هل يوجد حلّ لهذا الإشكال:
تقولون: أنّ ، والمواظبة على التضرّع والإنابة، في أربعين ليلة أربعاء في مسجد السهلة أو ليلة الجمعة فيها أو في مسجد الكوفة أو الحائر الحسيني على مشرِّفة السلام أو أربعين ليلة من أي الليالي في أي محل ومكان ... طريق إلى الفوز بلقاء الإمام المهديّ عليْهِ السَّلام ومشاهدة جماله وهذا عمل شائع، معروف في المشهدين الشريفين ... إلخ
والآن: لو أنّ شخصًا قام بهذا العمل وتحمّل المشاق وتكبّد المتاعب، ثم حظي برؤية الإمام المهديّ (ع) وسأله عمّا يريد من مسائل دينية وغيرها وأجابه عنها، فإنْ أخبر هذا الشخص بما رآه أفتى الفقهاء بتكذيبه ولم تكن رؤياه حجةً عليه في نفسه فضلاً عن غيره.
فلماذا يفتي الفقهاء بتكذيبه بعد أن أغروه بمشاهدته؟!! وهل هذا إلا الكذب والخداع؟!
كيف نحلّ هذا التناقض؟! أفيدونا جزاكم الله خيرًا ...
الجواب:
أولاً: ليس من الضروري انَّ من داوم على العبادة أربعين أربعاء أو جمعة في المواضع المذكورة يحظى برؤية الإمام (ع) فإنَّ هذه الدعوى وإنْ كانت معروفة بين الناس ولكنَّها لا تستند على نصٍّ معتبرٍ عن معصوم، فهي مجرَّد نقولاتٍ يتحدَّث بها الناس لا مستندَ لها، وقد يتَّفق وقوع الرؤية لبعض الأخيار ليس لمداومته فحسب بل لعلَّه لأسبابٍ أخرى مضافاً للمداومة كصفاء نفسه أو تثبيت إيمانه أو يقينه أو غير ذلك من الأسباب، فليس بين المداومة والرؤية ملازمة واطراد. ولذلك لا يصحُّ التعويل على ما ينقله حتى وإنْ احرزنا انَّه داوم على العبادة طيلة المدة المذكورة في المواطن المذكورة لاحتمال انَّ مَن رآه ليس هو الإمام (ع) بعد انْ لم يثبت أنَّ الرؤية حتميَّة لمَن داوم على العبادة في الوقت والموضع المذكورين.
وثانياً: لو أخبر عن الرؤية فإنَّه لا يُكذَّب، ولا يُفتي مشهور الفقهاء بوجوب تكذيبه بمعنى اتَّهامه بالكذب ولكنَّ عدم اتَّهامه بالكذب لا يعني لزوم ترتيب الأثر على ما ينقله، وذلك لاحتمال الاشتباه في حقِّه خصوصاً وانَّه لم تسبق له المعرفة الشخصية بالإمام (ع) فتبقى الدعوى للرؤية على أحسن التقادير في دائرة الظن، والظن ليس بحجَّة إلا في الموارد التي قام الدليل الخاص والمُعتَبر على حجيَّته.
وخلاصة القول انَّ الإساس الذي بُني عليه الإشكال- وهو دعوى انَّ المداومة على العبادة في الوقت والموضع المذكورين يُفضي حتماً للتشرُّف برؤية الإمام الحجة (ع) -غير ثابتٍ بدليلٍ مُعتبَر، ولا يقول بهذه الملازمة أحدٌ من الفقهاء، ولو كان هذا الطريق متاحاً لاعتمده الفقهاء في مقام التعرُّف على الواقع في المسائل الفرعية الخلافية. فنحن في عصر الغيبة الكبرى، والمرجع فيها للوقوف على الأحكام الشرعية هو ما ثبت صدوره عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) بالأسانيد المعتبرة كما دلَّت على ذلك النصوص المتظافرة والموثقة.
واما ما يتمُّ تناقله من تشرُّف البعض برؤية الإمام الحجَّة(ع) في عصر الغيبة الكبرى فهو وإنْ كان ثابتاً في الجملة لكنَّها في مجملها مشاهدات تتضمن قضايا ذات شئونات شخصيَّة أو إخبارات عن أمورٍ جزئية , وأما التصدِّي لبيان أحكامٍ الحلال والحرام وما أشبه ذلك من المسائل الشرعية فليس فيما يتناقلونه- مما يمكن التثبُّت من صدقه -ما يتضمَّن ذلك
المصدر:مركز الهدى للدراسات الإسلامية