إنه شعب الأربعين..

الإثنين 15 أكتوبر 2018 - 08:21 بتوقيت غرينتش
إنه شعب الأربعين..

عاشوراء – الكوثر: سألت نفسي وأنا أتنقل بين قنوات التلفاز، وهي تنقل السيل البشري، وهو متوجه إلى قبلة الأحرار، كطوفان اجتاح الأرض من كل حدب وصوب، أحقاً زمن المعجزات انتهى؟



كيف ممكن لقضية أن تملك من العمر أربعة عشر قرناً، ومازالت تنبض بالحياة، بل وتتجدد كل يوم؟!


لا تعرف الإنسانية رسالة ممتدة عبر قرون، ومازالت مؤثرة سوى الرسالة المحمدية أولا، والثورة الحسينية ثانياً، وقد ارتبطتا بشكل كبير حد الانصهار والاندماج، فأصبحت الزيارة الأربعينية ربيع الدعوة الإسلامية، وتعمل على تجديد الثوابت الإسلامية الحقة، التي قام عليها الإسلام الحنيف، من نبذ التطرف والتعايش السلمي، وهدم الفوارق بين الناس، والتآخى بين البشر مهما اختلفت ألوانهم وطوائفهم.


قد يعيب البعض ذلك البذخ والبذل، الذي يقدمه خدمة الحسين(ع) وهم يتفننون بطرق تقديم الخدمة للزوار، بدءاً من المأكل والمشرب، وانتهاءاً بتوفير وسائل الراحة، والمبيت للزوار، يعتبره الاقتصاديون إسرافاً وتبذيراً غير مبرر، ولا بد من توجيه تلك الإمكانيات إلى أماكن أخرى.


لكن عند تدقيق النظر لما يجري، نتيقن أن الأمر ليس له علاقة بالماديات مطلقاً، بل تعداها إلى اللامعقولات، وخارج حدود إدراك العقل البشري، فالعراق كبلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وتدهور واضح بالمستوى المعاشي للفرد، أما وضع الدولة اقتصاديا فلا يبشر بالخير، فمن أين هذه الأموال الطائلة؟ التي تنفق لرعاية المسير الحسيني، ليس لنا إلا أن نسلم بالعناية الالهية، التي تقول للشيء كن فيكون.


أما الروحانية العالية التي تعم أجواء المسير، فذلك أمر آخر يطول الكلام فيه وعنه، إذ من المستحيل أن يتجمهر هذا العدد من البشر، في بقعة صغيرة دون أن يحصل هناك نزاع أو احتكاك، ورغم الأعداد المليونية للزائرين، نراهم يواصلون المسير كنهر جار بانسيابية منقطعة النظير.


إنها عادات شعب الأربعين، لن تراها سوى في بلاد الرافدين، ذلك الشعب الذي أذهل العالم بكرمه وعطائه، رغم ماجرى ويجري وسيجري عليه!

رسل جمال