جاسم الصافي
كل شيء ممكن فهو زمن المستحيل وعجائب الدنيا لم تعد سبعة فقد فقس الاعلام عجائب اخرى ، نعم فانا اذكر جدتي قد حدثتني عن جني يتلاعب بأقدار الناس ، ويحدث الفوضى لكن دائما ما تسفر النهايات عن فضح حقيقة المستور ، فمن لا يؤمن بالمؤامرة ليضرب رأسه ببرج خليفة ، او ليرجع لسبات الضفادع ، سقط القناع ، وتكشفت عوراتنا !! فنحن في زمن الاستحمار .. واغلب المتنورين في شرود وتوهان ... وحين ينتفضون يبررون تعطلهم في التأمل والتحليل للقضية الفلسطينية ، وفي الحقيقة هم يلبون نداء الطبيعية كما يفعل الاطفال .
البداية كانت من شركة آرمكوا والتي تبلغ قيمتها بحسب فاينشال تايمز 12 ترليون ( الف مليار ) دولار ، حيث اعلن عن نية المملكة من بيع اسهم تلك الشركة بحجة الازمة الاقتصادية ، وكانت امريكا قد امدت السعودية عن قضايا فساد داخل تلك الشركة وخصوصا في عمولات تتعلق ببعض الامراء لذا اكدت للملك ولولي العهد ان بيع اسهم تلك الشركة يحد من انتشار الفساد في اوصالها كما سيفتح باب الاستثمار لكبرى الشركات العالمية والتي كانت ايران في ذلك الوقت تتفاوض معها للاستثمار في حقولها النفطية قبل اعلان العقوبات الامريكية ،وبذلك تكون السعودية قد ضربت عصفورين بحجر واحد فهي تحرم عدوها التاريخي من الاستثمار وكذلك تجلب الشركات والمستثمرين الى اراضيها ،.
لكن في المقابل سيفضح هذا الامر حجم واردات تلك الشركة ومقدار تصديرها اليومي الامر الذي لا يعلمها الا الله واولي الامر ، وكان اصرار اميركا على هذا الامر يثير شكوك ولي العهد الشاب وخصوصا انه يطرح بطريقة مستفزة من قبل الرئيس ترامب الذي لا يعرف غير لغة الارقام والمنفعة حتى لو تحرش الامراء بابنته ايفانكا.
وبعد التأخير والتردد في عرض اسهم الشركة للبيع اخذت امريكا تعلن صراحة وتطالب الخليج بالأتاوى . لقد سقط قناع التصنع والتمسكن السياسي والدبلوماسية وظهر التمكن والعهر والبلطجة الترامبية ، وخصوصا ان مستشاري البيت الابيض قد افتوا بتقليم اظافر المملكة قبل ان يعاد فيها تدوير صورة حامي البوابة وقائد الضرورة صدام ، لهذا كان تصريح ترامب بطريقة فجة متعنترة وبعيدة كل البعد عن الاعراف الدبلوماسية ( من دون حمايتنا بيومين تسقط المملكة)وهو يعي ما يقول بل بيده العصا السحرية التي تنفذ بقدرة قادر اقواله تلك الى افعال .
لقد كان ترامب متأكدا مما دبر بليل او نهار للمملكة من شراك في قضية الخاشقجي وهذا ما تنشره الصحف الأمريكية وخصوصا ان الخاشقجي كان مراقب في تحركاته في منفاه على الارض الأمريكية وحتى في سفرياته الى خارج اميركا ، لكن هناك خط مراقبة اخرى كانت موجود لملاحقة الخاشقجي الا وهي خديجة جنغير التي تدعي انها خطيبته لتبرر مرافقتها المستمر للخاشقجي وهي التي لا تعلم حتى تاريخ ميلاد ذلك الخاطب كما يظهر في احدى تغريداتها على اليوتيوب وكما يذكر صلاح نجل الخاشقجي والمرافق لولده في تركيا قبل اسبوعين من اختفائه عن عدم معرفته بتلك الخطيبة ولا حتى اسمها ، سوى ذكرها لمرة واحدة وفي امسية ادبية حين عرفها الخاشقجي على انها باحثة .
