هل هناك علاقة...بين الفطرة والوحدة الإسلامية؟؟!!!!

الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 - 11:08 بتوقيت غرينتش
هل هناك علاقة...بين الفطرة والوحدة الإسلامية؟؟!!!!

التوحد حول الله ورسوله هو التوحد حول الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وما هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟ نقول :عندما نغوص ونفتش في أعماق أنفسنا ، بعد أن نتخطى...

سالم الصباغ

كيف تكون الفطرة هي الدين القيم الذي يجب التوحد حوله ، وذلك في قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) (الروم/30).
( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) (الروم/31).
) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) (الروم/32(.
في الجواب عن هذه الأسئلة نقول :

التوحد حول الله ورسوله هو التوحد حول الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وما هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟ نقول :عندما نغوص ونفتش في أعماق أنفسنا ، بعد أن نتخطى :
حجب المعاصي
وحجب العادات والتقاليد
وحجب التعصب الأعمى للمذاهب والأديان ،
ثم حجب الإعلام المضلل في زمن الفضائيات ،
وحجب الإعلام الرقمي على شبكات التواصل الإجتماعى ،،
كل هذه الحجب الظاهرة وغيرها من الحجب الباطنة …. والتي أبعدت الإنسان المعاصر عن معرفة حقيقة نفسه بلا حجب ، وبالتالي معرفة الفطرة التي فطره الله عليها ، وبالنتيجة معرفة ربه عز وجل ، ففي الرواية الشريفة :"من عرف نفسه فقد عرف ربه"فنسي الإنسان ميثاق فطرته ، هذه الفطرة التي وصفها القرآن الكريم بأنها ) الدِّينُ الْقَيِّمُ ) وذلك في قوله تعالى :
)فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) (الروم/30( و ( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) (الروم/31).
( مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) (الروم/32).

بالتدبر في الآيات المذكورة نجد أن :
1-أن الفطرة هي الدين القيم
2- يجب التوجه إلى هذه الفطرة
3- أنه لا تبديل لهذه الفطرة
4- أن هذه الفطرة لكل الناس وليست تخص أصحاب دين أو مذهب بعينه .
5- أكثر الناس لا يعلمون بهذا الدين القيم
6- النهي عن أن نكون من المشركين ، أي من الذين لم يتوجهوا لدين الفطرة ، وبالتالي فرقوا دينهم ، وكانوا فرقاَ وشيعاَ ، وأحزاباَ .
7- أن كل فرقه من هذه الفرق تظن أنها الفرقة الحق وغيرها من الباطل ، ولذلك فهي فرحة بما هى عليه فلا تحاول النظر للآخرين وما قد يملكونه من حق وحقيقة .

والنتيجة هي : أن الدين القيم الذي يجب التوجه إليه هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وأن التفرق عن هذه الفطرة شيعاَ وأحزاباَ هو تشبه بالمشركين أي أنه ضد عقيدة التوحيد …

فما هي هذه الفطرة ؟
لو رجعنا لأول رواية في كتاب الكافي باب العقل ، لوجدنا الأتي :
1 ـ أن أول ما خلق الله خلق العقل من نوره ، وبربطه بحديث : أول ما خلق الله نور نبيكم ومنه خلق كل خير ، فإن العقل المقصود هو نور محمد صلوات الله عليه وأله
2 ـ أن الله خلق للعقل خمسة وسبعون من الجنود وزيرها الخير ، ومن هذه الجنود العلم ، الكرم ، الشجاعة ، الحياء ، والصدق ، والأمانة ، وباقي صفات الخير ..
3 ـ أن الله خلق الجهل ووزيره الشر ،كذلك وخلق له جنودا مضادة لجنود العقل ، مثل الجهل ، والجبن ، والهتك ، والكذب ، والخيانة ، وباقى صفات الجهل والشر

يستنتج الإمام الخميني من هذا الحديث في كتابه شرح حديث جنود العقل والجهل الأتي :
– أن المقصود بالعقل وجنوده هو الفطرة الأصلية التي خلق الله الناس عليها
– أن مقاومة جنود الجهل والشر هي أيضاَ فطرة تابعة للفطرة الأصلية
ولو تأملنا في هذه الجنود نجد أنها تنطبق على صفات فطرة الله التي وردت في الآية الشريفة :
فهي لا تبديل لها ، فالصدق مثلا فضيلة عند كل الشعوب ، وكذلك الكذب رذيلة والأمانة فضيلة عند كل الشعوب ، والخيانة رذيلة …أما قوله تعالى في وصف هذه الفطرة بأنها الدين القيم ، فنفهمها من قول الرسول صلوات الله عليه وأله :
( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) … أي حصر الهدف من البعثة هو مكارم الأخلاق التي هي جنود العقل والتي هي فطرة الله …
وقوله عز وجل :
( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم/4).
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء/107).
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) (الأحزاب/21).

أي أن فطرة الله التي فطر الله عليها والتي هي الدين القيم تتجلى كلها بتمامها وكمالها تتجلى في الرسول الأعظم وهو الأسوة الحسنة التي يجب أن تدور الأمة حولها ، ولذلك فهو رمز وحدة الأمة التي يجب أن تتوحد حولها ..
وبالتالي التوحد حول الله عز وجل ، لأن الآية تقول : (لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ)
فالرسول صلوات الله عليه تتجلى فيه الصفات والأخلاق الإلهية ، كالرحمة :
فالله هو الرحمن الرحيم … والرسول : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ..
فالرسول هو المظهر التام للرحمة الإلهية ، وبما أن اسم الرحمن من الأسماء المحيطة كالإسم الجامع ( الله ) يقول تعالى :
( قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَانَ أَيًّامَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ) (الإسراء/110).
وعلى ذلك فكل الأسماء الحسنى تتجلى فيه صلوات الله عليه وأله ..
فكون الرسول صلوات الله عليه وأله يجب أن يكون هو رمز وحدة الأمة وليس المذهب أو غيره ،، يعنى بالتالي أنه يعنى التمحور حول الله عز وجل :
(مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) (النساء/80)
( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (الفتح/10).
ولعل هذا ما يفسر لنا العلاقة بين الوحدة والتوحيد فى قوله تعالى :( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِي ) (الأنبياء/92).