الكرامات المروية عن زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه السلام والمنقولة في الكتب العربية والفارسية كثيرة، ونحن اعتمدنا في مقالنا هذا على أمور حصل عندنا القطع بصحتّها.
فمن ذلك:
1-تسخير الأسد لها صلوات الله عليها.
قال الفاضل في الأسرار: لما قتل الحسين أمر عمر بن سعد لعنه الله أن تطأ الخيل عليه غداً، فسمعت جارية الحسين عليه السلام، فحكت لزينب أخته فقالت: ما الحيلة؟ قالت زينب: إنّ (سفينة) عبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم نجّاه الأسد على ظهره لما قال له: أنا عبد رسول الله، وسمعت أنّ في هذه الجزيرة أسداً، فامضي إليه فقولي له: إنّ عسكر ابن سعد يريدون غداً أن يطئوا بخيولهم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، فهل أنت تاركهم؟ فلمّا مَضتْ إليه الجارية وقالت ما قالته زينب، إلى قولها: فهل أنت تاركهم؟ أشار برأسه: لا، فلمّا كان الغد أقبل الأسد يأزّ أزّاً، والعسكر واقف، فظنّ ابن سعد أنّه جاء يأكل من لحوم الموتى، فقال: دعوه نرى ما يصنع، فأقبل يدور حول القتلى حتّى وقف على جسد الحسين عليه السلام، فوضع يده على صدره، وجعل يمرّغ خده بدمه ويبكي، فلم يجسر أحد أن يقربه فقال ابن سعد: فتنة فلا تهيّجوها، فانصرفوا عنه.
2-إستجابة دعائها
قال أبو إسحاق الإسفرائيني في كتاب نور العين في مشهد الحسين: روي عن زينب أُخت الحسين عليه السلام عند هجوم القوم على الخيام أنّها قالت: دخل علينا رجال وفيهم رجل أزرق العيون، فأخذ كلّ ما كان في خيمتنا الّتي كنّا مجتمعين فيها، إلى أن قالت: فقلت له: قطع الله يديك ورجليك، وأذاقك الله النار في الدنيا قبل الآخرة: قال: فما كان إلاّ قليل حتّى ظهر المختار الثقفي طالباً بثأر الحسين عليه السلام، فوقع في يده ذلك الرجل- وهو خولي بن يزيد الأصبحي – فقال المختار: ما فعلت بعد قتل الحسين؟ فذكر أفعاله التي فعلها ودعوتها عليه، فقطع المختار يديه ورجليه وأحرقه بالنار.
ومن ذلك: ما رواه أرباب المقاتل وغيرهم: أنّ شاميّاً تعرّض لفاطمة بنت أمير المؤمنين عليه السلام، فدعَتْ عليه زينب عليها السلام بقولها: قطع الله لسانك وأعمى عينيك وأيبس يديك، فأجاب الله دعاءها في ذلك الرجل، فقالت: الحمد لله الّذي عجّل لكَ العقوبة في الدنيا قبل الآخرة.
- ومن ذلك: أنها أنها حين وقفت على أخيها الحسين عليه السلام في مصرعه كُشِفَ عن بصرها، فرأت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم واقفاً في المعركة وقد قبض على كريمته الشريفة ودموعه تجري على خدّيه، فنادت: يا جدّاه يا رسول الله، هذا حسينك بالعراء …. الخ.
ولهذا الخبر مؤيدات:
منها: ما في البحار عن الصادق عليه السلام: أن الحسين عليه السلام لما قتل أتاهم آت وهم في العسكر، فصرخ فزبر، فقال لهم: وكيف لا أصرخ ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قائم ينظر إلى الأرض مرة وينظر إلى حزبكم مرة، وأنا أخاف أن يدعو الله على أهل الأرض فأهلك فيهم، فقال بعضهم لبعض: هذا انسان مجنون، فقال التوابون: تالله ما صنعنا بأنفسنا، قتلنا لابن سميّة شباب أهل الجنّة، فخرجوا على عبيد الله بن زياد، فكان من أمرهم ما كان، قلت: جُعلتُ فداكَ من هذا الصارخ؟ قال: ما نراه إلا جبرائيل، أما إنّه لو أُذن له فيهم لصاح صيحةً تخطف منها أرواحهم من أبدانهم إلى النار، ولكن أمهل لهم ليزدادوا إثماَ ولهم عذاب أليم.
- ومنها: خبر الطرمّاح وحاصله: أنّ الطرمّاح بعدما جرح ووقع في القتلى رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عند جسد الحسين عليه السلام وهو ينادي: يا ولدي قتلوكَ، أتراهم ما عرفوكَ؟! ومن شرب الماء منعوك، ما أجرأهم على الله، الخبر.
