ماذا يحدث... ترامب يهين ويحذر الملك سلمان !!

الأربعاء 3 أكتوبر 2018 - 13:56 بتوقيت غرينتش
ماذا يحدث... ترامب يهين ويحذر الملك سلمان !!

السعودية _ الكوثر: مرة أخرى وبعد ثلاثة أيام فقط، كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إهاناته للملك سلمان بن عبد العزيز، دون أن يتلقى أي ردة فعل سعودية، لا من الحكومة ولا حتى من إعلامها، كاشفا أسرار الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الملك السعودي قبل عدة أيام.

فبعد تهديد الملك سلمان بعدم قدرته على الإحتفاظ بطائراته بدون الحماية الأمريكية وعليه دفع المزيد من الأموال مقابل ذلك، كرر ترامب وفي لقاء مع الناخبين في ولاية مسيسيبي الامريكية تهديده للملك السعودي مجددا مع إهانة معتبرة هذه المرة.

وقال ترامب أمام تجمع انتخابي في ساوثافن، "نحن نحمي السعودية، هل تعتقدون أن السعودية غنية؟ أنا أحب الملك سلمان، إتصلت به وقلت له أيها الملك نحن نحميك، ولن يكون بإمكانك البقاء هناك لإسبوعين من دوننا، عليك الدفع للجيش، عليك الدفع".

وصفق الحضور لقوة ترامب أمام السعودية وإجباره الملك سلمان على حلب ما تبقى من أموال في المملكة، وحتى إذا جف حليب البقرة الحلوب ذبحتها أمريكا لتحضر غيرهم، لأن العبيد كثر في العالم، ولن يقتصر الأمر على آل سعود.

والجدير انه لم يصدر أي اعتراض أو حتى تصريح من السعودية رسميا او اعلاميا على اهانات ترامب المتكررة لملكها خلال الايام الماضية فيما التزمت وسائل الاعلام والصحافة السعودية الصمت المطبق تجاه القضية دون أن تثير أي ضجة إعلامية ولا حصار ولا مقاطعة لسيد البيت الابيض كما حصل مع الجارة المسلمة قطر، أو كما حصل مع كندا عندما خرجت بتصريح عادي عن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية.

وعلق الصحافي نظام المهداوي على تصريحات ترامب ما نصه: "ذلك لأنه لم يسمع اعتراضاً أو احتجاجاً من عبيده قطاع الطرق في مزرعة #آل_سعود فقد كرر تهديده ووعيده وإهانته لملك #السعودية مرتين خلال ثلاثة ايام”.

ترامب: الله وحده يعلم ماذا سيحدث للسعودية بدوننا

ويأتي حديث ترامب في ساوثافن، بعد أيام من تصريحه بأنه مستاء من دعم بلاده للجيوش الغنية مثل السعودية، مشيرا إلى انه أجرى محادثة هاتفية مع الملك سلمان لبحث هذا الأمر فجر السبت الماضي.

وجاءت انتقادات ترامب في كلمة له خلال تجمع انتخابي دعما لمرشحي الحزب الجمهوري في ولاية فرجينيا الغربية، وفي أعقاب انتقاد مماثل وجهه لدول حليفة في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وقال ترامب: "لما نقدم مساعدات لجيوش دول غنية مثل السعودية واليابان وكوريا الجنوبية؟"

وتابع: "سيدفعون لنا. المشكلة هي أن أحدا لا يطالب، وقد أجريت محادثة هاتفية مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لبحث هذه المسألة".

وعن تفاصيل مكالمته مع الملك السعودي قال ترامب: "أنا أحب السعودية وقد تحدثت مع الملك سلمان هذا الصباح حديثا مطولا وقلت له أيها الملك لديك تريليونات من الدولارات ومن دوننا الله وحده يعلم ماذا سيحدث للسعودية بدوننا ربما لا تكون قادرا على الاحتفاظ بطائراتك لأن السعودية قد تتعرض للهجوم لكن معنا أنتم في أمان تام".

واستدرك الرئيس الأمريكي، خلال التجمع الانتخابي ذاته: "في المقابل نحن لا نحصل، على ما يجب أن نحصل عليه، نحن ندعم جيشكم".

ترامب لم يراع الخصوصية تجاه "جمهورية الموز"!

وتعيش السعودية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أسوأ أيامها من كل النواحي، وبالإضافة إلى الفشل الذي تعاني منه الرياض على المستويين الداخلي والخارجي، هناك معاناة خاصة لدى السعودية من طرف ترامب، الرئيس الأمريكي الأول الذي لم يراعِ خصوصية السعودية وكشف أوراقها على الملأ دون أن يخشى شيئاً، ولا يزال حتى اللحظة يكرر الأمر ذاته في تسويق فكرة أن آل سعود مع كل ملياراتهم لا يمكنهم الاستمرار في الحكم لحظة واحدة.

السعودية لا تساوي شيئاً من دون أمريكا، هذا ما أراد قولة الرئيس الأمريكي وتضمّن كلامه نوعاً من التحدي تجاه السعودية مبرهناً للعالم أجمع أن هذا البلد النفطي لا يستطيع الانفكاك عن الحضن الأمريكي، في حين أن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أكد قبل أيام بأن السعودية ليست جمهورية من جمهوريات الموز، في معرض حديثه عن الأزمة مع كندا، والسؤال الآخر هل تستطيع السعودية أن تقول نفس الكلام لأمريكا كما قالته لـ"كندا"؟!.

حرية التصرف الأميركي بكل النفط السعودي مقابل الحماية

واشار الكاتب والمحلل السياسي قاسم عزالدين في مقال نشرته الميادين الى الضغوط التي يمارسها الرئيس الامريكي وزبانيته على السعودي وحليفاتها اللواتي تعتاش على فُتات الدعم الامريكي، وكيف انه يحاول استحلاب المملكة وإيراداتها من الدخل النفطي، لتبقى منصاعة دون اي حراك لتنفيذ ما يطلبه منها سمسار البيت الابيض. 

وقال ما يشير إليه الرئيس الاميركي في خطابه أمام جمهوره في ولاية ويست فرجينا، هو بمثابة إعلان أميركي رسمي عن انتهاء مرحلة أموال "النفط مقابل الحماية". والاقرار بأمر واقع جديد هو حرية التصرف الأميركي بكل النفط السعودي مقابل الحماية.

المرحلة الغابرة في العلاقة بين أميركا والسعودية المعروفة باتفاق "النفط مقابل الحماية"، أقرّها لقاء فرنكلين روزفلت وعبد العزيز على متن الطراد كوينسي في العام 1945. وبذلك ورثت الولايات المتحدة التركة البريطانية في الخليج (الفارسي). وأخذت على عاتقها حماية السعودية من التهديدات الخارجية والداخلية التي يتعرّض لها الحكم.

السعودية لم تسلّم النفط والآبار والمنابع إلى الولايات المتحدة. لكنها سلّمت عائدات النفط على شكل مشتريات السلاح والسلع، وعلى شكل تمويل الخدمات والتيارات السياسية والدينية التي تعارض الهيمنة الأميركية. ففي هذا السياق دعمت السعودية حملات حلف بغداد الذي كان يشبه وقتها ما يدعو إليه جاريد كوشنير باسم "الناتو" العربي لتصفية القضية الفلسطينية. وفي السياق نفسه دعمت السعودية قاعدة اسامة بن لادن في أفغانستان والتيارات والجماعات الأخرى التي لا تُحصى في كل أصقاع العالم.

صيغة الحماية الاميركية مقابل عائدات النفط، بدأت بالاهتزاز أثناء ولاية باراك أوباما الثانية حيث أخذت السعودية في التمادي بدعم الحروب بالوكالة بما يفوق الحاجة الاميركية، ولا سيما في العراق وسوريا واليمن. فالرئيس أوباما رأى أن الولايات المتحدة لا يسعها حماية السعودية من التناقضات التي تهدد انهيارها من الداخل. ولهذا دعا أوباما السعودية إلى تغيير أساليب الحكم، ودعا الحكم السعودي إلى تحقيق إصلاحات داخلية. وتخلّى بذلك عن جانب من الصيغة القديمة، وهو حمايتها من الداخل أيضاً مقابل عائدات النفط.

ترامب يقلب الصيغة رأساً على عقب، في إشارته إلى أن السلاح الذي تشتريه السعودية من الولايات المتحدة والدول الغربية، لا يكفي لحمايتها.

فالسعودية ليست بمأمن مقابل تسليم العائدات إنما عليها تسليم ترامب حرية التصرّف في زيادة انتاج النفط السعودي لتغطية حاجة الأسواق المهددة نتيجة العقوبات على إيران.

السعودية بقرة حلوب

وكان ترامب وصف في إحدى خطاباته إبان حملته الانتخابية قبل فوزه بالرئاسة الأمريكية، وصف السعودية بالبقرة الحلوب، وأنه متى جف حليبها سيتم ذبحها. وذلك في إشارة منه إلى أن السعودية تملك أموالا طائلة. كما طالب الملياردير الأمريكي النظام السعودي بدفع ثلاثة أرباع ثروته كبدل عن الحماية التي تقدمها القوات الامريكية لآل سعود داخلياً وخارجياً.

ويرى مراقبون ان هذه السياسة التي ينتهجها ترامب بمبدأ "ادفع لتبقى" في تعامله مع السعودية فمنذ حملته الانتخابية وهو يقوم بذلك. ففي عام 2016 ايضا أعلنها ترامب: السعودية "لولانا لما وجدت وما كان لها أن تبقى". فخطط الرئيس الأمريكي بهذا الخصوص تبدو أنها قديمة ومازالت قائمة، وها هو يحولها إلى سياسة واقعية.