلام وطلبت زيارتي فاستقبلتها في بيتي حيث رحب بها زوجتي وبناتي وأجبت على أسئلتها ولم أفهم حتى هذه اللحظة سر الابتسامة العريضة التي غطت وجه الطاووس أثناء قراءته للخبر، اللهم إلا إن كان وراء هذه الزيارة (المنسقة) هدفا غامضا من ذلك النوع الساذج والأبله الذي يعشش داخل بعض العقول!!.

 

أما عن الحشيش فهو متوفر في كل مكان ولا أدري لماذا تصور أنني أتصور أن إيران الإسلامية لا يسكنها إلا الملائكة... كم هو ساذج!!.

 

هذه هي رؤية جماعة الطووايس لمن يختلفون معه حتى ولو لم يختلف معهم فهو إما يعيش في وهم نقاء إيران وخلوها من كل عيب أو أن من يتشيع إما باحث عن الدولار أو اللحم الأبيض ولا يمكن أن يكون أبدا صاحب قناعة ضحى ويمكن أن يقدم المزيد من التضحيات من أجلها!!.

 

الشيء المؤكد أن الأمريكي لا يخاصم إيران لأن بها من يتعاطى حشيشة الكيف بل لسبب جوهري هو خروجها من حظيرة الهيمنة الأمريكية ليس فقط على العالم العربي بل على الدنيا بأسرها.

 

الأمريكي يفترض أنه الأعلى في هذا العالم وأن من حقه أن يعلم الدنيا ما يسمى بالقيم الأمريكية وأن من يعارض هذا العلو هو من البرابرة غير المتحضرين.

 

الأمريكي الآن هو من يقرر لأوربا وللعالم العربي والعرب يقدمون التبريرات خدمة لهكي يتمكن من فرض إرادته وتنفيذ سياساته مثل المد الشيعي والخطر الفارسي الصفوي وغير ذلك من الترهات التي يقدمونها لجمهورهم كي يبقى الوضع على ما هو عليه ونبقى كلنا ضمن دائرة الاستتباع للأمريكي!!.

 

أربعون عاما مضت منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران فشلت فيها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها في استعادة إيران لبيت الطاعة رغم استنفاذها لكل الوسائل بدءا من الحرب التي شنها صدام حسين ثم التهديد بالحرب المباشرة والخنق والحصار وصولا إلى الحرب على سوريا ولبنان والعراق واليمن والنتيجة الآن كتلةٌ مقاومةٌ منتصرةٌ أجبرت الأدوات الأمريكية على التراجع والانهزام.

 

لا أتصور أن عرب أمريكا الذين برروا انخراطهم في مشاريعها بانعدام القدرة أو العجز عن مقارعة الاستكبار سعداء بعجزهم وانكشافهم أو أنهم قرروا البقاء في الحضن الأمريكي حتى الموت وأتصور أيضا أن من بينهم من يفتش عن مخرج لهذه الورطة التي لا يتعين أن تكون ورطة أبدية.

 

الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بالفعل رحلة الخروج من المنطقة ولم يبق لها إلا ما يسمى بصفقة القرن التي تهدف لحماية الكيان الصهيوني وليس أبدا حماية حلفائها أو تنمية اقتصاداتهم أو حتى حماية نظمهم السياسية.

 

بعد أربعين عاما يحتاج العرب لإعادة تقييم علاقاتهم مع الثورة الإيرانيةبعيدا عن تلك القوالب المتخشبة التي ذكرنا بعضا منها خاصة وقد أصبح واضحا الآن أن ثمة مركز ثقل وازن في المنطقة، لم يعد مجديا مواصلة التصادم معه أو التنطح بمواجهة الخطرين الفارسي والتركي في آن واحد في ظل موازين تزداد اختلالا يوما بعد يوم كثمرة طبيعية لقيادة مبز ومبس الأحادية والانتحارية.

 

دكتور أحمد راسم النفيس