سالم الصباغ
{فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرينَ}
يتساءل البعض عن الإمام المهدي عليه السلام وكيف يمكن أن يملأ الأرض كلها عدلاَ بعد أن ملئت ظلماَ ، وكيف يواجه قوى الإستكبارالعالمي وأمريكا وترسانتها النووية والصاروخية وحاملات طائرتها،وأجيال حروبها الرابعة والخامسة والسادسة …!
والإجابة حسب رؤيتي وفهمي للنصوص هي :
إن أعلى درجات الدنيا أي عالم المادة هي أدنى درجات عالم الغيب ، ويوم المهدي هو من أيام الله وهو من الغيب حسب تفسيرات أهل البيت عليهم السلام في معنى ( وذكرهم بأيام الله ) ، ففي الحديث عن أهل بيت النبوة :
في كتاب مختصر البصائر/18 ، عن موسى الحناط قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم عليه السلام ،ويوم الكرة ،ويوم القيامة).
ولا نتعجب من هذا فهذه المرحلة وردت فيها أيات وروايات خارج المألوف والمعروف للناس ولم يُفهم معناها حتى الأن ، ففي القرأن أية عن دابة الأرض التي تكلم الناس ، وأيات عن يأجوج ومأجوج ، وعن الصيحة بالحق .. وفي أحاديث أهل السنة روايات عن الدجال وشروق الشمس من مغربها ..
ولقد إرتبطت كلمة ( الغيب ) بالمنتظر والمنتظرين ، وهي مصطلحات مرتبطة بالمهدي عليه السلام حيث دائماَ ما يُوصف المهدي بالمنتظر. ومن أدلة إرتباط ( الغيب ) ( بالإنتظار ) قوله تعالى :
{وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرينَ} .
وعن إرتباط أيام الله بالمنتظر والمنتظرين أيضاَ يقول الله تعالى :
{فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرينَ}.
والدليل الأقوى هو وصف هذا اليوم بيوم الفتح مع استخدام عبارة ( الإنتظار والمنتظرون } ..
يقول الله عز وجل :
{ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذينَ كَفَرُوا إيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ*فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ}.
فالمقصود بيوم الفتح هنا ليس فتح مكة ، لأن فتح مكة يقبل فيه التوبة ، ولكنه فتح العالم على يد الإمام المهدي عليه السلام حيث يُغلق باب التوبة …وبدلالة إستعمال كلمة الإنتظار والمنتظر …
ومن المعروف أن المهدي عليه السلام كباقي أئمة أهل البيت عليهم السلام عنده ( علم الكتاب كله ) وبحرف واحد منه أتي وصي سليمان عليه السلام بعرش بلقيس في أقل من طرفة عين …! يقول القرآن عنه :
{قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }(40) النمل
ولاحظ أن للعلم مدخلية في إحضار العرش وليس المعجزة أو الدعاء ..
كما وأن القرآن تحدث عن الذي عنده علم الكتاب كله :
{ قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}
والذي عنده علم الكتاب هو علي والأئمة من ولده وأخرهم المهدي عليهم جميعاَ السلام .. وحسبنا الحديث المشهور:" أنا مدينة العلم وعلي بابها."
ولكن الممهدون للعصر المهدوي لن ينتصروا بالمعجزات والتواكل والإنتظار السلبي ولكن بالدماء والعرق والجهاد حتى يقوموا بإنشاء دولة العلم والإيمان ، العلم الذي قد يتطور بسرعة في هذه الدولة ويصل إلى المرحلة التي تكون مهيئة لاستقبال المرحلة العلمية لعصر المهدي عليه السلام ..والمنفتحة على عالم الغيب ..
ولقد قرأنا أن كوريا عندها قنبلة تهدد بها أمريكا تصيب بالشلل منظومة الحاسبات وشبكات الكهرباء أو بمعنى أخر تبطل مفعول كل الأسلحة وتعود دولة كأمريكا إلى العصور الوسطى .. إن لم يكن هذا صحيحا فإنه على الأقل تعدى مرحلة الخيال العلمي …!
وعندها لن نسأل عن أمريكا وقواها النووية وترسانتها الصاروخية ودرجات حروبها المتعددة ..فأعلى درجاتها العلمية المادية هي أدنى درجات عالم الغيب الروحاني في نقطة تماسه مع حافة عالم الدنيا …
ويكفي الوعد الإلهي بالإستخلاف في الأرض للفئة المؤمنة :
يقول الله تعالى :
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
والله أعلم ..
المصدر:الولاية الإخبارية