وتاتي هذه الزيارة في وقت، جعل مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي على يد فريق الاغتيال المتشكل من رجال المخابرات السعودية المقربين من بن سلمان، جعل ولي العهد في ورطة كبيرة.
ويرتقب أن يحل بن سلمان، بالجزائر، في إطار جولة عربية بدأها من الإمارات والتقى فيها بولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، وذلك بعد حضوره فعاليات قمة العشرين في الأرجنتين يومي 30 نوفمبر و01 ديسمبر.
هذا وقالت صحيفة غارديان البريطانية إن الإنتربول يستطيع إلقاء القبض على بن سلمان أثناء مشاركته المزمعة بقمة العشرين في الأرجنتين، وأكدت مسؤولة بمنظمة هيومن رايتس ووتش أن محمد بن سلمان لا يتمتع بحصانة لأنه ليس رئيس دولة.
من جهته، جاء في بيان الديوان الملكي السعودي، أن جولة بن سلمان التي ستشمل عدّة "دول عربية شقيقة" لم تحدّد أسماءها، جاءت "بناء على توجيه الملك سلمان".
وعبرت تعليقات الكثير من المتابعين الجزائريين، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عن رفضهم لزيارة ولي العهد السعودي الى الجزائر، خاصة وأنها تأتي في ظل أزمة تمرّ بها علاقات السعودية مع عدّة دول على مستوى العالم، على إثر مقتل خاشقجي داخل قنصليتها في اسطنبول مطلع أكتوبر الماضي، وهي القضية التي تتجه اصابع الاتهام الى الأمير بن سلمان بالضلوع فيها.
وكتب احد النشطاء: نستقبلوه بأغنية "عمي منصور النجار يعمل وفي يده المنشار" في إشارة الى تقطيع جثة خاشقجي بالمنشار في القنصلية السعودية، فيما كتب ناشط آخر: "مرحبا بن سلمان.. عفوا ،عُد من حيث أتيت"!
وفي سياق متصل، فجّر إعلان الزيارة التي سيؤديها بن سلمان لتونس في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، في أولى جولاته العربية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، جدلا وغضبا بين الأوساط الإعلامية والسياسية التونسية، فيما يستعد خمسون محاميا لرفع قضية استعجالية بهدف منع ابن سلمان دخول تونس.
وبحسب المصادر، أكد المحامي والمنسق العام لـ"مجموعة الخمسين محامي للدفاع عن الحريات والتصدي للانحراف بالسلطة" نزار بوجلال، أنه "يستعد برفقة خمسين محاميا لرفع دعوى قضائية استعجالية، لمنع ولي العهد السعودي دخول تونس، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي".
وأوضح بوجلال أن "الدعوى ستتضمن شكايتين، الأولى استعجالية تتعلق بتحميل ابن سلمان المسؤولية السياسية بمقتل الصحفي جمال خاشقجي ومنعه من دخول الأراضي التونسية، والشكاية الثانية جزائية بتكليف من الصحفيين و نشطاء حقوق الإنسان".
وتعالت أصوات عبر الشبكات الاجتماعية رافضة لهذه الزيارة التي جاءت بطلب من الحكومة السعودية، بحسب ما أكدته مصادر من رئاسة الجمهورية.
وهاجم نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري في تدوينة عبر صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك" زيارة ولي العهد السعودي بالقول: "دم خاشقجي لم يبرد بعد، القاتل ابن سلمان لا أهلا ولا سهلا بك في بلد الانتقال الديمقراطي، تونس".
وأكد عضو المكتب التنفيذي للنقابة محمد اليوسفي أن النقابة سيكون لها موقف وتحرك ميداني بخصوص زيارة محمد بن سلمان لتونس، "مثلما دأبت سابقا على الانحياز للقضايا العادلة والدفاع عن حرية التعبير بغض النظر عن الشخص أو البلد".
كما عبر عدد من السياسيين عن رفضهم زيارة ولي العهد السعودي، مستنكرين قرار رئاسة الجمهورية استقباله، إذ كتب السياسي المعارض عصام الشابي على حسابه على فيسبوك "يؤدي يوم الثلاثاء القادم وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان زيارة إلى تونس، ومعلوم أن كل أصابع الاتهام تتجه إليه لضلوعه المحتمل في مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول وتمزيق جثته وإخفائها أو إذابتها بعد ذلك".
وأضاف "لا يمكن لتونس بقيمها الجديدة أن تكون من بين الدول التي تتجاهل جريمة اهتز لها العالم، أو أن تقبل مقايضة ذلك بالبحث عن تعاون مفقود مع دولة مستعدة للإنفاق بسخاء لتبييض ساستها وإعادة تأهيلهم على الساحة الدولية، فلا أهلا ولا سهلا".
وفي السياق ذاته، عبر مجموعة من الصحفيين التونسيين عبر تدوينات لهم عن رفضهم لزيارة محمد بن سلمان لتونس، وكتب الصحفي علاء زعتور: "صاحب المنشار غير مرحب به في أرض الثورة".
ودعا الصحفي سمير جراي التونسيين إلى التظاهر احتجاجا على زيارة بن سلمان الذي وصفه بـ"المجرم أبو منشار".
على صعيد آخر، تحولت زيارة بن سلمان المنتظرة لتونس عند بعض النشطاء والوجوه السياسية لمادة للسخرية، حيث اقترح رئيس حزب "البناء الوطني" رياض الشعيبي، على السبسي قبول إقامة ابن سلمان بتونس كرد للجميل بعد قبول السعودية استضافة ابن علي، في إطار ما أسماه المعاملة بالمثل.
فيما علق الناشط والمحلل السياسي سمير عبد الله ساخرا: "أرحّب ترحيبا حارّا بمحمّد بن سلمان شرط أن يجلب معه منشاره".
من جانبه، انتقد القيادي في حركة النهضة رضوان المصمودي زيارة ابن سلمان لتونس، داعيا التونسيين إلى رفع شعار "ديغاج" بوجهه.
وبحسب العديد من النشطاء السياسيين والحقوقيين أن زيارة محمد بن سلمان إلى بعض الدول العربية في هذا التوقيت بالذات ما هي إلا تلميع لصورة المملكة العربية السعودية لا سيما بعد الكشف عن ملابسات تصفية الصحفي جمال خاشقجي والتنكيل بجثته في القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية.