الشيخ جلال الدين الصغير
بعض الروايات أشارت إلى أنه بعد انتصارالسفياني في معركة قرقيسياء، لن يكون له همّ إلّا العراق، وبعضها تُعنوِن الشيعة كمصداق لهذا الهمّ، ولكن التفاصيل الموجودة في بقية الروايات تشير إلى أنه ربما عنى بالشيعة مناطقهم وليس كيانهم الاجتماعي، وعلى أي حال فإنه سيبقى مدة ربما إمتدت لشهرين كما هو صريح بعض الروايات وهو منشغل بغيرهم، والمراد هنا هو انشغاله ببني قيس الذين يمثلون الحاضنة المعادية للشيعة، وسيبتلون بفتكه ومجازره وسطهم وينهي كيانهم السياسي المعنون في الروايات بقضية عوف السلمي، وفي تقديري فإن مشكلته مع الشيعة ستبتدأ من اقتحامه لبغداد، وللمنطقة المعروفة اليوم بالزوراء واعدامه لثلاثمائة قائد من قيادة الحكومة المستقرة فيما عبّرت عنه بعض الروايات بالبقعة الخبيثة أو المدينة الملعونة وكلها محصورة في منطقة الزوراء المعاصرة أو ما يطلق عليه حالياً بالمنطقة الخضراء، وفي الروايات العامية يشار إلى مقتلة عظيمة في بغداد توصلها بعض رواياتهم إلى 120 ألف قتيل، ولكن في رواياتنا لا يشار إلى ذلك بل يشار إلى عدد قليل يصل في بعض الروايات إلى ما مجموعه ثلاثة آلاف قتيل، ويبدو أن هذا الرقم هو الأنسب كمعدل لطبيعة معاركه ومقدار الوقت الذي سيقضيه.
ولأمر متعلّق فيما يبدو بما يجري في بغداد يصدر من النجف الأشرف موقفاً من قبل أحد كبرائها يستثير حنقه وغضبه فيبعث بجيش إليها، فيستبيح النجف ويتعقّب أنصار وأعوان هذا الرجل المسمّى بعلي على ما نستفيده من بعض الروايات، وتحصل مقاومة وبأشكال متعددة ومن أطراف متعددة، ولكن أخطرها هو نزوع العشائر المحيطة بضواحي النجف لمحاربته فيفتك فيهم فتكاً شديداً، إلا أن ذلك لا يستمر طويلاً ،بل في بعض الروايات يشار إلى أن ذلك سيأخذ ساعة من النهار، ولعل المراد بذلك برهة من النهار وليس الساعة الظرفية المتشكلة من الدقائق الستين.
وعلى أي حال لن يمكث في النجف الأشرف كثيراً، وبعض الروايات تتحدث عن أن مكوثه لن يزيد على ثمانية عشر ليلة، وفيها يهرب جيشه من النجف الأشرف، وذلك بسبب اقتراب جيشي اليماني والخراساني منها، وسيدخلان المدينة في وقت واحد من جهة القادسية ويقرران تعقّبه ويدركانه على مسافة يوم وليلة من الكوفة أي بما يقرب من شمال الحلة وجنوب بغداد، وسيظفران بهزيمة منكرة لجيشه حتى تصف بعض الروايات بأنه لن ينجو من جيشه هذا أحد، وسيستردان الغنائم والسبايا والأسرى الذي كان قد حملهم معه، مع التأكيد على أن هذا الجيش هو جزء من جيشه، ولن يكون فيه السفياني، وإنما أحد قادته، وكل ذلك سيكون قبل الظهور الشريف.
أما فيما يتعلق بواجبات الشيعة لتحصين أنفسهم وعوائلهم، فإن الروايات دالّة على أمور ثلاثة، أولها: أن السفياني ليس منه خوف على النساء بشكل عام، ولا يمنع ذلك وقوع محذور على بعض الخاصة من النساء، وثانيها: وجوب الالتحاق بالمناطق الحاضنة للنصرة أو المهيئة لذلك، وبعض الروايات لا يكتفي بالالتحاق، وإنما يؤكد على ضرورة اقتناء السلاح في حال النزوع إلى هذه المناطق، ومع الدعوة إلى الالتحاق بهذه المناطق فإن ثمة دعوة في المقابل إلى الابتعاد عن المدن التي ستصاب بكوارثه كالكوفة والمدينة المنورة مثلاً، وفي عقيدتي فإن المطلوب فيه أن يكون الإنسان المؤمن المنتظر في المناطق التي تؤهله إلى الانخراط في أي تشكيل من شأنه نصرة الإمام صلوات الله عليه، وما من شك أن مناطق جيش اليماني وهي في تقديرنا وسط وجنوب العراق، وكذا مناطق جيش الخراساني وهي إيران ستكون من جملة أهم هذه المناطق، بالرغم من أن الروايات ذكرت مكة المكرمة أيضاً، وهذه محصورة بمن يستطيع المكوث فيها إلى عهد خروج الإمام صلوات الله عليه ولا علاقة لها بموضوع السفياني وإنما هي متعلّقة بموضوع نصرة الإمام روحي فداه مباشرة، لأن العمل المضاد ضد السفياني قبل الظهور الشريف منحصر بجيشي الانقاذ اليماني والخراساني، وأما العنصر الثالث فهو الابتعاد عن مواجهة السفياني في المناطق التي سيقتحمها، لأنه بلا طائل عملي، ولأن الأصل المطلوب هو بلوغ مناطق نصرة اليماني والخراساني لأنهما من سيهزم هذا الخبيث ويرد عليه كيده.
المصدر:وكالة أنباء براثا