هناك عالم دين قال لا يوجد زيارة أربعين وأن هذه عادات يهودية و أن أصل هذه الزيارة يهودية !!!!ولكن هذا العالم لم يذكر مصدراً واحداً على هذا المدعى .. فقط ألقى الكلام بدون حجة ولا مصدر ، رغم أن هذا ليس اعتراضاً علمياً ، ولكن مع هذا أجاب الكثير من العلماء والفضلاء على هذه الدعوى.
الجدير بالذكر لا يوجد عند اليهود زيارة الأربعين ، مع العلم إن كانت هناك سنة حسنة عند اليهود أو النصارى وعملها المسلمون فليس بالضرورة تحريمها ، بل حتى عند الجاهلية الذين لا يملكون كتاباً ولا رسالة سماوية إن كانت سنة حسنة فليس بالضرورة تحريمها .قال رسول الله صلى الله عليه وآله متحدثاً عن حلف الفضول في زمن الجاهلية : لو دعيت إلى مثله ( حلف الفضول ) لأجبت. وقصة هذا الفضول:
هذه الوثيقة في الجاهلية تطرح قضية الحقوق على الملأ قبل مئات السنين من صدور الوثيقة الانكليزية والفرنسية حول القانون وحقوق الإنسان ، ورغم أنها وثيقة غير دينية فقد باركها وأثنى عليها الرسول الكريم (ص). وحلف الفضول، و كما أجمعت كتب التراث الأدبي إثر التظلم الذي رفعه أحد التجار على أحد رجالات مكة الذي ماطله بثمن بضاعة قد اشتراها منه، فتداعى إثر ذلك نفر من فضلاء مكة وأعانوه على استعادة حقه. بعد هذه الحادثة اجتمع بعض وجهاء قريش في دار (عبد الله بن جدعان) وتعاهدوا على أن لا يدعوا ببطن مكة مظلوماً من أهلها ، أو ممن دخلها من الأغراب، إلا كانوا معه على ظالمه حتى تُردُّ إليه مظلمته.
وفوق هذا وذاك لا يوجد عند اليهود زيارة أربعين للميت أو للشهيد بحسب دينهم.
الدليل الثاني: سيرة المتشرعة منذ ألف واربعمائة عام على وجود تشريع هذه الزيارة
الأحاديث العديدة التي تذكر هذا المعنى منها الحديث: إن السماء بكت على الحسين (عليه السلام) أربعين صباحاً بالدم ، وإن الأرض بكت اربعين يوماً بالسواد ، وإن الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة ، وإن الجبال تقطعت وانتثرت ، وإن البحار تفجرت ، وإن الملائكة بكت أربعين صباحاً على الحسين (عليه السلام).
اتِّفاقُ سائِرِ علماءِ الإماميَّةِ (مذ استشهدَ الإمامُ الحسين(ع) إلى يومنا هذا) وعدمُ تباعدِهِم عن فهْمِ زيارةِ الإمامِ الحسين(ع) في العشرين من صفر من هذا الحديثِ المبارَكِ، حيث فهموا منه زيارة الامام عليه السلام ، وليس زيارة اربعين مؤمناً كما يدعي البعض. من هؤلاء المحققين :
الشَّيخ أبو جعفر الطّوسيّ في التَّهذيب ج6 ص47، فإنَّهُ- رحِمَهُ الله-بعدَ أن روى الأحاديثَ في فضلِ زيارتِهِ المُطلقة، ذكَرَ بعدَها الزِّياراتِ المُقيَّدةِ بأوقاتٍ خاصَّةٍ ومنها يومُ عاشوراء، وبعدهُ روى هذا الحديث(علاماتُ المؤمِن خمْس).وفي مصباح المتهجد ذكر- رحمه الله تعالى- شهرَ صفر وما فيهِ مِنَ الحوادِثِ ثمَّ قال: وفي يومِ العشرينِ منهُ رجوعُ حُرَمِ أبي عبدِ اللهِ(ع) من الشَّامِ إلى المدينة، وورودُ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريّ(رضي الله تعالى عنه) إلى كربلاءَ لزيارةِ الإمامِ أبي عبدِ اللهِ(ع)،فكانَ أوَّلَ مَن زارَهُ منَ النَّاسِ وهي زيارةُ الأربعين.
أقول: إنَّ جابر زارَ الإمامَ يومَ الاربعين، والإمامُ السَّجّادُ(ع) وعقيلةُ الهاشميّينَ والسّبايا زاروا الإمامَ المظلومَ يومَ الأربعين، فزيارةُ الإمامِ السَّجّادِ(ع) يومَ الأربعينِ دليلٌ على الاستحباب، لأنّ الإمامَ معصوم عن الخطأ فكل تصرفاته وما يصدر عنه حكمة وصواب ، ففِعْلُهُ وقولُهُ وتقريرُهُ حُجَّةٌ، ولو لم يكُن يومُ الأربعينِ مُستَحَبّاً لما فَعَلَهُ الإمامُ السَّجَّادُ وعقائِلُ الوحيِ والطَّهارةِ صلوات الله عليهم أجمعين ؟!.
وقال العلاّمة الحلّي في المنتهى كتاب الزيارات بعد الحجّ: يستحب زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر.. ثمّ قال: روى الشيخ عن الإمام أبي محمَّد العسكري (عليه السَّلام) أنّه قال: علامات المؤمن خمس..
ونقل العلاّمة المجلسي في مزار البحار هذا الحديث عن ذكر فضل زيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) يوم الأربعين، ووافقهم صاحب الحدائق في باب الزّيارات بعد الحجّ فقال: وزيارة الإمام الحسين (عليه السَّلام) في العشرين من صفر من علامات المؤمن.
وحكى الشيخ القمي في المفاتيح هذه الرواية عن التهذيب ومصباح المتهجد في الدّليل على رجحان الزيارة في الأربعين من دون تعقيب باحتمال إرادة أربعين مؤمناً.
والشيخ المفيد قال باستحباب الزيارة في العشرين من صفر في كتابه مسار الشيعة، والعلاّمة الحلّي في التذكرة والتحرير، وملا محسن الفيض في تقويم المحسنين )) نقلاً عن مواقع أحد العلماء على الأنترنيت .
والان جاء دورنا أن نسأله كيف اتى برأيه أنه لا يوجد زيارة أربعين وأن هذه عادات يهودية ؟ وننصحه بكل تواضع أن يطلع على روايات أهل البيت علهم السلام فإنها أكثر ثقة من روايات العامة .
المصدر:مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلامية