قاسم العبودي
بأسلوب المراهقين ، وطيش الصبيان ،أقدمت السفارة السعودية في تركيا بأختطاف الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي كان مقربا من الحكومة السعودية ولفترات طويلة . بطريقة دراماتيكية تم تصفية خاشقجي الذي أصبح يشكل تهديدا حقيقيا للعائلة المالكة بأعتباره أحد سماسرة الصفقات المشبوهة التي تديرها العائلة الحاكمة منذ عقود طويلة . كان خاشقجي الرجل الإعلامي سليل العائلة ( الخاشقجية ) المعروفة بالثراء الفاحش، ومؤتمن العائلة التي كانت تزجه في كل مرحله من مراحل الإحراج الدولي لترطيب الأجواء من خلال صلاحيته الإعلامية المتنفذة . لكن سوء الإدارة السعودية وتولي الصبي محمد بن سلمان دفة الأمور في المملكة السعودية أظهر للسطح الخلافات الكبيرة التي كانت تعصف بالعائلة المالكة بسبب غوغائية الإدارة ( السلمانية ) وفتاها محمد الذين أرتضوا الذل والمهانة للشعب السعودي قبل غيره .
منذ فترة ليست ببعيدة إنفصل الإعلامي خاشقجي عن سياسة بني سعود متخذا منحى آخر في سياسته الإعلامية المتبناة للقضايا العربية والإسلامية . فكانت تغريداته على صفحات التواصل الإجتماعي تنذر بني سعود تارة ، وتحذرهم تارة أخرى . أظهر بكثير من المهنية الوجه القبيح للساسة السعوديون وإدارتهم لدفة المملكة وخصوصا في صفقات التمويل اللامحدود التي أغدقها سلمان وأبنه على رئيس الولاياتت المتحدة الأمريكية . فقد نصحهم مرات عديدة من على منابره الإعلامية الكثيرة التي يمتلكها ، بعدم تبديد الثروات القومية للشعب السعودي بحجة الحماية . الحماية ممن ؟ حاول خاشقجي إيصال رسالة للحكام السعوديين بأن رئيس أمريكا قد خلق لهم عدوا وهميا مستغلا علاقة المملكة الهزيلة بجمهورية إيران الإسلامية التي حاولت حكومة الولايات المتحدة إستغلالها أبشع إستغلال بذراع متعددة .
كما كان له موقف واضح من التقارب السعودي الصهيوني منذرا لهم بنهاية العائلة فيما أذا قاموا بالتطبيع مع هذا الكيان السرطاني . لقد كان لهم ناصحا . لكنهم صموا آذانهم عن النصح ، وتمادوا كثيرا وخصوصا في معركتهم الخاسرة مع اليمن . فكانت أقرب تغريداته على موقع تويتر عندما وصف "ما يحدث في عدن" بمؤامرة زُجت فيها السعودية ) .حيث قال (( مايجري في عدن اليوم ضد المصلحة الإسترتيجية للمملكة ، مثلما كان الإنقلاب بمصر والتخلي عن الثورة السورية وأزمة الحريري والعلاقة مع قطر وتركيا والسودان ولكن هناك دوما من سيكتب مقالا عن إنتصاراتنا!" لقد كان الرجل واضحا جدا بعدم مشروعية الحرب التيقامت بها السعودية وإستنزفت أموال المملكة في حرب خاسرة لامحال ، فهو يبقى بعد كل الذي قال ، سعودي . أنا أرى هذه التغريدة التي أطلقها عن اليمن ،هي التي أنهت حياة خاشقجي والى الأبد .
بدأت رمزية الدولة السعودية بالأفول ، فهي تتزعم القرار العربي في المحافل الأممية العربية ومما زاد في إضمحالالها كمية الإهانات الأمريكية التي ظهرت للملأ جهارا نهارا وعلى لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي قابلها رد فعل ساذج من الصبي السعودي بن سلمان الذي حاول قدر الإمكان أن يسوقها بطريقة وأخرى .
أنا لا و لن أعطي صفة الشهادة لجمال خاشقجي بإعتباره شهيد الكلمة الحرة ولكن تغريداته الأخيرة ، هي القشة التي قصمت ظهره . فقد إنطلق الرجل ناصحا من إحساسه القومي ،واضعا مصلحة شعبه- و لو متأخرا- نصب عينيه في وقت وضع سلمان وإبنه عصابة سوداء فوق أعينهم ، متناسين تماما مصلحة شعبهم الذي طالما تغنى بهم .
المصدر:وكالة أنباء براثا