وكذلك تذكر بعض وسائل الاعلام ان السيدة خديجة كان لها ظهور قبل هذه القضية في صور لها وهي مع الكثير من مؤيدي اردوكان وحزبه الحاكم ، وقد نصبت الاستخبارات الامريكية الفخ للتلاعب برجال البلاط الملكي السعودية لتنفيذ الاعدام بالخاشقجي كونه يملك معلومات عن حقبة الحرب الافغانية والقاعدة وروسيا ، وكانت تركيا تراقب تحركات امريكا ودخول الخاشقجي لبلادها من جهة وكذلك تراقب ما خطط لحادثة اغتيال الخاشقجي.
ومن الغباء ان يكون تنفيذ الجرم في القنصلية كونه ادانة واضحة لكن الامر تدور حوله شبهات كثيرة وخصوصا بعد ان ثبت ان هناك عبث متعمد في مكان الجريمة ودخول مواد سامة وكيمياوية وطلاء الجدران بدهان بعد الحادث ، وقبل التشكيك في صحة هذا التحليل واتهامي بنظرية المؤامرة ، نقول ان الخاشقجي كانت بدايته في افغانستان ابان الحرب الروسية وهو من كان يستحصل حصريا على اعلام وبيانات القاعدة ابان الحرب السوفيتية وطالبان وتلك الحرب او قوة طالبان هي كقوة داعش اليوم وجدت بعقل امريكي واموال خليجية والخاشقجي في وقتها مقرب من الديوان الملكي لهذا لا نستبعد من انه كان صنيعة امريكيا بتغافل سعودي وانه يمتلك اسرار خطيرة ، وكما يقال من النهايات تعرف المقدمات لهذا اقول ، ان تأخر التحقيق وتأخر اعلان نتائجه عند الاتراك هو لغاية وهي استثمار الازمة وخصوصا ان تركيا تعرف خيوط اللعبة واطلاق سراح القس المفاجئ وهو الجاسوس الامريكي الذي سبب ازمة العلاقة التركية الأمريكية ، وهو اول الاستثمارات ، فإما ان يكون اطلاق سراحه في هذا الوقت ان احسنا الظن لان الاعلام والرأي العام يسلط انظاره نحو قضية اهم وهي الخاشقجي التي كان يدفع الجميع لإشعالها بهذا الشكل ، وبهذا لن يخلق ضجة وردود فعل تعكس سلبا على هيبة وسيادة تركيا ، او ان الامر في حالة سوء ظن وراؤه استثمار اكبر كاتفاق مع الامريكان لحلحلة ازمة الخاشقجي والقس والاقتصاد في سلة واحدة ، وربما ان سوء وحسن الظن يشتركان معا في هذه القضية ، ولهذا نرى المغازلة الحميمة الموجودة في المكالمة الهاتفية بين الملك سلمان واردوكان بعد ان كانت بينهم حرب طاحنة على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي تتحول للحديث عن العلاقة المتينة ، وكذلك تصريح ترامب المخفف والمؤيد والموالي للمملكة ، ثم توجه الاعلام الرسمي والممول الى ابتكار سيناريو مقنع للاعلام عن الحادثة ، كما في آخر حديث لترامب عن قوة مارقة لا تعلم بها المملكة ،موجودة في القنصلية وقد سحب السفير السعودي على اثرها ، وكذلك حقائق عن تسجيل صوتي للحادث وهو على ما يبدو محرج لتركيا لكنها تلوح به للسعودية واميركا ، ان تنفذ مطالب اتفق عليها ضمن صفقة القس ورفع العقوبات وزيادة الاستثمار. فكانت النتيجة أن الخاشقجي كائن قابل للتبخير...لا صورة و لا أثر و لا تحقيق و لا ...
في النهاية اقول ، لا حقوق انسانية ولا بطيخ ولا خارجية المانية ولا برلمان بريطاني فهذا تلميع لزيف تلك الحقوق المعطلة ولا منظمات ولا امم متحدة ولا خرابيط ولا هم يحزنون ، فكلها قوانين وهمية تخدم القوي والاغنى حالا ومالا والامر سيتضح في الايام القادمة وهو ان مستقبل آرامكوا اصبح امريكيا بامتياز وحلف الناتو العربي الامريكي كائن لا محال والقدس لم ولن تكون عربية ...
وأجري على الله