السفارة مهمة شاقة وجليلة ومسؤولية ضخمة ،وقليل من الناس من يؤدي حقها على الوجه الاكمل ويخرج من عهدتها فكيف بمن عهدت إليه السفارة لينوب عن الإمام المعصوم الثاني عشر المهدي المنقذ عجل الله فرجه وسط امواج الفتن والمحن . لقد تحمل هذا التشريف بكل جدارة وثقة الشيخ أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي المعروف بالشيخ الخلاني ، ثاني السفراء الأربعة ، مسؤولية النيابة عن الإمام .مرقده في بغداد ، جانب الرصافة في المحلة المعروفة باسمه (محلة الخلاني ) نسبة إلى مرقده الطاهر . وقد طالته يد التعمير والبناء خلال السنين الاخيرة فأضحى مشهداً مهيباً في مركز العاصمة بغداد يطل على الساحة التي تحمل اسمه (ساحة الخلاني ) فهو من معالمها البارزة وصروحها الخالدة.. وفي المشهد توجد مكتبة عامرة كبيرة أُسست سنة 1364 هجريه ، تضم عدداً ضخماً من الكتب تعرف بمكتبة الخلاني العامة، ويزدحم الزائرون على المرقد طيلة أيام اسنة .وجاء لقب الخلاني من حلمه وورعه وعقليته الجبارة ووداعته وصفاء نفسه بحيث إنه كان لايحمل حقداً على احد فهو خل ورفيق لكل انسان وصاحب وصديق ، فإشتهر عند الناس بالخلاني ...
لقد كان الشيخ من أصحاب الإمام الهادي والإمام العسكري عليهما السلام وله منزلة كبرى عندهما كما هي منزلة والده (عثمان بن سعيد) عندهما من قبل ، وكذلك المنزلة الرفيعة التي كان يتمتع بها لدى الإمام المهدي المنتظر (عج)، ويتجلى ذلك بوضوح من رسالة التعزية التي بعث بها الإمام المنتظر (عج) اليه بمناسبة وفاة والده .وقد أدى مهام السفارة عن الناحية المقدسة أي الإمام الحجة بن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) لمدة خمسة وعشرين عاماً حيث كانت التواقيع تخرج على يده إلى أتباع الإمام ومحبيه ، كما إنه الواسطة في ابصال الكتب الموالين لسيده الإمام .
مع الحرص الشديد على كتمان السر للحفاظ على حياته من بطش السلطة – فلا ريب أن يكون الشيخ أبو جعفر ثقة وعدلاً أميناً بإجماع الشيعه الإمامية وغيرها من المذاهب ، ونص على وثاقته وعدله في حياة الإمام العسكري وبعد وفاته من قبل الإمام المنتظر (عج) وقد وثق في حياة والده عثمان بن سعيد وبعد وفاته أيضاً ..
قال الإمام الحجة بن الحسن المنتظر (عج) في رسالة إلى أحمد بن اسحاق: (العمري وإبنه ثقتان ، فما أديا إليك فعني يؤديان ، وما قالا لك فعني يقولان ، فإسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان).
توفي الشيخ الخلاني (قدس سره) في اخر جمادي الأول من سنة 305 هجريه ودفن في الموضع الذي يقوم عليه قبره اليوم ... رحمه الله تعالى ..
المصدر:الأمانة العامة للمزارات الشيعية