وأشارت المصادر إلى أن أنقرة لم يساورها الشعور بالقلق على حياة “خاشقجي” في الساعات الأولى لاختفائه؛ ظناً منها أن احتجازه سيكون لفترة مؤقتة، إلا أن الشكوك بدأت تتزايد بعد تواصل تم بين مسؤولين أتراك وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أنكر بدوره الواقعة تماماً.
هنا أدركت تركيا أن أمراً مريباً قد حدث، فتحركت الأجهزة جميعها للتحقيق، ومع صباح اليوم الثالث لاختفاء “خاشقجي” كانت المؤشرات تقول إن الأسوأ قد وقع، وهو ما يعني مقتله.
وطلبت السلطات التركية اليوم، الاثنين، تفتيش القنصلية السعودية ونقل الطلب إلى السفير السعودي في أنقرة الذي استُدعي مرة ثانية إلى مقر الخارجية التركية، كما أوضحت وسائل الإعلام.
وعن موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قالت المصادر، إن الرئيس في حالة صدمة وغضب شديدين، وإن هناك قناعة بضرورة عدم تحدث السياسيين في الأمر إلا بعد صدور تقرير المدعي العام التركي، خوفاً من الاتهام بتسييس القضية، واستغلالها من الطرف الآخر.
وتُرجع المصادر بحسب “عربي بوست” سبب عدم تطرّق أردوغان لحقيقة قتل خاشقجي في حديثه أمس ، الأحد، في أحد مؤتمرات حزب العدالة والتنمية، إلى تلك القناعة، وهو ما جعل كلامه يبدو غير حاسمٍ وربما غير متماسك.
وبحسب المصادر، لولا الضغط الذي مارسه بعض الصحافيين على الرئيس، أمس، على هامش المؤتمر لما تطرق تماماً إلى القضية التي تمثل له إزعاجاً شديداً.
وقال أردوغان إنه لا يزال ينتظر نتائج التحقيقات بشأن اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بعدما أكدت مصادر عدة أنه قُتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وصرّح لصحافيين: “أتابع الموضوع، ومهما كانت نتائج (التحقيق)، سنعلنها أمام العالم”. وأكد الرئيس التركي: “إنه صحافي أعرفه منذ زمن طويل”، معرباً عن “الأسف” لكون اختفائه حدث في تركيا.
وقال أردوغان أيضاً: “لا أزال أنتظر بأمل أرجو الله ألا نواجه ما لا نرغب بحدوثه”.
شهادة مقرب من “خاشقجي”
كما أكدت المصادر أن الأجواء في أنقرة شديدة الاحتقان وعلى كل المستويات، وهذه الواقعة سيكون لها تأثير كبير على العلاقة مع السعودية.
من ناحية أخرى قال مصدر مقرب من الراحل خاشقجي لموقع “عربي بوست”، إن الإعلامي السعودي كان في لندن قبل يوم من واقعة اختفائه، وقد تواصل مع القنصلية للحصول على الورقة، وكانت المفاجأة أن القنصلية السعودية بإسطنبول طلبت منه العودة على الفور في ذلك اليوم، وحددوا له الساعة، فغادر لندن متوجهاً إلى إسطنبول.
كما ألمح تقرير لشبكة NBC الإخبارية إلى فرضية استدراج “خاشقجي” من واشنطن إلى إسطنبول.
الشبكة الأميركية تساءلت لماذا ذهب خاشقجي إلى قنصلية بلاده في إسطنبول على الرغم من إقامته في أميركا، ويمكن أن يتقدم بنفس الطلب إلى سفارة بلاده هناك؟ ثم عادت الشبكة الأميركية تقول إن خاشقجي سعى سابقاً للحصول على الأوراق المطلوبة من السفارة السعودية في واشنطن، لكنه وُجّه لاستخراجها من القنصلية السعودية في إسطنبول.
وتضيف: هذا الأمر أثار مخاوف خطيبته بأن فخاً يدبّر له، وذلك بحسب ما أفاد به أحد أصدقائه.
استجاب خاشقجي للطلب وذهب إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، ثم طُلب منه أن يعود في يوم آخر، وفق ما أفاد به شخصان آخران للشبكة الأميركية.
وأضافا قائلين: “اختفى خاشقجي في اليوم الذي عاد فيه لزيارة القنصلية”.