وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني.
الجواب: لقد اختلفت الروايات والأقوال في ذلك الى سبعة أقوال بل ثمانية - كما سيأتي بيانها - ولمّا كان القطع واليقين محالاً في بعضها، وإن ذهب الى القول بذلك بعض الأعلام - كما سيأتي بيانه -، غير أن أقربها للقبول والمعقول هو ما اشتهر عند العلماء من الفريقين الشيعة والسنة بأنه أعيد الى جثته (عليه السلام) بعد أربعين يوماً، وهذا الاتفاق يوحي باطمئنان الرجحان في ذلك.
والآن الى بيان الأقوال ونستعرض أسماء القائلين بها تنويراً لكم:
القول الأول: وهو مدفون بكربلاء عند جثته الطاهرة أعيد إليها بعد أربعين يوماً. ذهب الى ذلك من أعلام الفريقين:
1ـ هشام بن محمد بن السائب الكلبي حكى ذلك عنه السبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص 150 ط حجرية 1278هـ) عنه وغيره.
2ـ السيد المرتضى 436 هـ حكى ذلك عنه كل من الطبرسي في (أعلام الورى 255 ط الحيدرية)، وابن شهر آشوب في (المناقب 3 / 231 ط الحيدرية).
3ـ الشيخ الطوسي 480 هـ حكى ذلك عنه من تقدم وقالا عنه انه قال: ومنه زيارة الاربعين.
4ـ الحافظ ابن شهر آشوب 488هـ ذكر ذلك في المناقب كما أشرنا إليها آنفاً.
5ـ الفتال النيسابوري المستشهد سنة 508هـ ذكر ذلك في (روضة الواعظين).
6ـ الشيخ الطبرسي 548هـ ذكر ذلك في (أعلام الورى) كما اشرنا اليه آنفاً.
7ـ ابن نما الحلي في (مثير الاحزان) وقال: انما الذي عليه المعول من الأقوال إنه أعيد الى الجسد بعدما طيف به في البلاد ودفن معه.
8ـ المجلسي 1111هـ في (بحار الأنوار) وقال إنه المشهور بين علمائنا الإمامية، رده علي بن الحسين (عليه السلام).
9ـ القزويني 682هـ في (عجائب المخلوقات 67) قال: في العشرين من صفر رد رأس الحسين (عليه السلام) الى جثته.
10ـ ابن حجر الهيثمي 973هـ في شرحه همزية البوصيري قال: أعيد رأس الحسين بعد أربعين يوماً من مقتله.
11ـ المناوي 1031هـ في (الكواكب الدرية 1 / 57) نقل اتفاق الامامية على انه أعيد الى كربلاء ولم يعقب بشيء، وحكى ترجيحه عن القرطبي، ونسب الى بعض أهل الكشف انه حصل له اطلاع على انه أعيد الى كربلاء.
12ـ الشيخ الشبراوي 1171هـ في (الاتحاف بحب الاشراف / 12) قيل: انه اعيد الى جثته بعد أربعين يوماً.
13ـ وأخيراً قال أبو الريحان البيروني في (الآثار الباقية 1 / 331): في العشرين من صفر ردّ رأس الحسين الى جثته حتى دفن مع جثته.
فهذا القول هو الراجح والأولى بالقبول، لاتفاق كثير من أعلام الفحول من الفريقين الدال على القبول حسب النقول.
القول الثاني: انه عند أبيه لورود أخبار بذلك وردت في (الكافي، والتهذيب)، لا تخلو بعض اسانيدها من المناقشة.
القول الثالث: انه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) كما في خبر عن الصادق (عليه السلام) رواه الكليني في (الكافي).
وهذان القولان من مختصات الإمامية، ولم يقل بها أحد من غيرهم.
القول الرابع: انه دفن بالمدينة عند قبر امه فاطمة (عليها السلام)، وهذا ما حكاه السبط ابن الجوزي عن ابن سعد في (الطبقات)، وقال به غيره.
القول الخامس: إنه بدمشق بباب الفراديس حكاه السبط أيضاً عن ابن أبي الدنيا وعن الواقدي وعن البلاذري في تاريخه.
القول السادس: انه بمسجد الرقة على الفرات بالمدينة المشهورة حكاه السبط أيضاً عن عبد الله بن عمر الوراق ذكره في كتاب المقتل.
القول السابع: انه في عسقلان ومنه نقله الفاطميون الى القاهرة، وهو فيها وله مشهد عظيم يزار.
القول الثامن: انه في حلب، أشار اليها ابن تيمية في رسالته جواباً عن سؤال عن رأس الحسين (عليه السلام) وهي مطبوعة حققها وطبعها محب الدين الخطيب، وقد تجاوز الحد في سوء الأدب مع الحسين (عليه السلام) حتى علا وغلا على صاحب الرسالة في حماه المسعورة، وقد ساق ابن تيمية سبعة وجوه في نفي أن يكون الرأس مدفوناً بالقاهرة، متحاملاً فيها على من يقول بها، ولم تخل الرسالة متنا وهامشاً من تعريض وتصريح بالحسين (عليه السلام) ونهضته، ودفاعا عن يزيد وجريمته، ولا يستنكر اللؤم من معدنه، فجزى الله كلا على نيته وحشره مع من يتولاه انه سميع مجيب.
ولنختم الجواب بما قاله السبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص ص151 ط حجرية سنة 1278هـ) قال: وفي الجملة ففي أي مكان كان رأسه أو جسده، فهو ساكن في القلوب والضمائر، قاطن في الاسرار والخواطر، أنشدنا بعض أشياخنا في هذا المعنى:
لا تطلبوا رأس الحسين ***** بأرض شرق أو بغرب
ودعوا الجميع وعرّجوا ***** نحوي فمشهده بقلبي
ونضيف نحن قول ابن الوردي في (تاريخه ج1 / 232 ط الحيدرية):
أرأس السبط ينقل والسبايا ***** يطاف بها وفوق الأرض رأس
ومالي غير هذا السبي ذخر ***** ومالي غير هذا الرأس رأس
المصدر:وكالة أنباء الحوزة