- ومن ذلك: ما نقله جماعة من الناس: أن امرأة من الكوفة تسمّى أمّ هجام أهانت رأس الحسين عليه السلام عند المرور به على قصرها، فدعت زينب على قصرها بالهجوم، فوقع القصر في الحال وهلك مَن فيه، وكانت هذه الإِمرأة الخبيثة من نساء الخوارج.
3-و من كراماتها الباهرة عليها السلام: ما نقله العلامة النوري رحمه الله في كتابه دار السلام قال: حدّثني السيد محمد باقر السلطان آبادي، قال: عرض لي في أيام شغلي ببروجرد مرض شديد، فرجعت من بروجرد إلى سلطان آباد، فاشتدّ بي المرض بسبب هذه الحركة، وانصبّت المواد في عيني اليسرى، فرمدتُ رمداً شديداً، واعتراها بياض، كان الوجع يمنعني من النوم، فأحضر والدي أطبّاء البلد للعلاج، ولما رأوا حالتي قال أحدهم: يلزمه أن يشرب الدواء مدّة ستة أشهر، وقال الآخر: مدّة أربعين يوماً، فضاق صدري وكثر همّي من سماع كلماتهم، لكثرة ما كنتُ شربتُ من الدواء في تلك المدّة، وكان لي أخٌ صالح تقيّ أراد السفر إلى المشاهد المعظمة، وزيارة سادات البرية، فقلت له: أنا أيضاً أُصاحبكَ للتشرّف بتلكَ الأعتاب الطاهرة، لعلي أمسح عيني بترابها الّذي هو دواء لكلّ داء، ويأتيني ببركاتها الشفاء، فقال لي: كيف تطيق الحركة مع هذا المرض العضال، وهذا الوجع القتّال، ولما بلغ الأطبّاء عزمي على السفر قالوا بلسان واحد: إنّ بصره يذهب في أول منزل أو في ثاني منزل، فتحرّك أخي وأنا جئت إلى بيته بعنوان مشايعته في الظاهر، وكان هناك رجل من الأخيار سمع قصّتي، فحرّضني على الزيارة، وقال لي: لا يوجد لكَ شفاء إلاّ لدى خلفاء الله وحججه، فإنّي كنتُ مبتلى بوجع في القلب مدّة تسع سنين، وكلّت الأطبّاء عن تداويه، فزرت أبا عبد الله الحسين عليه السلام فشفاني بحمد الله من غير تعب ومشقّة، فلا تلتفت إلى خرافات الأطبّاء وامضِ إلى الزيارة متوكّلاً على الله تعالى، فعزمتُ من وقتي على السفر، فلمّا كنّا في المنزل الثاني من سفرنا اشتدّ بي المرض ليلاً ولم استقرّ من وجع العين، فأخذ من كان يمنعني من السفر يلومني، واتّفق أصحابي كلّهم على أن أعود إلى بلدي الذي جئتُ منه، فلمّا كان وقت السحر وسكن الوجع قليلاً رقدت فرأيت الصّديقة الصغرى بنت إمام الأتقياء عليه آلاف التحيّة و الثناء، فدخَلتْ علي وأخذَتْ بطرف مقنعة كانت في رأسها وأدخلته في عيني، ومسحَتْ عيني به، فانتبهتُ من منامي وأنا لم أجد للوجع أثراً في عيني، فلمّا أصبح الصباح قلت لأصحابي: إنّي لم أجد اليوم ألماً في عيني فلا تمنعوني من السفر، فما تيقّنوا منّي، فحلفت لهم وسرنا، فلمّا أخذنا في السير رفعت المنديل الّذي كان على عيني المريضة، ونظرتُ إلى البيداء وإلى الجبال فلم أرَ فرقاً بين عيني اليمنى الصحيحة واليسرى المريضة، فناديتُ أحد الرفقاء وقلت له: تقرّبْ مني وانظر في عيني، فنظر وقال: سبحان الله لا أرى في عينيك رمداً ولا بياضاً ولا أثراً من المرض، ولا فرق بين عينيك اليمنى واليسرى، فوقفتُ وناديت الزائرين جميعاً، وقصصتُ لهم رؤيايَ وكرامة الصدّيقة الصغرى زينب سلام الله عليها، ففرح الجميع، وأرسلتُ البشائر إلى والدي فاطمأن خاطره بذلك.
وغير ذلك من الكرامات التي لا يسع المقام لذكرها.
المصدر:مؤسسة السبطين العالمية