إنّ الأكثرية يعتقد أن كلمتي"القبور" و "الأجداث"مترادفتان ،إلا أن القرآن الكريم كسر هذا الإعتقاد وأشار الى الإختلاف الدقيق و اللامحسوس بين هاتين الكلمتين وإليك التوضيح:
وردت لفظة ( القبور ) في القرآن الكريم خمس مرات ، وذلك في الآيات :
- (وأن الساعه ءاتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من فى القبور ) الحج : 7 .
- ( وما يستوي الأحياء ولا الأموت إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من فى القبور) فاطر : 22 .
- (يأيها الذين ءامنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحب القبور ) الممتحنة : 13 .
- (وإذا القبور بعثرت ) الانفطار : 4 .
- (أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور ) العاديات : 9 .
ونلاحظ أن في جميع هذه المرات الخمس معنى واحداً للقبور ، فهي الأماكن التي دفن فيها الموتى ، وسواء تحدثت الآيات عن أن الله تعالى سيبعثهم يوم القيامة أو تحدثت عن بعثرة القبور يوم القيامة أو تحدثت عن أن سكان القبور لا يسمعون لأنهم موتى ، فإن المعنى الثابت للقبور يظل هو المكان الذي دفن فيه الموتى .
أما الأجداث فقد ذكرت ثلاث مرات في القرآن الكريم ، وذلك في :
- ( ونفخ فى الصور فإذا هم من الأجداث الى ربهم ينسلون ) يس : 51 .
- ( خشعا أبصرهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ) القمر : 7 .
- ( يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم الى نصب يوفضون ) المعارج : 43 .
ونلاحظ أن الآيات الثلاث هنا لم تتحدث عن موتى ، بل تحدثت عن أحياء ، لأنهم في آية يس ينسلون ، وفي آية القمر يخرجون وأبصارهم خاشعة ، وفي آية المعارج يخرجون سراعاً ، وهذا يعني أن الأجداث لم تعد قبوراً .
ومن هنا ندرك الفرق بين القبور والأجداث ، حيث القبور هي الأماكن التي دفن فيها الموتى ، وأما الأجداث فهي نفس الأماكن ولكن بعد أن بُعِث منها الموتى وعادت إليهم الحياة مرة أخرى .
وهكذا يتضح لنا كيف أن القرآن الكريم يراعي الدقة في التعبير بألفاظ مختارة بعناية كبيرة لا نجدها في تعبيرات البشر .