ذهب جيفارا الوهابية النقيض المطلق لجيفارا الاشتراكية إلى حيث ألقت وسيبقى الوهابيون بلا جيفارا إلى أن يأكل عليهم الدهر ويشرب ويسكر ليبول عليهم أكثر وأكثر!!.
جيفارا الاشتراكية بعد أن شارك في تأسيس كوبا لم يكتف بالنضال ضمن إطار وطني بل انطلق ساعيا لتحقيق ذات الهدف في إطار أممي وضحى بنفسه من أجل هذه الغاية.
وكما يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام «مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَلْيَبْدَأْ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَاأَحَقُّ بِالْإِجْلَالِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَ مُؤَدِّبِهِمْ»، فما بالك بمن نصب نفسه داعية لتحرر الشعوب من الطغاة والطغيان انطلاقا من عاصمة الديكتاتورية والاستبداد في العالمين الإسلامي والعربي!!.
الذي ما انفك يحرض على مواصلة الحرب في سوريا بل ويدعو لتقسيمها ويبارك للقتلة والمجرمين إجرامهم (لأنهم يعرفون ما يفعلون) بينما هو يعيش تحت رعاية نظام يمارس القتل والإجرام وتقطيع الأوصال كجزء من طقوسه اليومية لا شك أنه مصاب بحالة بارانويا وفصام عقلي لم يكن ليشفيه منها سوى تلك الكارثة التي أنزلها به هذا النظام.
هل سمعتم أن النظام السوري استخدم مقاره الدبلوماسية كسلخانة للذبح وتقطيع الأعضاء مثلما حدث للمغدور خاشقجي؟
هل سمعتم أن النظام السوري الذي حاربه خاشقجي حتى النفس الأخير أرسل متفجرات لقتل خدام أو رياض حجاب؟!.
جيفارا الاشتراكية اتفقنا معه أم لم نتفق لم يكن جزءا من تحالف اسسه الاستكبار العالمي مع الصهاينة مع عتاة الرجعية الوهابية.
تحالف بني أساسا على استحمار الشعوب وتجهيلها ودفعها نحو الموت المجاني لتكون كلمة أمريكا هي العليا ورغم قرار قيادة عموم الوهابية بالانسحاب من عدة جبهات إثر الهزائم الثقيلة والخسائر الفادحة التي تلقتها في سوريا والعراق بقي خاشقجي عاقصا قرنيه داعيا إلى مواصلة القتال واستكمال التحالف مع الإخوان!!.
الرجل المعجب بنفسه (وعبقريته) لم يدرك ولم يفهم أن قرار آل سعود التراجع والانسحاب من عدة جبهات وتغيير أساليب التعامل لم يكن بسبب نزعة إنسانية مفاجئة بل بسبب الهزائم المتلاحقة التي مني بها المشروع الوهابي والضرورات التي تملي عدم ارتكاب مزيد من المحظورات (ورب عالم قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه)!!.
انشغل العالم بالطريقة الهمجية البشعة التي تخلص بها آل سعود من خاشقجي متغافلا عن الدور الذي قام به طائعا مختارا لترويج الإجرام الوهابي في العالم بأسره مستفيدا ربما من أصله التركي وبشرته البيضاء وسحنته التي تبدو أقل شراسة وإجراما من أقرانه القتلة ولحيته المهذبة التي تخفي وراءها نزعة إرهابية التي لا تقل سوءا عن بن لادن والظواهري!!.
رحل الرجل عن هذا العالم تاركا وراءه إرثا من الكراهية والتحريض على قتل الشعب اليمني المظلوم والدعوة لتقسيم سوريا فضلا عن مباركته لقتل العالم الشهيد الشيخ نمر باقر النمر لا لجرم ارتكبه سوى مطالبته بحقوق شعب الجزيرة العربية المنتهكة.
العقل الأموي البائس ومحاولة الفرار من المصير المحتوم!!
الصراع بين جناحي، خاشقجي وابن سلمان لا يدور قطعا حول احترام حقوق الإنسان ولا حول حق النظام السعودي في فرض رؤيته على شعوب العالم الإسلامي المغيب عن الوعي بل: على من نواصل إطلاق الرصاص؟!.
يرى جناح ابن سلمان أن الأولوية لتثبيت سلطانه في الداخل في حين يرى جناح خاشقجي جيفارا الوهابية مواصلة إطلاق النار على سوريا وإيران وعموم الشيعة بالتحالف مع الإخوان والأتراك.
وبينما رأى جناح ابن سلمان وابن زايد أن مواصلة الانحناء والدفع لترامب يضمنان لهم البقاء، رأى خاشقجي معاودة إحياء التحالف الوهابي الإخواني الأردوجاني سبيلا ليس فقط للبقاء بل لتحقيق النصر كما صرح في آخر حواراته!!.
كلاهما خيار خاسر حتما وكلاهما خيار الفناء وليس البقاء!!.
لم يعد المشروع الوهابي قادرا على التمدد ومواصلة القتال وآخر أمنياته حرب يشنها نتنياهو أو ترامب على إيران فلعل وعسى تكون هزيمته في سوريا هي آخر الأحزان!!.
ضاع خاشقجي وقطعت أوصاله بسبب جهله وغروره وتشبثه بالأوهام وسيلحق به الوهابيون قتلة حجاج بيت الله الحرام الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.
وكما قتل خاشقجي وقطعت أوصاله فسيجري نفس الشيء على مملكة القتل والإجرام.
(ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) هود 100-102.
إلى الفناء المحتوم!!.
دكتور أحمد راسم النفيس