يخلط كثير من النّاس في الاستعمال بين كلمتي الغيث والمطر، فكلمتا الغيث والمطر كلاهما تعبّران عن نفس المعنى الذي هو الماء النّازل من السّحاب، غير أنّ القرآن الكريم استخدم كلمة الغيث في مواقع، واستخدم كلمة المطر في مواقع أخرى مختلفة ، فلو تأمّلنا الآيات الّتي جاءت بها كلمة الغيث لاحظنا أنّ لفظ الغيث لا يذكر في القرآن الكريم إلّا في مواطن النّعمة والرّحمة، ويأتي مصاحبا للخير الوفير والعطاء، والفرج بعد الضّيق، واليسر بعد العسر، ففي سورة لقمان قال سبحانه : (إِن الله عِنده عِلم الساعةِ وينزِّل الغيث) ، وفي سورة الشورى قال تعالى: (وهو الذِي ينزِّل الغيث مِن بعدِ ما قنطوا وينشر رحمته) ، وفي سورة يوسف قال سبحانه:(ثم يأتِي مِن بعدِ ذلِك عام فِيهِ يغاث الناس).
أما لفظ المطر ومشتقّاته فيذكرعادة في القرآن الكريم؛ حين يذكرالعذاب والعقاب للأقوام الكافرة، كما قال سبحانه في سورة الأعراف : (وأمطرنا عليهِم مطرا فانظر كيف كان عاقِبة المجرِمِين) ، وقوله تعالى في سورة هود: (وأمطرنا عليها حِجارة مِن سِجِّيلٍ منضودٍ) ، وقوله سبحانه في سورة الشعراء : (وأمطرنا عليهِم مطرا فساء مطر المنذرِين). أمّا عند الحديث عن المؤمنين فيرد لفظ المطر في مقام الأذى و الابتلاء، مثل قوله تعالى في سورة النساء :( إِن كان بِكم أذى مِن مطرٍأو كنتم مرضى ... ).
بعبارة أخرى ،إذا دققنا النظر فى هذه الآية (وأمطرنا عليهِم مطرا فانظر كيف كان عاقِبة المجرِمِين) ولاحظ هذه أيضا (فلما جاء أمرنا جعلنا عالِيها سافِلها وأمطرنا عليها حِجارة مِّن سِجِّيلٍ منضود) ثم دققنا النظر فى هذه الآية :{وهو الذِى ينزِّل الغيث مِن بعدِ ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولِى الحمِيد}، وهذه أيضا {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعِب ولهو وزِينة وتفاخر بينكم وتكاثر فِى الأموال والأولاد كمثلِ غيثٍ أعجب الكفار نباته ثم يهِيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفِى الآخِرةِ عذاب شدِيد ومغفِرة مِّن اللهِ ورِضوان وما الحياة الدنيا إِلا متاع الغرور}،أظنك لاحظت الفرق العجيب، إن المطر يختلف عن الغيث، فالمطر لا يستعمل فى القرآن إلا فى موضع عقاب وموطن أذى، إذا استخدام كلمة مطر أما أن يكون عقابا نتيجة جريمة أو نتيجة طبيعة ما، كأن يكون معه ريح وعواصف.
أما الغيث فلا يذكر إلا فى حالة الخير، فالغيث فيه معنى الرقة والاطمئنان والأمان والخير والبركة، إذا فالمطر للعقاب والغيث للرحمة.
المصدر:مواقع مختلفة بتصرف