وتسبب تصريح ناري لنائب رئيس الحكومة الإيطالية لويجي دي مايو باستدعاء السفيرة الإيطالية في الخارجية الفرنسية الاثنين الماضي ، حيث قال : " فرنسا تسببت بإفقار أفريقيا ولولا مستعمراتها الأفريقية لما كانت فرنسا بهذه القوة الاقتصادية اليوم" ، لكن الأزمة تفاقمت يوم امس الثلاثاء بين روما وباريس حينما صرح نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني بأن " فرنسا لا ترغب بتهدئة الأوضاع في ليبيا التي يمزقها العنف من أجل الإبقاء على مصالحها في قطاع الطاقة " في مشهد يعيد للأذهان اقتتالهما على ليبيا لكن "عسكرياً" قبل 77 عاماً.
ما القصة؟
اندلعت الأزمة الحالية بين فرنسا وإيطاليا عندما طالبت إيطاليا باريس السبت الماضي بتسليم 14 شخصاً من المطلوبين لديها في اتهامات تتعلق بالإرهاب، تزعم أنهم فروا قبل عقود واحتموا بفرنسا.
وقال سالفيني يومها "إذا اقتضى الأمر، أنا مستعد للتوجه إلى باريس ومقابلة ماكرون وإعادة هؤلاء القتلة" لكنه ألمح في الوقت نفسه إلى أن الحكومة الإيطالية "مستعدة لاتخاذ تدابير رسمية لطلب تعاون الدول التي تأوي إرهابيين بدء بباريس".
ويوم الأحد الماضي، أطلق نائب آخر لرئيس الوزراء الإيطالي هو لويجي دي مايو تصريحات اتهم فيها باريس "بتأصيل الفقر في أفريقيا والتسبب بتدفق المهاجرين بأعداد كبيرة إلى أوروبا".
كما أعرب دي مايو، وهو زعيم حركة 5 نجوم المناهضة للمؤسسات، عن أمله بأن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد الدول التي تقف وراء مأساة المهاجرين في البحر المتوسط، من خلال اضطرارهم للهجرة من أفريقيا وأول هذه الدول فرنسا، على حد قوله.
وتابع دي مايو الذي يتولى وزارة العمل والتنمية الاقتصادية في إيطاليا أيضاً قائلاً: "إذا كان هناك اليوم أفراد يهاجرون، فإن هذا يحدث لأن بعض الدول الأوروبية وفي طليعتها فرنسا لم تكف عن استعمار عشرات الدول الأفريقية".
ورد مصدر دبلوماسي فرنسي على التصريحات قائلا: "جرى استدعاء السفيرة الإيطالية بعد أحدث التصريحات الصادرة عن السلطات الإيطالية...ليست هذه أول مرة تدلي فيها السلطات الإيطالية بتصريحات غير مقبولة وعدوانية".
ولفت المصدر إلى أن كبير موظفي مكتب وزيرة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو استدعى السفيرة الإيطالية تيريزا كاستالدو بعد ظهر الاثنين.
لكن دي مايو رفض التراجع عما قاله، بل عاد ليصرح للصحافيين مساء الاثنين بأن " فرنسا تتلاعب باقتصادات 14 دولة أفريقية تعتمد عملة الفرنك الأفريقي (عملة تعود لعهد الاستعمار تضمنها الخزانة الفرنسية) لتمول الدين العام الفرنسي”. كما نفى أن تسبب تصريحاته " بأزمة دبلوماسية " معتبراً أن ما يقوله "صحيح".
وأضاف المسؤول الإيطالي: "فرنسا واحدة من تلك الدول التي تتسبب، بصكها عملة 14 دولة أفريقية، بمنع التنمية الاقتصادية في هذه الدول كما كانت سبب مغادرة اللاجئين الأفارقة ثم موتهم في البحر أو وصولهم إلى سواحلنا”.
وطالب دي مايو الاتحاد الأوروبي بمعاقبة الدول المسؤولة عن أزمة المهاجرين وأولها فرنسا على حد تعبيره.
وامس الثلاثاء ، أيد ماتيو سالفيني ما ذهب إليه دي مايو، مضيفاً "فرنسا تنتزع الثروات من أفريقيا عوض مساعدة هذه الدول على تطوير اقتصادها" مشيراً على وجه التحديد إلى ليبيا التي تعاني "فوضى" أمنية واقتصادية منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 وأطاحت بمعمر القذافي.
وفي مقابلة تلفزيونية مع القناة الخامسة بالتلفزيون الليبي، أكد سالفيني الذي يشغل منصب وزير الداخلية أيضاً، أنه "في ليبيا.. فرنسا لا ترغب باستقرار الوضع ربما بسبب تضارب مصالحها النفطية مع مصالح إيطاليا".
لم يكتف سالفيني وهو زعيم حزب الرابطة (أقصى اليمين) بما قال للتلفزيون الليبي، فبث مقطعاً مصوراً عبر حسابه على فيسبوك قال فيه: "آمل أن يتمكن الفرنسيون من التحرر من رئيس بالغ السوء، وفرصة تحقيق ذلك ستكون في 26 أيار/مايو (الانتخابات الأوروبية) حين سيكون بإمكان الشعب الفرنسي أن يستعيد زمام مستقبله ومصيره، وكبريائه الممثل بشكل سيء من شخصية مثل إيمانويل ماكرون".
وأضاف سالفيني في الفيديو "أنا متعاطف جداً وبكل جوارحي مع الشعب الفرنسي، ملايين الرجال والنساء الذين يعيشون في فرنسا مع حكومة سيئة جداً ورئيس جمهورية بالغ السوء".
يشار إلى أن دي مايو وسالفيني دعما بقوة حراك "السترات الصفراء" الذي اندلع في فرنسا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ضد سياسات ماكرون الاجتماعية وما زال.
وفي تصريحات سابقة، اتهم سالفيني الرئيس الفرنسي بالحكم "ضد شعبه" وتمنى رحيله عن الحكم قائلاً "كلما اقترب موعد رحيله كان الأمر أفضل".