بَشائِرُ الصُّبحِ أَجْلَتْ غاسِقَ الكُرَبِ
فالكونُ يَرفُلُ نَشْوانًا مِنَ الطَّرَبِ
والكائِناتُ جَلابيبَ السَّنا لَبِسَتْ
وقُلِّدَتْ حُلَلاً أَبهَى مِن الذَّهَبِ
ودَوحةُ المَجدِ بالأَطيابِ زاكيةٌ
والأَرضُ مَزْهُوَّةٌ في بُردِها القَشِبِ
والنُّجْمُ مِن أُفُقِ الزَّرقاءِ قد نَزَلَتْ
إِلى الفَيافي، وما في الأَمرِ مِن عَجَبِ
فالوَحيُ بَشَّرَ أَهْلَ الأَرْضِ قاطبةً
اليَوْمَ ضاءَتْ ثُرَيَّا المُصطفَى العَرَبي
يا مَنْ بُعِثْتَ لِنَشْرِ النُّورِ في رَجَبِ
أَضواءُ ذِكْرِكَ في الأَمصارِ لَمْ تَغِبِ
وافَيْتَ قَوْمَكَ بالقُرآنِ مُعجزةً
مِنَ السَّماءِ، فأَمسَى خاتَمَ الكُتُبِ
كِتابُ وَحْيٍ تَسامَى في بَلاغتِهِ
حَتَّى تَحدَّى فُحولَ الشِّعرِ والأَدَبِ
مَنْ ذا يُشَوِّهُ لِلْمُختارِ صُورتَهُ
يَذوبُ بِالذَّنْبِ لَمْ يَخْجَلْ وَلَمْ يَتُبِ ؟
مُحمَّدٌ في سَماءِ الحَقِّ شَمسُ هُدًى
وهلْ يُشَوِّهُ شَمسًا قادةُ الشَّغَبِ ؟
ليس النَّبيُّ، وأَيْمُ اللهِ، ما زَعَمُوا
لَكِنْ هُمُ سادةُ الإِرهابِ والعَطَبِ
مُحمَّدٌ لَمْ يَزَلْ نِبراسَ وَحدَتِنا
أَللهُ أَرسَلَهُ للنَّاسِ خَيرَ نَبي
حَنَّتْ لِرُؤْيَتِه الدُّنيا، وما بَرِحَتْ
تَتلُو الصَّلاةَ عليهِ دُونَما تَعَبِ
يا خاتَمَ الرُّسْلِ ، كَمْ لاقَيْتَ مِنْ مِحَنٍ
تُدْمي الفُؤَادَ ! وكَمْ قاسَيْتَ مِنْ نُوَبِ !
آبَتْ قُرَيْشُ إِلَى الأَوثانِ تَعبُدُها
وبِتَّ صُلْبًا عنِ التَّوحيدِ لَمْ تَؤُبِ
ضَلَّ العُتاةُ مَتَى أَعْمَوْا بَصائِرَهُمْ
وأَغلَقوا سَمْعَهمْ عَن أَمثلِ الخُطَبِ
حَيَّيْتُ صَحبَكَ ما افْتَرَّتْ عَزائِمُهُمْ
بَعدَ التَّجَلُّدِ نالُوا أَشرَفَ الرُّتَبِ
هاجَرتَ تَهدِمُ مِن بُعدٍ أَبالِسَةً
حتَّى رَفَعتَ صُروحَ المَجدِ عَن كَثَبِ
دُكَّتْ عُرُوشُ أَبِي جَهلٍ وزُمرَتِهِ
كذاكَ تَبَّتْ يَدا الطَّاغي أَبِي لَهَبِ
مَضَى بِلالُ أَذانَ الفَتحِ يَرفَعُهُ
كبُلبُلٍ صادِحٍ مِن شاهِقِ القُبَبِ
يا خاتَمَ الرُّسْلِ ، يا رَمزًا لكلِّ أَبِي
يا رَحمةً نَزَلَتْ لِلْعُجْمِ والعَرَبِ
طابَتْ حَياةٌ مِنَ الأَرجاسِ قَدْ طَهُرَتْ
لَولا جِهادُكَ لَمْ تَطهُرْ وَلَمْ تَطِبِ
مَولايَ أَنْتَ وأَهلُ البيتِ قافِيَتي
ولَحنُ قلبي، بأُمِّي أَنتمُ وَأَبِي
صَلَّى عَلَيْكُمْ مَليكُ العَرشِ ما سَطَعَتْ
شَمسٌ، وحَلَّقَ طَيرٌ في الفَضا الرَّحِبِ