الشيخ علي الكوراني
المتفق عليه بين العلماء أنَّ تسميته بالسفياني نسبةً إلى أبي سفيان لأنه من ذريته . كما يُسمىَّ ابن آكلة الأكباد نسبة إلى جدَّته هند زوجة أبي سفيان التي سُمِّيت بذلك لأنها حاولت أن تأكل كبد الحمزة سيد الشهداء رضي الله عنه بعد شهادته في أحد . فعن أمير المؤمنين (ع) قال :
" يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس . وهو رجل ربعة ( أي مربوع ) وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري ، إذا رأيته حسبته أعور . اسمه عثمان وأبوه عيينة ( عنبسة ) ، وهو من ولد أبي سفيان ، حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها ).. (البحار 52 / 205 ).
وفي حديث آخر أنه من ولد عتبة بن أبي سفيان وأولاد أبي سفيان خمسة : عتبة ومعاوية ويزيد وعنبسة وحنظلة . .( البحار : 52 / 213 ).
يعني المفهوم من الروايات أن السفياني شخصٌ ، صحيح أنه يمثل حركة ولكنه شخصٌ يحكم الشام .
وهو من ذرية أبي سفيان وليس حركة أو حزباً بهذا المعنى والمشهور عند الناس أن السفياني يفتك في العراق ، لكن لم أجد ذلك في رواية صحيحة عن أهل البيت (ع) . نعم ورد أنه يقتل جماعة في المدينة المنورة.
وقد ضخَّم الرواة دور السفياني في العراق ، وأصل ذلك من وضع الرواة الأمويين . وقد انتشر ذلك في عصرنا لأن بعض الكتَّاب عن الإمام المهدي صلوات الله عليه ، تبنّوا هذه الروايات ونشروها .
وقد بلغ الأمر أنه عندما كانت بغداد تواجه يومياً عشرين سيارة مفخخة ، اتصل بي أحد المؤمنين يسألني عن السفياني !
فقلت له: الوضع الذي أنتم فيه أشد من السفياني ، لأن السفياني لا يحكم العراق ولا يدخل الكوفة كما يتصور البعض ، فالكوفة تأتي بمعنى العراق وتأتي بمعنى مدينة الكوفة ، والقدر المتيقن أن جيش السفياني قوات محدودة تُسْتَدْعى إلى العراق لحفظ الأمن في منطقة معينة وفترة قصيرة .
الذي يحكم العراق أهله ، والموجة لأهل العراق مستمرة إلى ظهور الإمام سلام الله عليه ، والسفياني له دور محدود في العراق . ولا يبعد أن أهل منطقة يطلبون قوة من خارج العراق لحفظ الأمن فيها .
وبمجرد أن يظهر الإمام المهدي سلام الله عليه ويسيطر على الحجاز يهرب السفياني من العراق وينسحب .
ما مَرَّ على العراق بعد سقوط الطاغية أشد من جيش السفياني، فقد قُتل الألوف من قبل أصحاب السفياني مشايخ الحيوانات المفخخة !
سمعتُ أنهم في سوريا وجدوا مع انتحاري وهابي ملعقة ! قالوا له: سوف تصل وقت الغداء ولا فرصة لأن تجد ملعقة ! فخُذ معك ملعقة حتى تتغدى مع رسول الله(ص). هكذا يربون هؤلاء الأغبياء ، وهؤلاء هم جماعة السفياني ، لكنهم لا يحكمون العراق كما يتخيَّل البعض ، وجيش السفياني هو قوة لحفظ الأمن في منطقة من العراق ، لا أكثر .
وفي بعض الروايات الشريفة أن الإمام(عج) عندما يتوجه إلى العراق ينهزم السفياني أو ينسحب .
ففي غيبة النعماني وتفسير العياشي:1/65وغيرهما من المصادر ، النص الكامل للحديث المهم عن الإمام الباقر(ع) الذي ينص على تسلسل الأحداث في بداية حركة السفياني ، وفيه : ( يا جابر، إلزم الأرض ولا تحركن يدك ولا رجلك أبداً حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة ، وترى منادياً ينادي بدمشق وخسفاً بقرية من قراها ، ويسقط طائفة من مسجدها .إلى آخر الرواية... . . أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : الأصهب والأبقع والسفياني ،الأصهب إسم من أسماء الأسد والأبقع رجل في وجهه بقع يخرج على الأصهب كأنه إنقلاب ، فيظهر السفياني وينتصر عليهما ويأخذ الحكم السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد(ص) وشيعتهم . . .( أعيان الشيعة للعاملي ج2 ص72 ) .
على أيّة حال الشيء القطعي عندنا في مصادرنا عن أهل البيت (ع) ومصادر أتباع المذاهب الأخرى أن من علامات المهدي أرواحنا فداه أن تكون دولة معادية له ولأتباعه مركزها الشام ، وتشمل الأردن وربما قسماً من فلسطين وتكون عدوة لأهل البيت (ع) ، يحكمها السفياني وهو شخصية من بني أمية ومن ذرية أبي سفيان ، ويكون معادياً للإمام سلام الله عليه متحالفاً مع أعدائه.والإمام بعد مکثه في العراق يزحف باتجاه الشام والقدس ويحاربه .
هذا أمرٌ ثابت عند الكل، و منطلقات السفياني نفس منطلقات القاعدة ، الآن اذا رجعنا إلى أوصاف السفياني التي وردت في مصادر السنة والشيعة نجده مثلاً ابن حماد في كتابه الفتن وهو مصدر مهم ويعتبر من أئمة السلفية . إبن حماد يقول لا تكون له مهمة إلاّ العراق وقتل آل محمد ومن إسمه فاطمة وزينب وعلي .
إذن نمط القاعدة هو نفس نمط السفياني، وعندنا نص ينطبق عليه يقول قبل السفياني يخرج مصري ويماني ، أي يسيرون على خطه الناصبي ويمهدون له . فخط السفياني هو هذا الخط التكفيري الذي يكفر كل من خالفه بالرأي ، وعنده حقد خاص على الشيعة .
القاعدة لم تقتل ولا أظنها تقتل يهودياً واحداً ، فهم أعداء للأمريكان لكن لليهود ، لا ! هذه المواصفات الموجودة في خط التكفيريين والقاعدة هي نفسها الواردة في الروايات عن السفياني .
في غيبة النعماني ، عن المغيرة بن سعيد عن أبي جعفر الباقر(ع) قال : قال أمير المؤمنين(ع) : إذا اختلف الرمحان بالشام لم تنجلِ إلا عن آية من آيات الله سبحانه . قيل : وما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال : رجفة تكون بالشام يهلك فيها أكثر من مائة ألف ، يجعلها الله سبحانه رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين . (غيبة النعماني 256).
المصدر:مكتبة الإمام المهدي المركزية